02-نوفمبر-2019

مقر اتحاد عام كرة القدم السوداني (السودان اليوم)

في الظروف العادية للجمعية العمومية التي تأتي بمجلس إدارة جديد لاتحاد كُرة القدم السوداني، ما كان لأكثر المتفائلين توقع أن يكون الدكتور كمال حامد شداد على رأس المجموعة التي تقدمت لإدارة الاتحاد العام، تحت لافتة الإصلاح والنهضة والعكس هو الصحيح أيضًا، لأن الاستثناء في حالة انتخابات الاتحاد العام الأخيرة هو الذي فرض على قائمة الإصلاح والنهضة قبول رئاسة شداد لها.

في الاجتماع الأول أراد دكتور كرة القدم السودانية كمال شداد أن يُذكِر نائبة اللواء عامر عبد الرحمن بانتمائه للحزب الحاكم وقتها

كيمياء غير متجانسة

وصفة الإصلاح والنهضة التي كتبتها المجموعة في ورقة الترشُح لخلافة مجلس الإدارة السابق لاتحاد كرة القدم، كانت تحتاج لكيمياء أكثر تجانسًا من التنافُر الذي ظهر من أول انعقاد لمجلس إدارة الاتحاد العام، ففي الاجتماع الأول أراد دكتور كرة القدم السودانية كمال شداد أن يُذكِر نائبة اللواء عامر عبد الرحمن بانتمائه للحزب الحاكم وقتها. ليقوم الأخير بإرسال أول رسالة في بريد الخلاف الإداري بين أعضاء مجلس إدارة الاتحاد العام، مذكرًا الرئيس بأنه لم يجلس على كرسي الرئاسة استنادًا إلى سمعته وتاريخه، وإنما جاء محمولًا على أكتاف سُلطوية الحزب الحاكم نفسة.

الأستاذية التي ظل الدكتور كمال شداد يتعامل بها في دورات ترأسها سابقًا اعتمادًا إلى فارق الخبرات بينه وبين الآخرين في حين، وضعف شخصية أعضاء اتحاده في أحايين أُخرى. اصطدمت هذه المره بالمسنودين حزبيًا وبتكتلهم في مواجهة الرئيس، لتتم مراجعته في كثير من القرارات التي ترى المجموعة أنه قد تجاوز فيها الصلاحيات الممنوحة له بموجب النظام الأساسي للاتحاد العام.

اقرأ/ي أيضًا: المشهد الرياضي في سودان الفترة الانتقالية

دولة الاتحاد العام "العميقة"

لم تنته معركة تكسير العظام بين الطرفين اللذين خاضا غمار الانتخابات بإلإعلان عن نتيجة صناديق الاقتراع، بفوز المجموعة التي يقودها الدكتور كمال شداد، لأن بأسهم بينهم شديد، فكان أن ألمح رئيس لجنة المنتخبات "حسن برقو" إبان مشاركة المنتخب الوطني في بطولة الشان في المغرب، إلى أياد خفية كانت تعبث بتجربة المنتخب الوطني الودية قبل بداية البطولة، وأشارت أصابعه بشكل مفهوم لرجل الاتحاد العام السابق  وأمين المال فيه أسامة عطا المنان.

عاد الحديث عن أيادي الدولة العميقة في اتحاد كرة القدم عندما حدث تسريب لخطاب معنون من الاتحاد السوداني لكرة القدم إلى الاتحاد الإفريقي (الكاف)، فيه استفسار عن الأموال التي استلمها أمين مال الاتحاد السابق أسامة عطا المنان، ليجد رئيس الاتحاد العام نفسة مضطرًا لتكوين لجنة تحقيق حول هذا الأمر، لمعرفة المسؤول عن إيصال هذا الخطاب لأسامة عطا المنان.

بطبيعة الحال فإن دولة الاتحاد العام العميقة التي انتبه إليها الدكتور كمال شداد مؤخرًا، لم تكُن بعيدة من التشكيلة التي لعب بها هو معركة عمومية الاتحاد الأخيرة، والتي خرجت عن طوق التلميح بتجاوزات الرئيس لصلاحياته، إلى الجهر بها في الصحف الرياضية، متسلحة في ذلك بقراءة دقيقة للنظام الاساسي المُجاز للاتحاد العام.

اقرأ/ي أيضًا: أقباط السودان.. العودة للحياة السياسية من بوابة الثورة

صراع النفوذ هذا كان لابُد من أن يتفجر ويخرج إلى فضاء اجتماع مجلس الإدارة القادم، وهو ما فعلته المذكرة التي دفع بها نائب الرئيس "نصر الدين حميدتي" بعد أن شكل الدكتور كمال شداد لجنة لمتابعة ملف الترحيل في البطولة القومية، الشيء الذي رأى فيه نائب الرئيس تجاوزًا للصلاحيات المنصوص عليها في النظام الأساسي لاتحاد كرة القدم السوداني، يُضاف إلى (15) تجاوزًا آخر، ترى المذكرة أن الرئيس قدد تورط فيها ولابد من حسمها عبر سُلطة اجتماع مجلس الإدارة.

الدولة جزء من الأزمة

من يعرف طبيعة رئيس الاتحاد العام لكرة القدم السوداني، سيعرف أنه ليس من السهل عليه أن يتواضع لكائنًا من كان، دعك عن أن يتفاكر مع مخالفيه في أمر يخص كرة القدم السودانية، وبالتالي لم ولن يكون من ضمن أجندة شداد التنسيق مع وزارة الشباب والرياضة لتدارُك ما قد يترتب على أي قرارات تُصدرها بشأن نشاط كرة القدم.

عاد الحديث عن أياد الدولة العميقة في اتحاد كرة القدم عندما حدث تسريب لخطاب معنون من الاتحاد السوداني لكرة القدم إلى الاتحاد الإفريقي

وقد يقول قائل أن الولاية على نشاط كرة القدم في السودان هي للاتحاد الذي يترأسه الدكتور شداد كما نص على ذلك النظام الاساسي للاتحاد الدولي، إلا أن الواقع يقول أن الاتحاد العام وبعلم رئيسه ظل متنازلًا عن جزء أصيل من مسؤولياته لمفوضية هيئات الشباب والرياضة، التي كانت تُفتي كيف ما تشاء وفقًا للصلاحيات المنصوص عليها في قانون هيئات الشباب والرياضة، فلا هو مارس ولايته على النشاط بالأصالة، ولا سيكون معفيًا من أي قرارات قد يصدرها الاتحاد الدولي (الفيفا) قد تصل إلى حد تجميد نشاط كرة القدم بالسودان بسبب قرارات اصدرتها الوزارة.

 

اقرأ/ي أيضًا

في الرياضة السودانية.. المال يهزم القانون

دوري السيدات لكرة القدم.. انطلاقة واعدة رغم التحدّيات