24-نوفمبر-2023
مدنيون في احد أحياء الخروم خلال القتال بين الجيش والدعم السريع

مئات الآلاف من المدنيين عالقون في مناطق الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع (Getty)

خبر صغير منشور على "فيسبوك" الموقع الأكثر استخدامًا بين السودانيين عن اختفاء طفلة صغيرة في منطقة جبل أولياء جنوب الخرطوم خلال المعارك بين الجيش والدعم السريع.

يقول عاملون في مجال حقوق الإنسان إن المجتمع الدولي لن يترك الأمور تمضي هكذا دون تدخل لحماية المدنيين في السودان

يقول الخبر المنشور على "فيسبوك" وعلى منصة "مفقود" ذائعة الصيت منذ فض اعتصام القيادة العامة –تلك الفترة التي اختبر فيها السودانيون قضايا الإخفاء القسري لشبان وفتيات كانوا يقودون الاحتجاجات واختفوا في ظروف غامضة– يقول الخبر إن الطفلة لم تعد إلى المنزل ولم يرها أحد في الجوار منذ اندلاع القتال بين الجيش والدعم السريع في تلك القرى المحيطة بقاعدة عسكرية تابعة للجيش في جبل أولياء جنوب الخرطوم.

يتناقل السودانيون منذ بداية الحرب أخبار المفقودين والمختفين قسريًا خلال القتال بين الجيش والدعم السريع منذ أكثر من سبعة أشهر، اختفى خلالها نحو خمسة آلاف شخص قسريًا، أغلبهم –حسب تقرير لمحامي الطوارئ– محتجزون في مراكز تابعة للدعم السريع في العاصمة الخرطوم.

يقول الباحث في مجال حقوق الإنسان أحمد عثمان لـ"الترا سودان" إن الإخفاء القسري يصنف ضمن "الجرائم ضد الإنسانية" ويعرض المتورطين فيه للمحاكم الدولية إن عجزت المحاكم الوطنية عن الوصول إليهم.

https://t.me/ultrasudan

وأشار الباحث الحقوقي أحمد عثمان إلى القلق الذي يساور عائلات المختفين قسريًا في السودان، لافتًا إلى أن بعضهم لم يعد منذ بداية الحرب في منتصف نيسان/ أبريل الماضي، وتعتقد عائلات بعضهم أنهم قتلوا خلال الاشتباكات المسلحة داخل المراكز التي كانوا محتجزين بها.

وتحدث مراسل "الترا سودان" مع العديد من المهتمين بمجال حقوق الإنسان، ويقولون إن جرائم الإخفاء القسري خلال الحرب تعرض حياة الآلاف من المدنيين للخطر، وقتل بعضهم –على الأرجح – رميًا بالرصاص بسبب الشكوك إزاء انتماءاتهم السياسية أو العسكرية، فيما عدوا هذه الحرب "الأسوأ في الإقليم" خلال السنين الأخيرة.

وقال باحث في منظمة دولية تحدث إلى "الترا سودان" –مشترطًا عدم الكشف عن هويته– إن وضع حقوق الإنسان في السودان يصنف ضمن "الأسوأ في العالم" في الوقت الحالي، ويمكن القول إن حقوق الإنسان في السودان "بقعة سوداء" – حسب تعبيره.

ولفت هذا الباحث الحقوقي إلى "غياب الدور المدني الفاعل" للضغط على الأطراف المتحاربة للإفراج عن المفقودين والمحتجزين في السجون والمراكز الأمنية، قائلًا إن الهيئات والمنظمات الحقوقية خاصةً الوطنية ينبغي أن تضطلع بدور أكبر – حسب قوله.

مقابر داخل الأحياء
دفن العديد من المدنيين داخل الأحياء لصعوبة الوصول إلى المقابر الجماعية (Getty)

ولم يتمكن مراسل "الترا سودان" من التواصل مع وزير العدل الذي عين مؤخرًا في بورتسودان مقر الحكومة بعد الحرب للحصول على تعليق بشأن المفقودين والمختفين قسريًا خلال الحرب، إذ قدرت وكالة رويترز عددهم بخمسة آلاف شخص.

وقال الباحث في مجال حقوق الإنسان إيهاب حسن لـ"الترا سودان" إن إعلان جدة الموقع عليه بين الجيش والدعم السريع في 11 أيار/ مايو الماضي ينص على حماية حقوق المدنيين، بما في ذلك الإفراج عن الأسرى من الجانبين والتعامل تعاملًا لائقًا مع الأسرى وتوفير الاحتياجات الأساسية إلى جانب الكشف عن المختفين قسريًا من المدنيين. وأضاف: "لم ينفذ الاتفاق، ولم يفعل المجتمع الدولي شيئًا حيال هذا الأمر"، لافتًا إلى أن العالم ربما انتبه الآن إلى "خطورة الوضع الإنساني في السودان". "ربما تكون المرحلة المقبلة الأكثر تركيزًا على مجال حقوق الإنسان وقد توجه اتهامات إلى بعض الأطراف من المحكمة الجنائية الدولية" – أردف حسن.

وعلى النقيض من مطالب العاملين في مجال حقوق الإنسان بشأن ملف الأسرى والمختفين قسريًا في السودان، لا يمكن الحصول على أجوبة بشأن مصيرهم وما إن كانوا أحياء أم لا.

ويرى أحمد عثمان الباحث في مجال حقوق الإنسان أن عدد المختفين قسريًا ربما يكون أكبر من خمسة آلاف شخص، لافتًا إلى "الإخفاء القسري المتطاول لبعض الأشخاص"، ومشيرًا إلى أنهم جدوا مقتولين في نهاية المطاف في مناطق الاشتباكات أو دفنوا داخل مراكز الاحتجاز في العاصمة الخرطوم.

ولفت عثمان إلى أن منطقة "أردمتا" في غرب دارفور شهدت "فظائع ارتكبتها المليشيات المتحالفة مع الدعم السريع" بقتل مئات المدنيين، في حين بقيت الكثير من الجثث في الشوارع. "لقد كانت المأساة بعينها هناك" – أضاف عثمان. وقال إن الرجال فضلوا الخروج من "أردمتا" في مجموعات صغيرة حتى لا يقتلوا جميعًا. "لقد فكروا في لحظة ما في أن الرصاص يوجه إليهم من كل جانب" – أردف عثمان.

ويقول مراقبون في مجال حقوق الإنسان إن هذه الأوضاع قد تقود البلاد إلى "تدخلات أممية" بغرض حماية المدنيين في ظل "عجز كامل عن توفير الحماية لملايين الأشخاص في مناطق الحرب" – حسب قولهم.

وقال الباحث في مجال حقوق الإنسان إيهاب حسن: "لن يسمح المجتمع الدولي بأن تسير الأمور هكذا، سيتدخل في نهاية المطاف مع استمرار الحرب"، لافتًا إلى أن المدنيين في السودان يواجهون "صعوبة في النجاة من الموت".