20-يناير-2024
لبوة قيد الإجلاء

حبست الحيوانات في أقفاص ضيقة ووصلت الحرب لولاية الجزيرة قبل إجلائها

كشف المدير العام ومؤسس حديقة السودان للحياة البرية منصور بابكر عن تفاصيل مروعة أثناء عملية إجلاء الحيوانات من مناطق الاشتباكات، وهي العملية التي بدأت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من منطقة الباقير بولاية الخرطوم.

وأوضح مدير حديقة السودان للحياة البرية لـ"الترا سودان" التحديات والمخاطر التي واجهتهم منذ بداية الحرب في نيسان/أبريل الماضي، وقال إن من أبرزها صعوبة إدارة الحديقة والمحافظة على الحيوانات جراء تهجير الحرب لمعظم العاملين، موضحًا أن مجمل عدد الحيوانات منذ بداية الحرب (23) أسدًا فقدوا منها ثمانية أسود بسبب المرض والجوع.

مدير حديقة السودان للحياة البرية لـ"الترا سودان": كنا مهتمين بتوفير الغذاء للأسود وعملية نقلها لأنها تشكل خطرًا على المواطن في حالة الجوع

في حواره مع " الترا سودان" قال منصور بابكر إنهم في بداية الأمر أطلقوا نداءً من أجل تقديم المساعدة لإجلاء الحيوانات للخارج، وتأخر الرد عليهم. وبالرغم عن ذلك كانوا مهتمين بتوفير الغذاء للأسود ونقلها لأنها تشكل خطرًا على المواطن في حالة الجوع، وطيلة فترة سبعة أشهر الماضية كانوا حريصين على توفير الغذاء في موعده، وظل فريق الحديقة نشطًا في إرسال الخطابات إلى عدد كبير من المنظمات، وبعد أربعة أشهر استجابت منظمة المخالب الأربعة الدولية لإجلاء الحيوانات إلى مكان آمن.

وبشأن الطريقة التي تمت بها عملية الإجلاء، وصف مدير حديقة السودان للحياة البرية العملية بالمهمة الصعبة، لنجاح هذه العملية ظل مدير الحديقة في السودان فترة لعمل إجراءات الترحيل وعند وصولهم ساعة الصفر لعملية النقل واجهوا بعض المشاكل الأمر الذي أجبرهم لتأجيل عملية النقل لحين الترتيب مرة أخرى. وأضاف في تلك اللحظة أصبح وضع الحيوانات سيئًا جدًا بسبب الجوع ونقص الأدوية والخدمات البيطرية، الأمر الذي أدى إلى فقد عدد من الحيوانات قبل بدء عملية الإجلاء.

مدير حديقة السودان للحياة البرية منصور بابكر
مدير حديقة السودان للحياة البرية منصور بابكر

وأشار بابكر إلى أنهم قاموا بالترتيب مع شرطة الحياة البرية بالتعاون مع منظمة "المخالب الأربعة" لتتم عملية إجلاء الحيوانات من الخرطوم يوم 18 تشرين/ نوفمبر الماضي، مشيرًا إلى أنهم قاموا بالترتيب مع قوات الدعم السريع وحكومة السودان لدخول الفريق إلى الخرطوم وإجلاء الحيوانات إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، لافتًا إلى أن الفريق تحرك في الثالثة صباحًا يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، واصفًا العملية بأنها كانت أكبر مخاطرة على حياتهم وحياة الحيوانات، واستغرقت ست ساعات من الوقت للوصول إلى الحديقة.

ويقول المدير العام ومؤسس حديقة السودان للحياة البرية إنهم عند وصولهم إلى الحديقة قاموا بحبس الأسود وعدد من الحيوانات في أقفاص، وخلال دخولهم فقدوا واحدًا من الأسود، وبعدها توجهوا إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وهي النقطة الأولى لاستقبال الحيوانات من الباقير، كما تركوا جزءًا من الحيوانات في مدني والجزء الآخر نقل إلى محمية الدندر الوقعة على الحدود السودانية الإثيوبية.

شرطة الحياة البرية السودانية وحيوانات حديقة السودان للحياة البرية
أجليت الحيوانات بتنسيق إدارة الحديقة مع قوات الدعم السريع وحكومة السودان

وبحسب مدير حديقة السودان للحياة البرية، جاء رئيس الفريق الطبي من منظمة المخالب الأربعة ليطمئن على حالة الحيوانات، وبكل أسف وجد حالة الحيوانات الصحية في مدني أسوأ مما كان، وذلك نتيجة لوجودها في أقفاص ضيقة. مضيفًا أنهم حاولوا عمل أقفاص كبيرة الحجم، ولكن هذه الفكرة لم تكتمل نسبة لانتقال الحرب إلى ولاية الجزيرة.

وعن حالة الحيوانات بعد انتقال الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى حاضرة ولاية الجزيرة، يقول منصور بابكر إن سقوط القذائف في ود مدني جعل الأمر أكثر تعقيدًا، وأشار إلى أنه قام بالتواصل مع مدير شرطة الحياة البرية في ولاية الجزيرة، ولكن الرد كان صارمًا، وقال إن جميع القوة غادرت مدني محافظة على حياتهم. وظل فريق الحديقة أكثر من (10) أيام لا يعرف شيئًا عن الحيوانات. واستمر سعي إدارة الحديقة للتواصل مع أي شخص ليخبرهم بحالة الحيوانات، وقال إنهم نجحوا بعد جهد في التواصل مع شخص بالولاية، واطمأن على حالة الحيوانات، والتي فقدوا منها جزءًا كبيرًا من الطيور والغزلان.

أسد مصاب - إدارة الحديقة
تعرضت الحيوانات لأضرار بالغة نتيجة لحبسها في أقفاص ضيقة بمدينة ود مدني في ولاية الجزيرة

وعن بدء عملية الإجلاء مرة أخرى يشير بابكر إلى أن منظمة المخالب الأربعة تواصلت مع قوات الدعم السريع للمرة الثانية لتنسيق عملية الإجلاء من مدني إلى ولاية كسلا، وطلبوا من الدعم السريع إطعام الحيوانات. وبدأ فريق الحديقة الترتيب مرة أخرى لنقل الحيوانات إلى كسلا بعد موافقة قوات الدعم السريع وحماية الحياة البرية على نقل جميع الحيوانات إلى جهة لتلقي العلاج، وتعود إلى الحديقة بعد هدوء الأحوال.

ويفيد مدير حديقة السودان للحياة البرية بأن منظمة المخالب الأربعة قامت بالتنسيق مع شرطة حماية الحياة البرية وفريق مركز السودان لإنقاذ الحياة البرية لإكمال العملية رقم (3)  بعد الانتهاء من المرحلة التي أطلق عليها اسم "المرحلة المستحيلة"، وهي دخول ولاية الخرطوم. وتكمن المرحلة الثانية في نقلها إلى ولاية كسلا، ومكثت فيها أسبوعًا فقدوا خلالها ثلاث من القطط البرية من جملة أربع قطط، فضلًا عن جميع الغزلان في ود مدني وعدد من الطيور. وقال لـ"الترا سودان" إن جملة الحيوانات التي وصلت كسلا أربعة من الطواويس بالإضافة إلى الأسود.

اسد في قفص
أجليت الحيوانات بالطيران

وبشأن ترحيلها خارج البلاد يقول منصور بابكر إن عملية النقل تمت في يوم 18 كانون الثاني/ يناير الجاري لتلقي العلاج، وسوف تمكث إلى حين انجلاء الأزمة. وأوضح أن عملية الإجلاء تمت جوًا في دفعة واحدة، حيث أجليت (15) من الأسود وتبقى اثنان منهم في ولاية كسلا، كاشفًا عن أن هناك أربع ضباع مصابة، منها ثلاث ضباع تحتاج إلى رعاية خاصة. وأشار إلى أنهم فقدوا واحدًا من الأسود نتيجة لإصابة بطلق ناري في الباقير. ولفت إلى أن عملية الإجلاء كانت للحيوانات آكلة اللحوم فقط، التي وصلت من كسلا إلى سنكات ثم إلى خارج البلاد. وطمأن المدير بأن الحيوانات وصلت بحالة جيدة.

وفي ختام حديثه لـ"الترا سودان" قدم مدير حديقة السودان للحياة البرية منصور بابكر شكره لشرطة الحياة البرية وفريق مركز السودان لإنقاذ الحياة البرية ومنظمة المخالب الأربعة، وكل من ساهم في إنجاح العملية.

تعرضت بعض الحيوانات للقتل خلال الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وهرب بعضها من الحديقة

يذكر أن إدارة حديقة السودان للحياة البرية كانت قد كشفت لـ"الترا سودان" في وقت سابق عن تفاصيل صادمة مرت بها الحيوانات عقب اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتعرضت بعض الحيوانات للقتل خلال الاشتباكات، وهرب بعضها من الحديقة. وقالت إدارة الحديقة لـ"الترا سودان" إن عدد حيوانات الحديقة التي فُقدت بسبب الحرب بلغ (50) حيوانًا، مشيرة إلى أن عدد الحيوانات التي كانت لديهم قبل اندلاع الحرب بلغ حوالي (200) حيوان من مختلف الأنواع، ولكن تبقى لهم (150) من الحيوانات بعد مرور ثلاثة أشهر على الحرب في السودان.

وكشفت الإدارة لـ"الترا سودان" عن عمليات صيد للحيوانات قامت بها قوات الدعم السريع، بجانب هروب عدد من الأنواع نتيجة للأضرار التي تعرضت لها مباني الحديقة الواقعة في منطقة الباقير جنوبي الخرطوم، وهي واحدة من أسخن مناطق الاشتباكات منذ اليوم الأول للحرب في السودان.

بانر الترا سودان