22-نوفمبر-2019

ألتراس نادي الهلال السوداني (ريف 22)

لم يكُن بخافٍ على أحد أن العمل في الوسط الرياضي طوالي سني النظام البائد كان قد تحول إلى ما يشبة "مغسلة" السمعة لبعض أصحاب رؤوس الأموال الذين استقطبهم النظام لأجل استغلال جماهيرية نشاط كرة القدم تحديدًا.

الجهل بالقانون جعل من قرار منع مجموعة ألتراس الهلال من دخول الستاد مدعاة للتفكير مليًا في العقل الذي يحكم الهلال إداريًا 

أشرف سيد أحمد المعروف بـ"الكاردينال" ورئيس نادي الهلال كان يعلم بأن سيرته الذاتية لا زالت مُثقلة بإرث "الإدانة" في قضايا تمس الشرف والأمانة بحسب أحكام سابقة وبحسب توصيف النظام الأساسي لنادي الهلال، فاختار لنفسه طريق اختلاق الجوائز والتكريمات التي ينفِق عليها أكثر من إنفاقه على نادي الهلال وطريق التلميع الإعلامي المُستمِر عاقدًا شراكة على الورق بين نادي الهلال ومجموعة شركاته لإنشاء قناة الهلال بغرض إنتاج جديد لسيرته الذاتية في ذهن المتلقي.

اقرأ/ي أيضًا: نادي الحركة الوطنية وحُمى الانتخابات المبكرة

جوائز وهمية وتكريمات دون إنجازات

ومن بنات أفكاره جاءت جائزة سميت بـ"الأوسكار" التي أعلن أنه قد حازها من جهة منظمة معنية بهذا النوع من الجوائز للرياضيين، ومن بنات أفكاره جاءت فكرة تكريمه من قبل ما يسمى باللجنة الاستشارية والتي كونها وفقًا لصكوك الدخول لبيت الطاعة الكاردينالي.

لذلك لم يكُن مدهشًا أن يتم الإعلان عن حفل تكريمه بقاعة الصداقة على الرغم من عدم وجود أي مسوغ منطقي لهذا التكريم سوى رغبته الجارفة في تفادي استعادة الفضاء الإعلامي لذاكرة السُمعة المُلطخة بالاتهامات والتي كان آخرها اتهامات قوية ضده خرجت بها تقارير أمريكية وضعت الرجل على صدر الأخبار مرة أخرى بقائمة تُهم جديدة ليست كالتي استطاع سابقًا الاستعانة على محوها من الأذهان بواسطة رجل النظام الموجود دومًا لمساعدته في مفوضية هيئات الشباب والرياضة.

بقاعة الصداقة وفي القاعة الرئاسية الفخيمة ألتف رموز النظام السابق حول الكاردينال واستعد أعضاء لجنته الاستشارية للتسابُق نحو من سيفوز بأوسكار "حرق البخور" ولم يضع أيًا منهم حسابًا للقوى الثورية في الهلال وقلب مُدرجاته النابض "الألتراس" التي جاءت لتقول كلمتها الفصل وتنادي برحيل الرجل عن ناديها وعشقها ومهد الحركة الوطنية  الرياضية، فهتفت بـ"أرحل يا كاردينال".

هتاف ألتراس الهلال الذي صنع الخبر في فعالية التكريم المصروف عليها ببذخ حتى تنجح أكد بما لا يدع مجالًا للشك أن القطيعة بين الكاردينال والمجتمع الهلالي ما تزال موجودة وتتمدد، وأن الرهان على رموز النظام السابق في إعادة إنتاج سمعة جديدة للكاردينال غير التي صارت راسخة في الأذهان هو رهان خاسر بدليل أن الخبر الرئيس من فعالية التكريم كان هو موقف ألتراس الفصيل الثوري في الهلال من الرجل الذي أقعد النادي في مقابل محاولات فاشلة لبناء شخصية لنفسه أتضح أنها غير موجودة أصلًا لتبنى.

اقرأ/ي أيضًا: كرة القدم السودانية.. الخسائر مُستمرّة

أهداف عكسية في مرمى الكاردينال

وعلى الرغم من أن الكاردينال كان قد حاول في تلك اللحظة الحرجة الظهور بمظهر المتماسِك أمام الهتافات المطالبة برحيلة من الهلال بإدعاء الديموقراطية إلا أن هذا التماسُك لم يصبر كثيرًا حتى يتقاسم المكرمون حوافزهم من الحفل، فانهار بقرار منع مجموعة الألتراس من دخول ستاد الهلال. ولعلها النصيحة التي تقدم بها لاعب الأهلي المصري السابق والإعلامي حاليًا أحمد شوبير والذي جاء كأحد قطع الديكور المًكملة لحفل التكريم الهزلي.

لم يكن الكاردينال يعلم أن شوبير وبعامل السن لم يعد جاهزًا لحراسة مرماه دعك عن إعطاء النصائح كنصيحة منع الألتراس من دخول ستاد الهلال. فكان التفاعل الذي وجده الألتراس بموقفه من كافة القطاعات الهلالية والرياضية وحتى من قضايا الثورة ولجان المقاومة في كل مدن السودان، كان بمثابة أهداف ولجت مرمى الكاردينال الذي يحرسه شوبير.

سوء منقلب القرارات التي يصدرها الكاردينال يعكس السوء في الاستشارات التي ظل يتلقاها ليقدم بذلك الهدايا المجانية لمعارضيه على طبق من ذهب.

الجهل بالقانون جعل من قرار منع مجموعة ألتراس الهلال من دخول الستاد مدعاة للتفكير مليًا في العقل الذي يحكم الهلال إداريًا والمقارنة بين القول الذي جاء به الكاردينال في منصة التكريم بعدم التعرض لمطالبيه بالرحيل وبين القرار الذي أصدره بمجرد خروجه من القاعة الرئاسية.

الألتراس يرُد الصاع

وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. عزم "الكورفا" وخط الاستواء الهلالي في المدرجات جاء بإعلان البروفة التشجيعية لمجموعة الألتراس بنادي الهلال استعدادًا للقاء القمة في الدوري الممتاز، وجاءت معه موجة تضامن غير مسبوقة في الوسط الهلالي ليجد مجلس السمع والطاعة الكاردينالي نفسة مضطرًا للانسحاب من مواجهة الألتراس بإعلان إلغاء قرار المنع من دخول الستاد.

ألتراس الهلال أرسل رسالته للمتحكم في الأمر الإداري في الهلال بأن حناجر المدرجات ليست معروضة للبيع ولا الشراء

ولأن الارتباك هو السمة الغالبة في السلوك الإداري لمجلس الكاردينال في الهلال فقد تزامن صدور قرار إلغاء المنع مع استدعاء الشرطة لمنع قيام البروفة التشجيعية إلا أن مجموعة الألتراس كانت قد نفذت أمرها الجمهوري وأقامت بروفتها التشجيعية استعدادًا للقاء القمة القادم.

ألتراس الهلال أرسل رسالته للمتحكم في الأمر الإداري في الهلال بأن حناجر المدرجات ليست معروضة للبيع ولا الشراء وأن أولياء الدم الهلالي المهدور بالتقصير الإداري لا يزالون عند موقفهم المطالب برحيله إلى الأبد.

 

اقرأ/ي أيضًا

المدينة الرياضية.. صندوق الفساد الأسود!

دولة كرة القدم "العميقة" في السودان