12-يوليو-2020

عملة سودانية (middleeastmonitor)

رغم تنفيذ الحكومة زيادة الرواتب للقطاع العام بنسبة (500) % منذ أيار/مايو الماضي، إلا أن القلق لا يزال يسيطر على العمال من عدم وفاء وزارة المالية بالأجور على المدى الطويل، فيما يحذر محللون اقتصاديون من ابتلاع التضخم للرواتب في ظل الصعود المتوالي للأسعار والخدمات يوميًا، وشح مؤتمر شركاء السودان في تقديم مساعدات كبيرة.

متحدث المالية: الارتباك الذي ظهر الشهرين الأولين في تنفيذ الأجور الجديدة كان بسبب عدم وجود نظام في الولايات، والتي تعاني من خلل كبير في الهيكل الراتبي

في أيار/مايو الماضي، أعلن وزير المالية المستقيل حديثًا إبراهيم البدوي، عن زيادات في الأجور للقطاع العام بنسبة (500) % وهي ليست زيادات مجانية، بل تتبعها إصلاحات اقتصادية بتخفيف الحكومة لدعم السلع الأساسية مثل الوقود والخبز والكهرباء والأدوية، وصفها اقتصاديون بـ"الصدمة"، كونها تضاعف الأسعار بشكلٍ جنوني، لكن المعضلة التي تواجه الحكومة حاليًا أنها تجد صعوبة في تدبير نفقات الاستيراد لهذه السلع بالعملة الأجنبية، وذلك لعدم انتظام عائدات الصادر.

اقرأ/ي أيضًا: ياسر عرمان: جئت إلى لخرطوم بحثًا عن السلام لا المناصب

وتبرر الحكومة زيادة الأجور بتحويل الأموال التي كانت تخصص للدعم إلى الأجور والقطاع العام الذي تعثر في مجاراة التضخم المرتفع بنسبة (114) % حتى أيار/مايو الماضي، حيث تستورد الحكومة السلع الأساسية سنويًا بثلاثة مليارات دولار، فيما تبلغ زيادة الأجور للقطاع العام (80) مليار جنيه.

ضاعف الإغلاق الكلي الذي تزامن مع زيادة الأجور للقطاع العام من عدم اليقين لدى القطاع حول عدم إمكانية وزارة المالية الوفاء بالأجور لشهور عديدة، خاصةً في ظل عدم وجود مصادر أموال حقيقية بمعزل عن طباعة المزيد من النقود.

وزير المالية السابق إبراهيم البدوي
وزير المالية السابق إبراهيم البدوي

لكن المتحدث الإعلامي بإسم وزارة المالية غازي حسين، يعتقد في تصريحٍ لـ"ألترا سودان"، أن المالية قادرة على الالتزام بسداد الأجور، ونفذت شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو بدفع الرواتب للقطاع العام في جميع الولايات، وهناك بعض المؤسسات في الولايات مثلًا في شركات الكهرباء وهيئة المياه تواجه خلل داخلي بسبب الهيكل الوظيفي، لأن النظام السابق كان يوظف كوادره في هذه المؤسسات.

ويشير حسين إلى أن ديوان شؤون الخدمة أعد دراسة وافية عن زيادة الأجور وطرق سداد تعويضات العاملين في الدولة بشكل منظم، موضحًا أن الحكومة لم تذهب في هذه الإجراءات دون ضمانات حقيقية تعلمها جيدًا لتغطية الأجور على المدى البعيد.

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة السودانية ما بعد كورونا

ويرى متحدث وزارة المالية غازي حسين أن الشهرين الماضيين حدث ارتباك بسبب عدم جاهزية بعض الولايات في إعداد الهيكل الراتبي للعمال، لكن أغلبها نفذته وسلمته إلى وزارة المالية التي تعتزم وضع نظام جديد للأجور بتجفيف الوظائف الوهمية الخاصة بالنظام السابق، وهو نوع من التحايل على المال العام، ويلفت إلى أن زيادة الأجور سياسة أقرتها الحكومة وغير مرتبطة بشخص وتمضي المالية في تنفيذها.

محلل اقتصادي: مؤتمر المانحين كان شحيحًا مع السودان الذي يعول عليه لسد العجز في الميزان التجاري والخروج من الأزمة الاقتصادية لحكومة الثورة 

غير أن المحلل الاقتصادي حسام حسن عثمان يرسم صورة قاتمة عن التضخم، متوقعًا تجاوزه للأجور وابتلاعها، خاصةً في ظل ارتفاع النقد الأجنبي في السوق الموازي، وعدم وجود تغطية حقيقية للعملات الصعبة، وضعف المساعدات المالية التي قدمها مؤتمر المانحين في برلين  في 25 حزيران/يونيو الماضي، حيث حصل السودان على (1.8) مليار دولار رغم أن رئيس الوزراء أعلن حاجته إلى (8) مليار دولار في أيلول /سبتمبر 2019 لكبح التضخم واستقرار سعر الصرف.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| المستشار الاقتصادي لحمدوك يجيب على أسئلة ما بعد مؤتمر شركاء السودان

ويعتقد عثمان في تصريحٍ لـ"ألترا سودان"، أن الأجور الجديدة لن تكون ذات قيمة مقارنة مع التضخم المرتفع والارتفاع المتوالي يوميًا للأسعار بسبب شح النقد الأجنبي وشح الوقود الذي يفاقم من مشكلة النقل، وبالتالي تتأثر السلع بعدم الانتقال في الوقت المناسب، ذلك إلى جانب ارتفاع وقود الزراعة وبيعه في السوق السوداء لعدم وجود رقابة فعالة.

محلل اقتصادي: لتحسين الوضع الاقتصادي نحتاج إلى أن نحمل الحديد الصلب ونقلبه ظهرًا على عقب!

ويشدد عثمان على أن الأزمة الاقتصادية أزمة سياسية، لأنه كان المأمول بناء نظام خدمي اقتصادي في جميع الولايات والاعتماد على الثروات المتوفرة من الصمغ العربي والذهب والماشية، لكنها جميعها تحت سيطرة الشركات العملاقة للمنظومة الدفاعية، ولم يتبق للاقتصاد الحكومي سوى كميات شحيحة من الذهب الذي لا يغطي بند استيراد السلع الأساسية، ويقول: "لتحسين الوضع الاقتصادي نحتاج إلى أن نحمل الحديد الصلب ونقلبه ظهرًا على عقب، أي أن التحسن مرتبط بتحسن الصادرات وضمان إعادة حصائلها من الخارج، لأن المطلوب هو ترجيح كفة الصادرات على الواردات".

اقرأ/ي أيضًا 

الداخلية تمدد صلاحية الجواز بالخارج حتى منتصف العام القادم وتعلن عن نهج جديد

مصدر حكومي يرجح استمرار الوزراء المكلفين.. والتحالف الحاكم: لا ندري شيئًا