18-يوليو-2020

طلاب الشهادة (التغيير)

دفعت الباحثة في مجال التعليم الكاتبة والمدونة ميسون النجومي، بمقترحات جريئة لإلغاء امتحانات الشهادة الثانوية والأساس، والاستعاضة عنها بإجراءات جديدة لقياس قدرات الطلاب لقبولهم في الجامعات تحت إشراف الكليات بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والوزارات المعنية بمعرفة احتياجات سوق العمل، وبررت النجومي دعوتها لإلغاء الامتحانات في البلاد، نسبةً للصرف المالي المتزايد عليها، وضعف الجدوى الاقتصادية والاجتماعية منها.

النجومي: أهم عنصرين في التعليم هما المعلم والطالب، أما بقية العناصر فهي داعمة ويمكن الاستغناء عنها 

لكن مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي عمر القراي، يستبعد تنفيذ هذه المقترحات في السودان، مشيرًا في تصريحٍ لـ"ألترا سودان" إلى أن المركز القومي للمناهج والبحث التربوي "بخت الرضا"، طرح هذه الخطط قبل سنوات، ويحتاج تنفيذها إلى ثورة في البنية التعليمية في البلاد قد تستغرق مئتي عام لتنزيلها على أرض الواقع.

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة السودانية ما بعد كورونا

ومع تعدد الجامعات السودانية والكليات الجامعية، يعاني سوق العمل في السودان من شح الكوادر المدربة على الأعمال الحرفية والفنية، وذلك لأن الغالبية العظمى من الطلاب والطالبات، يفضلون ارتياد كليات علمية لدراسة الطب والهندسة، ويضطر الآلاف للعمل في مهن لا علاقة لها بمجالهم.

وتعتقد وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي انتصار صغيرون، أن إحصائيات البطالة في السودان  مقلقة للغاية، وأشارت في ندوة صحفية في شباط/فبراير الماضي، إلى أن كليات الطب في السودان (32) كلية، يتخرج فيها الأطباء والكوادر الطبية، ويضطرون للعمل في سيارات الأجرة و"التوك توك" أو "الركشة"، مطالبةً بتخفيضها ورفد سوق العمل بما يتناسب مع التطلعات التنموية والاقتصادية للبلاد.

ميسون النجومي
ميسون النجومي

وتتسق تصريحات وزيرة التعليم العالي مع ما ذهبت إليه الناشطة في قضايا التعليم ميسون النجومي في مقطع فيديو مباشر على حسابها الشخصي في فيسبوك مساء الجمعة، حيث ذكرت النجومي أن "امتحانات شهادتي الأساس والثانوية ليست مقياسًا عادلًا لمعرفة قدرات الطلاب، مستدلةً على ذلك بإحراز بعض الطلاب نسب عالية لارتياد الكليات العلمية بالاعتماد على مادتي التربية الاسلامية واللغة العربية، والحصول على درجات متدنية في المواد العلمية التي هي من صميم هذه الكليات".

وقالت: "عندما جلست لامتحانات اللغة الإنجليزية في الشهادة الثانوية أبلغني المعلم ضرورة إيجاز الإجابات، وذلك لأن مصححي الأوراق على عجالة من أمرهم ولا يفضلون مراجعتها بشكل دقيق، وبالتالي تصبح الامتحانات نوعًا من الشكليات لا الغاية الأساسية منها وهي تجهيز كوادر مؤهلة لسوق العمل في السودان".

اقرأ/ي أيضًا: "الدعم السريع" تعلن عن إيقاف مرتزقة في طريقهم إلى القتال في ليبيا

وأضافت: "هناك طلاب مهووسون بالمواد العلمية و يحرزون نتائج كبيرة، ومع ذلك يفشلون في الامتحانات لأنه نظام تقليدي، وبعض الطلاب يدرسون في مدارس إنجليزية ويحصلون على درجات أقل في امتحان اللغة الإنجليزية بسبب تعقيدات الامتحانات".

القراي: المقترح طرح قبل سنوات بواسطة بخت الرضا وتنفيذه صعب لأنه يحتاج إلى تغيير بنوي على النظام التعليمي بإشراك كافة الجهات المهتمة 

ودعت النجومي إلى إعطاء الأولوية للطالب والمعلم بدلًا من منح الأولوية للمدارس ومدرائها والقاعات والصرف على طباعة الامتحانات وتأمينها بميزانية تقدر بملايين الدولارات لتجهيزها، وقالت: "خبراء التعليم في العالم لديهم اعتقاد أن أهم عنصرين في التعليم هما الطالب والمعلم، وبقية العناصر تعتبر عناصر داعمة".

وطالبت النجومي بإطلاق ثورة تعليمية بناءً على الثورة الشعبية بواسطة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي لتنفيذ الإصلاحات مع الوزارات الأخرى لمعرفة احتياجات سوق العمل.

 وتابعت: "إذا كانت الحاجة لكوادر زراعية، يمكن تجهيزهم خلال خطة خمسية والانتقال مثلًا إلى التكنولوجيا وتجهيز الطلاب لسوق العمل في هذا المجال" .

وترى ميسون النجومي أن وضع مشروع تعليمي كفيل بتجهيز الكوادر المدربة لسنوات بدلًا من السير في النظام التقليدي لامتحانات الشهادة الثانوية والأساس في ظل شح الوظائف التي توفرها الدولة للخريجين من الجامعات.

وتؤكد النجومي أن المرحلة الثانوية هي مرحلة صقل حياة الطالب لا التركيز على الامتحانات فقط، لأنها مرحلة التحول إلى سن الرشد، وينبغي تقديم الطالب للمجتمع وسوق العمل كشخص ناضج يمكن الاستثمار فيه.

وأبانت النجومي أن النظام الجديد الذي تقترحه هو وضع امتحانات قبول لطلاب الشهادة الثانوية في الجامعات بإجلاس الطلاب في كليات العلوم الإنسانية لامتحانات الرياضيات واللغة العربية، شريطة أن يكون بإمكانه كتابة مقال كامل وتلخيص ما يقرأ في المكتبة بشكل جيد باللغة العربية، أما بالنسبة للغة الإنجليزية؛ فيمتحن الطالب في كتابة نتائج بحثه على الإنترنت باللغة الإنجليزية.

القراي
القرّاي

وفيما يتعلق بطلاب المساق العلمي، أوضحت النجومي أن امتحان القدرات يكون باختيار الطلاب الذين يحق لهم دراسة الكليات العلمية، مع ضرورة التنسيق مع الدولة لمعرفة احتياجات سوق العمل. 

واعتبرت النجومي امتحانات شهادتي الأساس والثانوي غير عادلة لمعرفة قدرات الطلاب، وعدتها صرفًا طائلًا للأموال بلا جدوى اقتصادية واجتماعية منها، وطالبت بمنح الأولوية للمعلم بتوفير امتيازات السكن ورفع الرواتب.

بينما يرى مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي عمر القراي، في حديث لـ"ألترا سودان"، أن مقترحات النجومي ليست جديدة وطرحت قبل سنوات من إدارة "بخت الرضا" لتغيير نظام التعليم في السودان، لكن البلاد تعرضت إلى تقلبات سياسية واقتصادية جعلت من الصعب تنفيذ هذه المبادرات.

 ويضيف قائلًا: "إذا قررنا إنزالها على الأرض نحتاج إلى توافق جماعي عبر مؤتمر عام عن التعليم تشارك فيه كل الجهات المسؤولة في الدولة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع لتأسيس نظام تعليمي يتناسب مع سوق العمل".

اقرأ/ي أيضًا: المبتعثون للخارج.. ظروف قاسية والتعليم العالي: الأزمة في طريقها للانفراج

وردًا على سؤال "ألترا سودان " عن إمكانية تنفيذ المبادرة، شدد القراي على أن التنفيذ لا يمكن حاليًا لصعوبة الأمر وقال: "نحتاج مئتي عام على الأقل لتطبيق النظام المطروح بواسطة المهتمين بالتعليم، لأنه يدعو إلى تغيير بنيوي للتعليم وإلغاء النظام التعليمي الحالي".

القراي: تطبيق النظام المقترح يحتاج إلى تحسن الاقتصاد وشبكة المواصلات ورفع قدرات سوق العمل لاستيعاب القادمين من النظام التعليمي الجديد

وتابع: "لا أستطيع أن أدلي برأيي الشخصي حول المقترح، لأن تطوير التعليم أو تغيير بنيته لا يعتمد على آراء الأشخاص، ولا بد من إشراك جميع الأطراف في الدولة والمجتمع والمنظمات غير الحكومية".

ويشير القراي إلى أن تطبيق النظام المقترح يحتاج إلى تحسن الاقتصاد وشبكة المواصلات ورفع قدرات سوق العمل ليكون في مستوى التطلعات لاستيعاب القادمين الجدد من النظام التعليمي الجديد.

اقرأ/ي أيضًا 

إثيوبيا تتراجع عن تصريحاتها بملء سد النهضة ومجلس الأمن مستعد للنظر في الخلاف

جوبا.. البعثة الأممية تدين مقتل اثنين من موظفيها وتطالب بتحقيق العدالة