16-ديسمبر-2023
تصاعد أعمدة دخان من الاتجاه الشمالي الشرقي لمدينة ود مدني بولاية الجزيرة.

تصاعد أعمدة دخان من الاتجاه الشمالي الشرقي لمدينة ود مدني بولاية الجزيرة (الترا سودان)

أعلنت العديد من الجهات المحلية والعاليمة، رفضها وتنديدها بهجوم قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة وحاضرتها ود مدني.

وكانت قوات الدعم السريع التي تخوض حربًا ضد الجيش السوداني منذ ثمانية أشهر، قد ابتدرت هجومًا أمس الجمعة على ود مدني والمدن المتاخمة للعاصمة الخرطوم بولاية الجزيرة.

وتسببت الهجمات في حالة فزع وموجة نزوح جديدة من الولاية التي نزح إليها ملايين المواطنين من ولاية الخرطوم والمناطق التي تشهد اشتباكات نشطة بين طرفي الصراع في السودان.

توالت ردود الأفعال المحلية والعالمية على تمدد رقعة الحرب ودخولها للمناطق الآمنة التي فر إليها الملايين من الذين غادروا منازلهم عقب اشتداد الاقتتال في العاصمة الخرطوم

وتوالت ردود الأفعال المحلية والعالمية على تمدد رقعة الحرب ودخولها للمناطق الآمنة التي فر إليها الملايين من الذين غادروا منازلهم عقب اشتداد الاقتتال في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن في كردفان ودارفور غربي البلاد.

وحذرت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، من نقل الاقتتال "للمناطق التي كانت خارج نطاق الحرب والتي هرب إليها المواطنون فرارًا من أتون الحرب المشتعلة وطلبًا للأمان".

ولفتت اللجنة في بيان لها اطلع عليه "الترا سودان" إلى أن الخدمات الصحية وعدد كبير من الكوادر انتقلوا إلى ولاية الجزيرة، كما انتقلت إليها عدد من الخدمات الأخرى، قائلة إن الولاية أصبحت "الملاذ الأول لتخفيف ألم ووجع الشعب السوداني".

ودعت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان "المواطنين في المناطق التي ما زالت آمنة، وكذلك مدن العالم التي تسمح قوانينها بالتظاهر، الخروج وتوضيح رفضها للحرب وفرض إرادة السلام ومطالب الشعب على طرفي النزاع والمجتمع الدولي"، بحسب ما ورد في البيان.

واتهمت هيئة محامي الطوارئ، قوات الدعم السريع بالمبادرة بالهجوم على ولاية الجزيرة، وقالت في بيان عنونته بأنه "حول اتساع رقعة الحرب"، إن تواتر الأنباء التي وصفتها بـ"المفزعة" من ولاية الجزيرة "خلف حالة من الرعب وسط المدنيين أغلقت على إثرها الأسواق والمحال التجارية وبدأت رحلات النزوح إلى ولايات أخرى أبرزها ولاية سنار التى تضاعفت أسعار تذاكر السفر [إليها] في سيناريو مشابه للحالة في الخرطوم في بداية الحرب".

وزاد البيان بالقول: "إننا نذكر طرفي الحرب أنهم موقعين على إعلان مبادئ انساني بمنبر جدة بهدف حماية المدنيين و مراعاة احترام مبادئ القانون الدولي الإنساني الذي يلزم الطرفين بعدم الاشتباك في مناطق تواجد المدنيين وحماية الأعيان المدنية".

وطالبت الهيئة بفتح ممرات آمنة وتسهيل إجلاء المدنيين الفارين من الحرب. ودعت المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية والإقليمية إلى إدانة تمدد رقعة الحرب.

من جانبه دعا حزب المؤتمر السوداني قادة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع إلى "تحكيم صوت الحكمة والعقل وإعلاء المصلحة الوطنية واغتنام الفرص المتاحة حاليًا لإيقاف الحرب"، مشيرًا لدعوة منظمة الإيقاد وتنفيذ مخرجات قمتها الأخيرة حول الشأن السوداني، واستئناف العملية التفاوضية في منبر جدة وصولًا لهدنة طويلة، مؤكدًا أن إطالة أمد الحرب "يفاقم من مخاطر تمزيق وحدة الوطن وترابه".

وعلى الصعيد العالمي، عبرت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد - عبرت عن "قلق بالغ" إزاء التقارير التي تفيد بوقوع هجمات شنتها قوات الدعم السريع على ود مدني، وحثت قوات الدعم السريع على الامتناع عن شن الهجمات، كما حثت جميع الأطراف على حماية المدنيين بأي ثمن. وأضافت في منشور على موقع "إكس": "سيتم محاسبة مرتكبي الإرهاب".

أما رئيس التيار الثوري الديمقراطي بالحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان، فوصف الهجوم على مدينة ود مدني بأنه "غير مبرر"، قائلًا إنه يمثل "انتهاكًا صريحًا لحقوق المدنيين وحمايتهم"، لافتًا إلى أن مدينة ود مدني "تضم الملايين من سكانها والنازحين من الخرطوم وغيرها، والهجوم عليها يأتي بعد النهب الواسع الذي مارسته قوات الدعم السريع ضد سكان الخرطوم ومنازلهم وممتلكاتهم، والقتل والتدمير الكبير الذي الحقته القوات المسلحة بالمواطنين والبنية التحتية عبر طيران الجيش"، حد قوله، لافتًا إلى أن حماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم قضية لا يمكن التغاضي أو الصمت عنها "سواء إن جاءت من الدعم السريع أو القوات المسلحة"، بحسب تعبيره.

وقال رئيس دائرة الاعلام والناطق الرسمي لحزب التحالف الوطني السوداني شهاب الطيب، إن "المحافظة على حياة المدنيين وممتلكاتهم تتطلب عدم توسيع رقعة الحرب، وأن يتم إيقافها باستكمال التفاوض في منبر جدة"، محذرًا من أن "توسيع رقعة الحرب سيؤدي إلى تحويلها إلى صراع شامل"، موضحًا أن ذلك "يخدم مخطط الحركة الإسلامية وداعميها من المجموعات التي ترتبط مصالحهم بعودتها للسلطة"، بحسب منشور له على موقع "إكس" على خلفية هجوم الدعم السريع على مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة.

القيادي السابق بلجنة إزالة التمكين المجمدة صلاح مناع قال في منشور له، إن وصول الدعم السريع إلى مدني "بكل سهولة"، يدل على أن "قادة الجيش الفاسدين يتنفسون كذبًا"، واصفًا قائد الجيش رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بـ"الكذاب الأشر"، مضيفًا في تعليقه على الأحداث "ليس بينكم رجل شجاع يخلص الوطن من شروره".

المتحدث باسم الحرية والتغيير جعفر حسن أيضًا حذر من تمدد رقعة الحرب، قائلًا إن ذلك "يعني فعليًا مزيدًا من المعاناة للذين هربوا من جحيمها طلبًا للنجاة"، مشددًا على أن "الحل الوحيد والمتاح هو تحكيم صوت العقل وعدم السماع للمنادين باستمرارها".

وأدان عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي ونائب رئيس حزب المؤتمر السوداني خالد عمر يوسف "الأفعال التي توسع رقعة الحرب" في السودان، في أعقاب وصول قوات من الدعم السريع إلى تخوم "ود مدني" بولاية الجزيرة اليوم الجمعة.

وقال خالد عمر يوسف في منشور على صفحته الرسمية على "فيسبوك" الجمعة، إن الأفعال التي توسع رقعة الحرب "سواء كانت بالهجوم على ود مدني من قبل قوات الدعم السريع أو بقصف طيران القوات المسلحة لنيالا بالأمس أو باستمرار تبادل القصف المدفعي الذي يصيب المدنيين العزل في العاصمة وغيرها من المناطق المتأثرة بالقتال" – قال إنها "أفعال مدانة بأشد عبارات الإدانة".‏

ودعا خالد عمر يوسف قادة الجيش والدعم السريع إلى "تحكيم صوت العقل"، واعتزال ما وصفها بـ"الفتنة التي لن تبقي ولن تذر"، مشددًا على أنه "لا مخرج من هذه الكارثة إلا عبر الحلول السلمية التفاوضية".

كما أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن "تعليق جميع البعثات الميدانية الإنسانية داخل ولاية الجزيرة ومنها، حتى إشعار آخر"، وذلك بعد ساعات من اشتباكات عنيفة شرق العاصمة "ود مدني" بين الجيش وقوة من الدعم السريع حاولت التوغل داخل المدينة.

وأشار المكتب الأممي في "تحديث عاجل" على صفحته على فيسبوك اطلع عليه "الترا سودان" أمس الجمعة – أشار إلى اندلاع القتال صباح أمس بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في ضواحي "ود مدني" بولاية الجزيرة على بعد (136) كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم.

وأوضح المكتب الأممي في تحديثه أن مدينة "ود مدني" كانت مركزًا للعمليات الإنسانية منذ اندلاع القتال في نيسان/أبريل من هذا العام بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع.

وقال التحديث الأممي نقلًا عن مصادر إن المتاجر والأسواق أغلقت في "ود مدني" بالجزيرة، مضيفًا أن جسر "حنتوب" في مدينة "ود مدني" مغلق جزئيًا ضمن "إجراءات أمنية" من قبل القوات المسلحة السودانية في أعقاب الهجوم.

وتتواصل الاشتباكات العنيفة على تخوم مدينة ود مدني بولاية الجزيرة لليوم الثاني على التوالي، في ظل حركة نزوح واسعة من الولاية وإغلاق للأسواق تخوفًا من أعمال النهب والتخريب، فيما أفاد شهود عيان لـ"الترا سودان" بتحليق الطيران الحربي منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، وسماعهم أصوات المضادات الأرضية التابعة للدعم السريع في عدد من المناطق بولاية الجزيرة.

وكان قائد الفرقة الأولى مشاة بولاية الجزيرة قد أعلن مساء أمس تصدي القوات المسلحة لهجوم قوات الدعم السريع على الولاية، مؤكدًا تكبيد القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأسلحة والعدات، قائلًا إن الجزيرة "دونها الأرواح والمهج"، بحسب ما نقلت وكالة السودان للأنباء.

وأعلن والي الجزيرة المكلف أمر طوارئ بحظر التجوال داخل الولاية للأشخاص والمركبات اعتبارًا من الساعة السادسة مساء وحتى السادسة صباحًا، حاظرًا في الوقت ذاته فتح المحلات التجارية أثناء سريان حظر التجوال، وكافة التجمعات.