22-مارس-2024
قوة من الدعم السريع

أصدرت لجان المقاومة العديد من التقارير عن هجمات قوات الدعم السريع في قرى الجزيرة (Getty)

انقطعت الاتصالات في عموم البلاد منذ حوالي شهر ونصف، بما في ذلك ولاية الجزيرة. وفي ظل الإظلام التام للشبكات في العديد من المناطق، زادت وتيرة الانتهاكات بحق المدنيين، ومن ولاية الجزيرة على وجه الخصوص خرجت تقارير متطابقة عن هجمات للدعم السريع على المدنيين في القرى المتناثرة بجميع مناطق الولاية، والتي ما تزال خارج التغطية إلى حد كبير، ويعتمد السكان في بعض مناطقها على أجهزة الأقمار الصناعية، فيما يتم تناقل الأنباء أيضًا عبر المسافرين والنازحين.

لجان مقاومة رفاعة: بالأمس الموافق 21/3/2024 قامت ميليشيا الدعم السريع باقتحام قرية دلوت البحر عقب صلاة التراويح

قرى الجزيرة

أمس الخميس، قالت لجان مقاومة رفاعة إن من أسمتها بـ"ميليشيا" الدعم السريع قامت باقتحام قرية "دلوت البحر" عقب صلاة التراويح، وتم اعتراضهم بواسطة خمسة شباب دون الـ(18) عامًا، و قامت القوة المهاجمة بإطلاق الرصاص عليهم، مما نتج عنه وفاة أحد الشباب وإصابة الأربعة الآخرين.

الهجوم على دلوت البحر ليس الأول من نوعه على قرية من قرى الجزيرة، ويتخوف السكان من الانتهاكات المروعة التي تصاحب اجتياح قوات الدعم السريع لهذه المناطق. وأحصت منظمات إنسانية وحقوقية من ضمنها هيئة محامو الطوارئ، عشرات الضحايا من المدنيين منذ سيطرة قوات الدعم السريع على الولاية عقب انسحاب الجيش منتصف كانون الأول/ديسمبر المنصرم.

وأكدت لجان مقاومة مدني، الخميس، استمرار ما وصفتها بـ"الانتهاكات والجرائم" التي ترتكبها قوات الدعم السريع، والاقتحامات المتكررة للقرى، وذلك في ظل انقطاع شبكات الاتصالات مع عدم استقرار الإمداد الكهربائي والمائي.

هجمات متكررة

وفقًا للجان مقاومة الحصاحيصا، قامت الدعم السريع بالهجوم على قرية تنوب في ريفي طابت، الأسبوع المنصرم، وأضافت لجان مقاومة الحصاحيصا: "مع العلم أن المليشيا قد قامت بنهب وسرقة المركبات وكافة المقتنيات القيمة في المرات السابقة، فإن الهجوم الأخير قامت فيه بنهب دقيق المخابز  ومخزون المحاصيل والأثاث المنزلي وكل ما وقعت عليه أيديهم"، حد قولها.

وتعد ولاية الجزيرة سلة غذاء السودان كونها المركز الزراعي الأكبر في البلاد، الأمر الذي أثار مخاوف حقيقية من مجاعة في موسم العجاف نتيجة لتأثر العمليات الزراعية بالحرب. وكانت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة قد كشفت في تقرير حديث لها أن إنتاج البلاد من الحبوب قد انخفض بالفعل إلى النصف، وأرجع التقرير الانخفاض الكبير في إجمالي إنتاج الحبوب عام 2023 إلى تأثير الصراع الدائر في السودان على العمليات الزراعية من خلال انعدام الأمن، بالإضافة إلى محدودية توافر المدخلات الزراعية وارتفاع أسعارها. وأدى انخفاض الواردات وتعطيل تدفقات التجارة الداخلية إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج.

الاتصالات والوضع الإنساني

انقطاع الاتصالات كما يساهم في إخفاء الانتهاكات بحق المدنيين وزيادة وتيرتها، فإنه أيضًا يعطل التحويلات المالية التي تعتمد عليها الأسر في القرى التي انقطعت معظم سبل عيشها جراء الحرب التي أوقفت الحياة الاقتصادية في البلاد إلى حد كبير. كما تنتشر التقارير عن قيام قوات الدعم السريع بنهب الأسواق والمواد الغذائية، بجانب ممتلكات المواطنين من سيارات وذهب وأموال. وقالت الناشطة الحقوقية نون كشوش في وقت سابق لـ"الترا سودان" إن "مليشيات الدعم السريع" ترتكب جرائم خطيرة بحق المدنيين في أجزاء من ولاية الجزيرة، خاصة المناطق الواقعة جنوب الولاية، وتشمل هذه الجرائم النهب والسرقة والقتل والتهجير.

وكانت قيادة قوات الدعم السريع قد قالت الشهر الماضي إنها تتعامل بـ"الجدية والحسم اللازمين" مع البلاغات والشكاوى بتعرض بعض القرى بمحلية الحصاحيصا بولاية الجزيرة إلى انتهاكات بحق المدنيين، من قبل من وصفتهم بأنهم "متفلتون". وقال الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع في بيان حينها، إن قيادة القوات وجهت فور تلقيها تلك البلاغات، لجنة حسم التفلتات والظواهر السالبة وقيادة القوات بولاية الجزيرة، بـ"التحرك الفوري إلى تلك القرى والتعامل الحاسم مع المتفلتين واستخدام كافة الوسائل التي تضمن أمن وسلامة المواطنين والوقوف على الشكاوى ومعالجتها فورًا"، بحسب ما ورد في البيان.

وعلى الرغم من مرور شهر على تعهدات قيادة قوات الدعم السريع وتفويض لجنة حسم التفلتات والظواهر السالبة، إلا أن الانتهاكات المروعة بحق المدنيين ما تزال مستمرة. والأسبوع الماضي أكدت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان قيام قوات الدعم السريع باغتصاب سيدتين ترافقان أحد المرضى، واغتصاب إحدى العاملات في التمريض بمستشفى الحصاحيصا بولاية الجزيرة.

ويقول ناشطون إن قوات الدعم السريع تستغل انقطاع الاتصالات لحجب جرائم منسوبيها في ولاية الجزيرة عن الرأي العام. والجدير بالذكر أن هذه القوات كانت هي من أمرت فنيي شركات الاتصالات في العاصمة الخرطوم بإيقاف المقسمات الرئيسية، والتي تقع في مناطق سيطرتها.

نجحت بعض شركات الاتصالات في استعادة الخدمة في جميع الولايات الآمنة، وتمت استعادة الخدمة في بعض مناطق دارفور الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ولكن تظل ولاية الجزيرة خارج التغطية حتى الآن، في ظل انتهاكات مستمرة بحق المدنيين، وأوضاع إنسانية بالغة السوء.