06-أبريل-2024
امرأة من جنوب السودان تحمل طفلها (انفصال السودان وتقسيم مساحة الدولة)

تقسيم السودان بإعلان انفصال جنوب السودان (vecteezy)

عقب إعلان انفصال السودان في التاسع من تموز/يوليو من العام 2011، فقد السودان (699,000)  كلم2 من مساحته بعد أن أصبح الجنوب دولة مستقلة بذاتها اختير لها اسم جنوب السودان، بعد عقود طويلة من الحرب.

قبل الانفصال كانت مساحة السودان تبلغ  (2,560,000) كلم2  ليكون أكبر دولة عربية، فيما أصبح الآن الدولة الثالثة بعد الجزائر والمملكة العربية السعودية

قبل الانفصال كانت مساحة السودان تبلغ  (2,560,000) كلم2  ليكون أكبر دولة عربية، فيما أصبح الآن الدولة الثالثة بعد الجزائر والمملكة العربية السعودية بمساحة تبلغ (1,861,000) كلم.

    

وبانفصال الجنوب فقد السودان الكثير من الأراضي الزراعية بجانب الغابات والثروة الحيوانية والبترول، الأمر الذي أضر باقتصاد البلاد بشكل كبير.

بحيث تفاقمت الأزمة الاقتصادية بالتدريج وعلى مر السنوات، تمامًا ككرة ثلج تتدحرج من على سفح جبل مرتفع، حتى أصبحت البلاد تعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة عقب اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة في العام 2018.

يقع السودان في الشمال الشرقي من إفريقيا القارة السمراء، تحديدًا بين دائرتي عرض (8.45) و(23.8) درجة شمالًا، وخطي طول (21.49) إلى (38.24) درجة شرقًا، والسمة الرئيسية التي تميزه هي نهر النيل الذي يتوسطه بجانب روافده، وهو جزء من الشرق الأوسط، وتبلغ عدد ولاياته (18) ولاية، فيما تضم هذه الولايات (133) محلية.

وبشكل عام تأخذ الأراضي السودانية شكل السهل الرسوبي المنبسط، وينحدر قليلًا من الشرق والغرب باتجاه الوسط، فيما ينحدر من جهة الجنوب بشكل كامل باتجاه الشمال. وتغطي المرتفعات 5% من إجمالي مساحة السودان.

ويتميز السودان بتضاريسه المتنوعة من السهول الغرينية، والصحاري، والسافنا الرطبة، وسلسلة تلال التوائية، والجبال البركانية المنعزلة، بجانب الشريط الساحلي على البحر الأحمر.

ويبلغ عدد السكان في القطر بحسب تعداد سكاني أجري بعد انفصال جنوب السودان وتحوله إلى دولة مستقلة (33.419.625) نسمة، ويعتمد الأهالي على الزراعة، بحيث تشير دراسات إلى أن الزراعة تمثل 80% من نشاط السكان في البلاد.

تقسيم السودان والأراضي الزراعية

تشير دراسة للدكتور أيمن عبد الغني حمزة تناولت تأثير انفصال السودان على الاقتصاد، أنه عقب الانفصال فقدت البلاد 27% من المساحة الكلية التي كانت تمتلكها، وبالتالي فقدت جزء من مواردها الزراعية، حيث ذهبت مع الانفصال 25% من الأراضي الزراعية التي كان يمتلكها السودان، وبالرغم من ذلك تبلغ الأراضي الصالحة للزراعة في السودان بعد انفصال الجنوب نحو(150) مليون فدان، ويستغل السودان منها فقط مساحة (30) مليون فدان، أي ما يعادل نسبة 18% من مجمل الأراضي الزراعية.

وأكدت الدراسة أن السودان فقد جزء من ثرواته الغابية، حيث ذهبت 21.2% من المساحات الغابية إلى دولة جنوب السودان الوليدة، فيما احتفظت البلاد بنسبة 78.8% من مساحة الغابات.

مرعى في السودان يحتوى على عدد من الخراف (انفصال الجنوب)
المراعي في السودان والتي تأثرت بشكل طفيف جراء انفصال السودان والتقسيم (istock)

وكانت الغابات تغطي نحو 29% من مساحة السودان الموحد، أي ما يعادل (74.1) مليون هكتار، وتختلف من حيث الكثافة ونوعية الأشجار التي تنمو بها، وذلك اعتمادًا على الظروف المناخية والتربة في كل من منطقة من البلاد. وتتميز غابات الجنوب بالأشجار الضخمة خاصة في المناطق الاستوائية، حيث تنتشر أشجار المهوجني بكثافة، وتقل الأمطار شمالًا حيث يكون المناخ مناسبًا لانتشار غابات الأبنوس والعرديب والهجليج، وتتدرج الأمطار أكثر  في السافنا الغنية والمتوسطة وهو المناخ المناسب لغابات الطلح والهشاب والسلم والسيال بجانب الكتر، وفي أقصى الشمال تشح الأمطار كثيرًا بحيث تسود بيئة صحراوية ويختفي الغطاء الأخضر إلى على جانبي ضفاف النيل.

وجدير بالذكر أن قطاع الغابات في السودان يسهم في الاقتصاد بنسبة 3.3%، ولم يتأثر قطاع الغابات بانفصال الجنوب بشكل كبير، ويعود ذلك إلى أن السودان يعتمد بشكل أساسي على الصمغ العربي والذي يستخرج من أشجار الهشاب والطلح المتواجدة بشكل أساسي غربي  البلاد.

مياه النيل

يتميز السودان بامتلاكه مصادر متعددة من المياه، فبجانب النيل وروافده يمتلك مخزون من المياه الجوفية ، وﺗﻘﺪر ﻛﻤﻴﺔ المياه المتجددة بحوالي (149) مليار متر مكعب في العام.

وتشير الدراسة إلى أن حصة السودان من المياه ستتأثر مستتقبلًا بانفصال الجنوب، حيث ما زالت جنوب السودان تلعب دور المراقب في ضمن دول حوض النيل البالغ عددها (11) دولة بعد انضماها للقائمة عقب إعلان استقلالها من السودان.

وبحسب القانون الدولي يمكن لدولة جنوب السودان الحصول على حصتها من مياه النيل بطريقتين، إحداهما تعتمد على اقتسام حصتها من المياه من دولة السودان، ويتم ذلك بشكل منفرد أو مع مصر، وذلك بالرجوع للاتفاقية التي أبرمت بين كل من مصر والسودان الموحد حول مياه النيل في العام 1959.

فيما يمكن لدولة جنوب السودان أن تطالب بإعادة تقسيم مياه النيل كدولة مستقلة وذات سيادة، باعتبارها واحدة من دول حوض النيل، وستتأثر حصة كل من مصر والسودان من مياه النيل في حال حدوث ذلك.

ومع انقسام الجنوب ذهبت 6.2% من المسطحات المائية الموجودة في السودان الموحد لصالح الدولة الوليدة، فيما احتفظ السودان بنسبة 93.8 % في أراضيه.

المراعي والثروة الحيوانية

تحتل المراعي في السودان مساحات واسعة، حيث تعتبر المراعي الطبيعية هي المصدر الرئيسي لغذاء الحيوان في البلاد، يمتلك السودان مساحات مرعى متنوعة تنتشر في جميع أنحائه، ابتداءًا من الشمال حيث المناخ الصحراوي، وجنوبًا حيث مناخ السافنا الغنية، حيث تبلغ مساحتها حوالي (110) مليون هكتار، وتنتج (62.4) مليون طنًا من الأعلاف الجافة يعتمد عليها 90% من الحيوانات.

الثروة الحيوانية في السودان وتأثرها بانفصال الجنوب وتقسيم المساحة
الثروة الحيوانية في السودان وتأثرها بانفصال الجنوب وتقسيم مساحة الدولة (istock)

ومع انفصال جنوب السودان فقدت البلاد (37626) رأس، وبالرغم من ذلك تشير الدراسة إلى زيادة في نسبة الثروة الحيوانية في السودان من العام 2012 وحتى العام 2018  بمعدل نمو 3.2%.

وأظهرت الدراسة انخفاض في إنتاج اللحوم في العام 2011 مزامنة مع انفصال جنوب السودان، وذلك بجانب انخفاض في إنتاج الألبان والبيض والثروة السمكية في البلاد، إلا أنها عادت إلى النمو مجددًا، بحيث لم يتضرر القطاع بشكل كبير جراء الانفصال.

القطاع الصناعي

تم تصدير أول شحنة  للبترول في السودان في العام 1999، وبحلول العام 2002 شهد الإنتاج ارتفاعًا ملحوظًا بحيث وصل إلى (300) ألف برميل يوميًا، واعتمد السودان بشكل كبير علي صادرات النفط في اقتصاده، حيث وصل في العام 2008 إلى 95.1% من جملة الصادرات، واستطاع الاقتصاد السوداني أن يحقق طفرة في ذلك التوقيت، وتوقفت الأزمات المتكررة والشح المتواصل في المواد البترولية والذي ظل يلازم السودان.

وفي تلك الفترة تقلص العجز في ميزان المدفوعات وحظي الاقتصاد بوجود فائض في الميزان التجاري، وانتقل من كونه اقتصاد زراعي تقليدي إلى اقتصاد قائم على والنفط.

ويشكل البترول المستخرج من جنوب السودان 70% من البترول الذي ينتجه السودان الموحد، بحيث يمثل من 40% إلى 45% من إيرادات الموازنة العامة للبلاد.

وجدير بالذكر أن إنتاج النفط في السودان تراجع إلى (37.354.468) برميلًا عقب انفصال الجنوب، وارتفع في العام 2013 إلى (45.185.815) برميلاً، ما أثر بشكل سلبي على مجمل النشاط الاقتصادي للدولة، وهو ما يمثل الأثر الأكبر في انفصال السودان.

ازداد إنتاج وتصدير الذهب بشكل كبير في السودان عقب الانفصال، وذلك لاعتماد الدولة عليه بدلًا عن الصادرات النفطية

قطاع التعدين

يعتبر الذهب من أهم وأنفس المعادن التي يصدرها السودان، بجانب الفضة والحديد والنحاس والكروم، كما أن للسودان احتياطي كبير جدًا من الذهب والفضة والنحاس واليورانيوم.

وازداد إنتاج وتصدير الذهب بشكل كبير في السودان عقب الانفصال، وذلك لاعتماد الدولة عليه بدلًا عن الصادرات النفطية في سد العجز الذي ألم بالاقتصاد.

وفي المجمل تأثرت مساحات السودان بشكل كبير بعد الانفصال، بعد أن كان في مقدمة الدول من حيث المساحة عربيًا وإفريقيًا، فيما تضرر الاقتصاد بشكل كبير، لا سيما فقدان النفط الذي كان يمثل 95.1% من صادرات البلاد، وذلك بعد أن تكبدت الدولة مشاق عمل منشآت بترولية كاملة.