دفعت "حرب المسيرات" التي تحلق فوق سماء مدن السودان الآمنة، المزيد من المواطنين إلى النزوح، حيث وصلت العمليات العسكرية من هذا النوع إلى أربع عمليات خلال (25) يومًا في نيسان/أبريل الجاري.
حرب المسيرات بدأت من مدينة عطبرة بولاية نهر النيل مطلع نيسان/أبريل الجاري، ثم امتدت إلى القضارف منتصف الشهر، ومن بعدها عادت مرة أخرى إلى نهر النيل، وهذه المرة في شندي المدينة الحدودية مع العاصمة الخرطوم شمالًا، فيما حلقت طائرات بلا طيار في منطقة مروي كآخر مدينة شهدت مثل هذه العمليات خلال هذا الشهر، الذي يمكن أن يطلق عليه مراقبون "شهر حرب المسيرات في السودان".
باحثة: صمت قيادة الجيش في حرب المسيرات يزيد من قلق المواطنين
وتعتبر حادثة مسيرة عطبرة في الثاني من نيسان/أبريل الجاري الاسوأ على خلفية مقتل (12) شخصًا كانوا في صالة مناسبات أثناء إفطار جماعي لكتيبة البراء بن مالك التي تقاتل مع الجيش. ولم تعلن جهة مسؤوليتها عن الحادثة حتى الآن.
قام عماد بتعبئة السيارة التي تقل عائلته بالوقود بقيمة (600) ألف جنيه، ما يعادل (400) دولار أمريكي، حيث قرر مغادرة ولاية نهر النيل على الرغم من عدم تأثر منطقته بالمسيرات، لكنه بات قلقًا من وصول الحرب إلى هنا، يقول لـ"الترا سودان".
بشكل مؤقت يضع عماد مدينة هيا مرحلة أولى للبقاء إلى حين البحث عن سكن في بورتسودان في مرحلة لاحقة، على أن يغادر إلى خارج البلاد إذا ما تمكن من تحديد خياراته.
يضيف: "في الطريق البري بين عطبرة وبورتسودان تشعر أنك كلما بعدت تبتعد من الحرب و تتركها وراءك. الناس لا يملكون قدرات مالية أو نفسية لمواجهة القتال في مناطقهم؛ إذا لم يغادروا مصيرهم سيكون الموت. إن هذا التوجس لا يفارقهم أبدًا".
مدن هيا وسنكات وبورتسودان شرق البلاد مرورًا إلى دنقلا ووادي حلفا وكريمة شمال السودان أصبح الوصول إليها أملًا لبعض المواطنين طلبًا للأمان، فالحرب التي تدخل عامها الأول خلال هذا الشهر وخلفت مقتل (14) ألف مدني ونزوح (8.6) مليون شخص داخليًا وخارجيًا ووضع مصير (25) مليون شخص على حافة المجاعة.
في هذه المدن التي تعرضت إلى إهمال لسنوات، يكافح النازحون لنسيان مرارة الحرب رغم قلة البدائل وعدم توفر فرص العمل وارتفاع إيجارات المساكن أو البقاء في مراكز الإيواء جميعها بالنسبة حلول قد تقيهم من القتال وآثاره.
وتقول سوسن عبد الكريم الباحثة الإجتماعية في منظمة دولية لـ"الترا سودان"، إن سقوط المسيرات في بعض المدن الآمنة تدخل القلق في نفوس المواطنين وتجعلهم يشعرون وكأن الحرب تقترب منهم.
وتضيف عبد الكريم: "الحرب بالنسبة للمواطنين في السودان مرتبطة بهجوم الدعم السريع على المدن الآمنة واستحالة الحياة فيها لأنك في نهاية المطاف قد تردى قتيلًا برصاص هذه القوات، والعائلات أيضًا تخشى على الفتيات من عمليات الاغتصاب التي تقوم بها هذه القوات".
وتقول سوسن عبد الكريم إن الجيش لم ينقل التطمينات إلى المواطنين في المناطق التي شهدت حوادث مسيرات بشكل كاف يجعلهم قادرين على استئناف نشاطهم في الحياة بصورة طبيعية دون خوف أو قلق.