لم يخل شهر أو أسبوع أو قل يومًا من العام 2020، من حالة التشاكس السياسي المستمر بين شركاء الحكم، والتي بدأت عقب إعلان تشكيل الحكومة الانتقالية بمكوناتها المختلفة، المدنية والعسكرية، لتبرز العديد من القضايا التي شغلت الرأي العام، وتحتشد وسائل الإعلام بالكثير من التصريحات المثيرة والحادة، بجانب بعض الأحداث المهمة والمؤثرة على حاضر ومستقبل البلاد.
العام 2020، لم يكن مثل كل الأعوام التي مرت على تاريخ السودان، بل أتى في ظروف مهمة، لعمل أول حكومة بعد سقوط نظام الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، "الترا سودان" يجري في هذه المساحة رصدًا للعديد من القضايا والتقلبات السياسية التي جرت في السودان خلال هذا العام.
شهد العام تحقق أول مطالب رئيس الوزراء التي نادى بها، بتسلم حكومته البنك المركزي الذي كان يخضع لسلطة العسكريين
في مطلع العام الجاري بتاريخ 21 كانون الثاني/يناير، شهدت البلاد مطالبة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في حوار تلفزيوني، بتبعية بنك السودان المركزي للحكومة التنفيذية، وحينها كان يتبع لمجلس السيادة، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ما دفع مجلس السيادة الانتقالي للإسراع في تسليمه للسلطة التنفيذية.
أقرأ/ي أيضًا: المرأة السودانية وحصاد 2020
فيما تفجرت الأوضاع بصورة قوية في 4 شباط/ فبراير، مطلع العام الجاري على خلفية لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمدينة عنتيبي في يوغندا، الأمر الذي دعا مجلس الوزراء لإصدار بيان رسمي في 6 شباط/فبراير معلنًا عدم علمه بالخطوة، وأنه لم يتم إخطارهم بها أو التشاور معهم في الأمر.
كلف مجلس الأمن والدفاع السوداني في اجتماع له في شهر آذار/ مارس، رئيس الوزراء، بكتابة خطاب للأمم المتحدة، للحصول على ولاية مجلس الأمن الدولي لإنشاء بعثة سياسية تحت البند السادس لدعم مفاوضات السلام، وإنفاذ الوثيقة الدستورية.
بعد قطيعة استمرت لأكثر من (15) عامًا حدثت أول زيارة رسمية لوزير خارجية أمريكي للبلاد
بعد قطيعة استمرت لأكثر من (15) عامًا، من أخر زيارة رسمية لوزير خارجية أمريكي، زار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الخرطوم في 25 من آب/أغسطس.
وفي 23 من آب/ أغسطس، رفض رئيس لجنة إزالة التمكين الفريق ياسر العطا، الأصوات المطالبة بتفكيك استثمارات وشركات الجيش، ليطالب رئيس لجنة إزالة التمكين، في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر بحل اللجنة.
فيما شهد يوم 31 آب/أغسطس توقيع الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح في منبر مباحثات السلام بمدينة جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان، على اتفاقية السلام بالأحرف الأولى، والتي استمرت المفاوضات فيها لقرابة العام، ليتم التوقيع النهائي في 3 تشرين الأول/أكتوبر بجوبا.
أقرأ/ي أيضًا: رئيس غرفة النقل: لا زيادة في تذاكر الباصات السفرية بعد
وشهد يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر، الحدث الأبرز بإعلان قادة الولايات المتحدة وإسرائيل والسودان في بيان مشترك، توصل الخرطوم وتل أبيب لاتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، فيما شهد ذات اليوم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
ووقع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال عبدالعزيز الحلو، إعلانًا للمبادئ في 4 شهر أيلول/ سبتمبر، وذلك عقب إعلان الأخير مقاطعته لمفاوضات السلام بجوبا. جرى التوقيع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ونص على فصل الدين عن الدولة واتفق الجانبان على ضرورة استئناف المفاوضات، إلا أنه وفي 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، شن عضو المجلس السيادة الفريق أول شمس الدين الكباشي، هجومًا عنيفًا على رئيس الوزراء عقب توقيعه إعلان المبادي مع الحلو، ووصف الخطوة بأنه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، جازمًا بأن حمدوك ليس من صلاحياته توقيع مثل هذا الإعلان مع الحلو.
سيطر حدث وصول قيادات السلام للخرطوم وجدل تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية على الرأي العام لفترة من الوقت
وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر، وصلت قيادات قوى الكفاح المسلح للخرطوم عقب التوقيع على اتفاقية السلام، وجرت اللقاءات الجماهيرية في ذات اليوم بساحة الحرية احتفالًا بوصول وفود السلام.
وفي 3 كانون الأول/ديسمبر، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي قرارًا بتشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية، وأعقب ذلك الكثير من الجدل، ليعلن مجلس الوزراء في 5 كانون الأول/ ديسمبر، رفضه القاطع لطريقة تشكيل المجلس، راهنًا موافقته بقصر صلاحيات المجلس على أنه جسم تنسيقي لحل النزاعات والخلافات.
أقرأ/ي أيضًا: حالتي وفاة في مراكز الشرطة والدعم السريع تفتح أسئلة هيكلة إصلاح قطاع الأمن
وفي 15 كانون الأول/ديسمبر قررت الحكومة الأمريكية، شطب اسم السودان رسميًا من قائمة الدول التي تعدها راعية للإرهاب، فيما شهد ذات التاريخ مطالبة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمجلس الوزراء، الجيش السوداني بتسليم شركاته للحكومة وتحويلها إلى شركات "مساهمة عامة"، وسط جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
في 16 كانون الأول/ ديسمبر تعرضت قوة من الجيش السوداني لكمين من قبل المليشيات الإثيوبية أدى لمقتل ثلاثة جنود وضابط بمنطقة جبل أبو طيور، ما أدى لحشد القوات المسلحة وتقدمها لتحرير الأراضي التي تسيطر عليها المليشيات الإثيوبية لأكثر من (25) عامًا، وبنهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر، لم تعلن الحكومة رسميًا اكتمال تحرير جميع الأراض السودانية على الحدود مع إثيوبيا، إلا أن عدة مصادر أكدت لوسائل إعلام مختلفة استعادة الجيش السوداني لمساحات واسعة من الأراض السودانية، وتبقى منها نحو (17) كلم للوصول لحدود العام 1902 التي تفصل بين البلدين.
وبعد (27) عامًا، في 22 كانون الأول/ديسمبر الجاري، أعاد الكونغرس الأمريكي الحصانة السيادية للسودان.
مرت أحداث العام 2020 ثقيلة وبطيئة وصادمة أحيانًا للسودانيين، بما تحمله من أخبار مقلقة وغير مبشرة عن الشراكة السياسية في الحكومة الانتقالية، التي اختبرت هشاشتها أكثر من مرة، وشارفت على الانهيار، أولًا بالخلاف حول التطبيع مع إسرائيل، وثانيًا بتبعية الشركات الأمنية والعسكرية للحكومة المدنية، مرورًا بحوادث إطلاق النار من قبل القوات النظامية على متظاهرين سلميين بالخرطوم وكسلا ودارفور، وحالات الانفلات الأمني بإقليم دارفور، واعتصامات المدن والقرى التي تعرضت هي الأخرى لهجمات القوات والمليشيات، خصوصًا بقرى ومدن إقليم دارفور، إلى جانب حادثة محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، والتي لم يكشف النقاب عنها حتى اللحظة، على الرغم من مشاركة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي في التحقيق حولها.
الأسبوع الماضي عادت من جديد مظاهر الاعتقالات للمدنيين بواسطة قوات أمنية مجهولة الهوية مدججة بالسلاح، وانبعثت من رماد محرقة النظام البائد حوادث القتل خارج دائرة القانون والخطف والإخفاء القسري والتعذيب في المعتقلات، وهز حادث مقتل الشاب بهاء الدين نوري (45) على يد استخبارات الدعم السريع، وشاب أخر على يد قوى شرطة بأمدرمان، ومحاولات الاختطاف المتكررة لأعضاء لجان مقاومة بمختلف مناطق الخرطوم، هز السودانيين وأثار فيهم مشاعر الغضب وتعالت الأصوات المطالبة بتحقيق العدالة وحل المليشيات وتجريدها من أسلحتها ودمجها في القوات النظامية إصلاح قوات الشرطة ووضع قطاع الأمن بأكمله تحت سلطة الحكومة المدنية.
بات في حكم المؤكد أن قضية هيكلة وإصلاح الجيش والقوات النظامية ستتصدر قائمة مطالب السودانيين في العام الجديد 2021
واجه الرأي العام ما اعتبره العديد من النشطاء ردة إلى أساليب النظام البائد في الترهيب، بموجة عاتية من الغضب، دفعت قوات الشرطة والدعم السريع لإعلان تحفظها على المتهمين في الجريمتين، لكن ما تزال الأيام حبلى بالجديد، والأمر لم ينجلِ بعد، حيث ستتصدر قضية هيكلة وإصلاح الجيش والقوات النظامية قائمة مطالب السودانيين في العام الجديد 2021.
أقرأ/ي أيضًا