أيام قلائل تفصلنا عن وداع 2020، وفيه حصدت المرأة السودانية الكثير من الإنجازات، وبالمقابل شيء من الهزائم. في التقرير التالي يستطلع "الترا سودان" قيادات نسوية وناشطات في مجالات حقوق المرأة وقضايا المرأة السودانية، لمعرفة ما هو حصاد المرأة السودانية في عام السلام والجائحة 2020.
سكرتير عام مبادرة "لا لقهر النساء": التعديلات التي تمت على قانون النظام العام كانت صورية
ما حصيلة النساء في مجال التشريع والحد من ظواهر العنف؟ سؤال طرحه "الترا سودان" على سكرتير عام مبادرة "لا لقهر النساء" أميرة عثمان، ومن جانبها قالت "لا شئ"، وزادت بالقول: "إن التعديلات التي تمت على قانون النظام العام كانت صورية، وما حدث هو حذف كلمة "الزي الفاضح" ولا تزال المنظومة فكريًا وفعليًا موجودة، والنساء ملاحقات في الشوارع بموجب هذا القانون، وتابعت قائلة "فيما يتعلق بمنح الأم إذن اصطحاب أطفالها للخارج، لم يفعل القانون بمناشير توزع على منفذي القرار".
الإصلاحات القانونية.. نقطة في بحر
ووصفت المحامية، وأمينة أمانة حقوق الإنسان والعون الإنساني بنقابة المحامين، نون كشكوش، ما تحقق للمرأة السودانية في 2020 بالنقطة في بحرٍ كبير، وشرحت قائلة، إن التشريعات القانونية الخاصة بقضايا المرأة، بأنها بحاجة إلى مراجعة، وكان قد تم تشكيل لجنة لها في وزارة الشؤون الاجتماعية برئاسة الوزيرة "لينا الشيخ" وجميع ممثلي الكيانات النسوية، بغرض مراجعة وضع المرأة في التشريعات.
اقرأ/ي أيضًا: عام الموت.. أبرز السودانيين الراحلين في 2020
وأشارت كشكوش إلى أن المكاسب المحققة تتمثل في إلغاء قانون النظام العام، الذي كان مرتبطًا بالقانون الجنائي، وجاءت التعديلات في الأخير، مقنعة إلى حدٍ ما، على الرغم مما شابها من تشويهات في الصياغة، ونحن كنساء نطمح إلى إلغاء القانون الجنائي ككل، وكتابة آخر جديد، وفقًا للمعاهدات الدولية والوثيقة الدستورية "التي تنص على عدم وجود تمييز مبني على النوع الاجتماعي" أما بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية، بحسب نون، فأنه قد تم تشكيل لجنة لتقديم مقترح قانوني جديد، يراعي حقوق الطرفين -أي الرجل والمرأة- والمصلحة العامة للعائلة.
وفيما يخص المادة المتعلقة بإذن السفر، قالت نون، إنها مكسب للمرأة بأن يكون من حق أي أم أن تستصحب أطفالها إلى خارج البلاد، لكن، يوجد تعطيل للمنشورات التي تطبق القانون، فالسفر غير مرتبط بوجود الإذن من الأب وحده، إنما باستخراج الأوراق الثبوتية للأطفال.
وأشارت نون في حديثها لـ"الترا سودان"، بوجود مشكلة تتعلق بمتابعة القرارات، وهو الأمر الذي تم رفعه للجهات المختصة. ولفتت نون النظر، إلى قانون تجريم ختان الإناث، كأحد أهم مكاسب 2020، قائلة "ناضلت المرأة لسنواتٍ طويلة، من أجل هذا اليوم. مع ذلك، لدينا رأي في الصياغة القانونية لأنها لا تزال فضفاضة".
تاريخ من المكتسبات
ذهبت القيادية بحركة جيش تحرير السودان-المجلس الانتقالي، عائشة حمدون، بالقول إن أهم ما تحقق للمرأة السودانية 2020 هو السلام، وأردفت قائلة "إذا تحدثنا عن دور المرأة خلال هذا العام، نكون قصرنا في حقها، لما لها من مساهمات وإنجازات، تمتد لعهودٍ طويلة"، وتابعت بالقول، نعلم جميعًا دور المرأة في مناهضة العنف، إبان عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، وظلت تناضل وتكافح من أجل حقوقها، دون تراجع إلى الوراء، ولا ننسى دور أمهات الشهداء، وما قدمنه من تضحيات للثورة السودانية، حيث لم تمنع إبنها من الخروج طلبًا للحرية، بل كانت تدفع بأخوته أيضًا.
اقرأ/ي أيضًا: السودان يودع عام الكوارث.. وكورونا أزمة ملازمة للعام الجديد
وبعد مرحلة سقوط النظام، جاء دورها لتولي المهام السيادية، كمثال حقيبة الخارجية والتعليم. وأكدت حمدون، أن دور المرأة السودانية لا يقتصر عند هذه المهام، بل سافرت إلى جوبا حيث مفاوضات السلام، وجلست جنبًا إلى جنب مع الكبار، وظلت تقاتل إلى حين حصولها على حقها في المجتمع، وتغيير القوانين التي تحط من كرامتها، وتوجد نساء فاوضن باسم النازحين والنازحات وجميع ما يخص قضايا النساء.
حالة إنجاز مستمرة
في ذات السياق، اعتبرت القيادية في الحركة الشعبية-شمال، إشراقة خميس، أن المرأة السودانية في حالة إنجاز مستمرة، فهي الشمعة التي تضيئ الحياة، ومشهود لها بالتفاني والعمل على الرغم من التحديات والظروف القاهرة التي تواجهها يوميًا، وتوجه كل طاقتها في سبيل تحقيق الرفاه من أجل الأبناء والعائلة والمجتمع. وتقول إشراقة إن المرأة السودانية بجانب عملها كأم ومربية، نجدها ولجت ميادين كانت في السابق حكرًا على الرجال، وتحقق الإنجاز كل يوم، على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
إشراقة خميس: المرأة السودانية، الآن، تقود المنظمات وتعمل بكفاءة كبيرة، وهي المحامية والناشطة المدافعة عن حقوق الإنسان
وتابعت قائلة لـ"الترا سودان" إن المرأة قادت العمل النسوي، وتمكنت من الوصول لمراكز صنع القرار، وعملت مع رفيقات النضال من أجل إصلاح القوانين التي تنتقص من حقوقها، كالحق في الأجر المتساوي، وترأست القضاء، متمثلًا في السيدة "نعمات محمد خير"، في وقتٍ كانت فيه النساء محرومات من الحقوق السياسية، في المحيط الإقليمي والعربي، تؤكد إشراقة.
وتابعت بقولها إن المرأة السودانية، الآن، تقود المنظمات وتعمل بكفاءة كبيرة، وهي المحامية والناشطة المدافعة عن حقوق الإنسان، وتحولت لصوت من لا صوت له، فهي بائعة الشاي والأطعمة، التي تخرج من منزلها كل يومٍ فجرًا، لتجلس في هجير الشمس، من أجل لقمة العيش، وفي سبيل إسعاد وتوفير العيش الكريم للعائلة، في ظل تدني الرواتب، التي لم تعد كافية لاستحقاقات الحياة اليومية.
وقالت إشراقة، إن إنجازات المرأة السودانية تراكمية، وما تمخض عنها مؤخرًا، تجلى في ثورة ديسمبر المجيدة، وقيادة النساء للمسيرات ضد النظام البائد، وأدى هذا النضال للتحول الديمقراطي وميلاد الحكومة الانتقالية، التي نادت بالحرية والعدالة والسلام.
وتتابع إشراقة بالقول: "إن أهم المكاسب التي تحققت للمرأة، في 2020 هي الإصلاحات العدلية كإلغاء قانون النظام العام وتجريم الختان ومحاربة ظاهرة زواج القاصرات، وتعزيز حقوق المرأة، تزامنًا مع مراجعة الحقوق الدولية التي تجرم العنف ضد النساء.
وتقول إشراقة في قضية السلام، إن ما شهدته البلاد من حروب ونزاعات، أدت إلى زيادة معاناة النساء، خاصةً في مناطق النزوح واللجوء، في النيل الأزرق ودارفور، حيث تواجدت المرأة في مناطق لا تملك أبسط مقومات الحياة، هنا، كان السلام مطلبًا للمرأة النازحة واللاجئة، لأنه يعني وقف الموت والدمار، والشراكة في عملية البناء، فالسلام يعني للنساء وقف صوت البندقية، ودفع التعويضات المادية والنفسية، وإعادة التوطين والاستقرار، مرورًا بالعدالة الانتقالية والاندماج في المجتمعات.
اقرأ/ي أيضًا: فتيات تحدين الإعاقة ودخلن مجالات "البيزنس"
وتؤكد إشراقة بالقول، إن عملية السلام أفرغت مساحة للمرأة بدايةً من المشاركة في التفاوض، وإيداع الأجندة ومخاطبة قضاياها. ونجد أن أهم المكتسبات في 2020 حصول المرأة على نسبة (40)% في كل هياكل السلطة ومراكز اتخاذ القرار، والعمل على تمكينها سياسيًا واقتصاديًا.
المرأة وكوفيد-19
في سياقٍ متصل، قالت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، سليمى إسحق، إن العاملين في مجال القانون والتشريع، استشعروا أهمية وجود قوانين تحمي النساء، ولقد تمكنَّا عبر النائب العام من تحقيق بعض من المكاسب، خاصةً وأن جزء كبير من المحاكم والنيابات لم تكن تعمل إبان أزمة كوفيد-19 الأولى، وخرجنا بمكسب مهم وهو العمل استنادًا على بيانات ومعلومات دقيقة "الداتا"، حيث تمت دراسات للنساء العاملات في الهيكل الوظيفي غير المنتظم، وهو الأمر الذي منع إغلاق البلاد في جائحة كوفيد-19 الثانية، كما أن حوجة النساء ظهرت للسطح في فترة الأزمات الأخيرة، لأن ثمة نساء في القطاع غير المهيكل لن يستحملن قرار الإغلاق.
سليمى إسحق: ما صدر من قرارات لحماية النساء في أزمة جائحة كورونا، ستدخل ضمن خطط الدولة المستقبلية
وأشارت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، إلى بروز احتياجات النساء خلال الأزمات، والتي لا بد من توفيرها. وأعلنت سليمى، أن التصدي المبكر لمواجهة الكوارث، سيدخل في دراسة المنهج العلمي، لتعليم النشء كيفية التصدي للطوارئ، ومنع العنف القائم على النوع في فترة الكوارث، ولتقوية أجهزة الإنذار المبكر الحقوقية.
وأكدت إسحق، أن ما صدر من قرارات لحماية النساء في أزمة جائحة كورونا، ستدخل ضمن خطط الدولة المستقبلية في الحماية من العنف.
اقرأ/ي أيضًا