18-أكتوبر-2019

الهلال السوداني

عندما شرعت مفوضية هيئات الشباب والرياضة بولاية الخرطوم في إعمال سُلطاتها للإشراف على انتخابات مجلس إدارة نادي الهلال السوداني في العام 2014 عقابيل انتهاء فترة "لجنة التسيير" التي قام تشكيلها وزير الشباب والرياضة بولاية الخرطوم مُستخدما السلطات التقديرية الممنوحة له وفقا للمادة (9) من قانون هيئات الشباب والرياضة، كانت الأطراف المتنافسة على مقاعد مجلس إدارة النادي الكبير تستعد لمرحلة "الطعون" كاستحقاق قانوني يجوز استخدامه قبل الدخول لمرحلة الانتخاب والتصويت من قبل أعضاء الجمعية العمومية لنادي الهلال.

النظام الأساسي والقانون اتفقا على ضرورة توفر اشتراطات محددة في الشخص الذي يتقدم لرئاسة نادي الهلال

ولأن الشكل التنظيمي في إدارة نادي الهلال تنظيم رئاسي بموجب النظام الأساسي لنادي الهلال، كان الطعن المقدم من أعضاء الجمعية العمومية في أهلية ترشُح أشرف سيد أحمد الحسين (الكاردينال) لمنصب الرئيس عن قائمة تنظيم "عزة الهلال" هو الأكثر تأثيرًا على سير العملية الانتخابية وقتها، استنادًا إلى أن النظام الأساسي والقانون اتفقا على ضرورة توفر اشتراطات محددة في الشخص الذي يتقدم لرئاسة  نادي الهلال، ولم يتشدد المشرع فيها كثيرًا بل ترك الطريق ممهدًا للوصول لكرسي رئاسة الأزرق، لأي سوداني بلغ سن الثامنة عشر وأجاد الكتابة والقراءة ولم تسبق إدانتة في جرائم تمس الشرف والأمانة.

اقرأ/ي أيضًا: دوري السيدات لكرة القدم.. انطلاقة واعدة رغم التحدّيات

وعلى الرغم من القاعدة القانونية المعمول بها والقائلة أن "القانون الخاص يقيد القانون العام" إلا أن المفوض بوزارة الشباب والرياضة رأى أن يستند في رده على  الطعن المقدم ضد أشرف سيد أحمد الكاردينال، بموجب (الماده 28) من القانون بخصوص إدانته في جريمة تمس الشرف والأمانة على القانون الجنائي بدلًا عن قانون هيئات الشباب والرياضة، والقائل بإسقاط هذا المساس بعد مضي سبعة أعوام على الإدانة، ليصبح الباب بعد ذلك مفتوحًا أمام الكاردينال ليدخل على عالم الرياضة بمفتاح الاقتصاد ومن باب القانون المهزوم.

انتظر الطاعنون من أعضاء الجمعية العمومية لنادي الهلال، حتى أيار/مايو 2017، وبنهاية الولاية الأولى لأشرف الكاردينال في رئاسة الهلال، حتى تُصدر أعلى جهة تقاض، وهي دائرة المراجعة/المحكمة الإدارية، قرارًا ببُطلان الترشح لرئاسة الهلال وبالتالي بطلان قرار مفوضية هيئات الشباب والرياضة، بقبول بطاقة ترشح أشرف سيد أحمد الكاردينال لرئاسة الهلال. إلا أن المفوضية برئيسها، الفاتح حسين، أرادت مرة أخرى هزيمة القانون أمام القوة المالية الضاربة كما يسمي الكاردينال نفسه، عبر إرجاء تنفيذ قرار دائرة المراجعة حتى تتمكن القوة المالية الضاربة من تعبئة بطاقة الترشُح لولاية ثانية في رئاسة مجلس إدارة نادي الهلال.

في اليوم الثامن عشر من شهر كانون الثاني/يناير 2018، بعث الكاردينال برسالة في بريد معارضيه، عندما افتتح الإصلاحات في ستاد الهلال وقدم الدعوة للرئيس المخلوع البشير ليرافقه في ذلك الافتتاح، قائلًا حينها أن وجوده في الهلال محمي بالعضل الرسمي والحكومي، وأن القانون الذي يستندون إلى مواده غير قادر على هزيمة قوة الدفع الاقتصادية المسنودة بنظام سلطوي، والتي يعتمد عليها في البقاء رئيسًا للهلال رغم أنف القرار الصادر بحقه بعدم أهليته للترشح.

بالطبع لم تكن التفاصيل التي ذكرناها هي صورة الهزيمة الوحيدة للقانون في تجربة نادي الهلال السوداني، أمام قوة الاقتصاد القاهرة. فأشرف سيد أحمد الكاردينال كان يخشى كل شيء إلا أن تطاله يد القانون، ولذلك لم يتورع عن إغلاق أبواب نادي الهلال منذ العام 2014، وحتى كتابة هذه السطور بحُجة الصيانة وبقوة سكوت المفوضية عن كل الطعون التي تقدم بها رواد النادي، مستندين على إلزام القانون بضرورة توفير مقر بديل للرواد، حال وجود أسباب تحول دون فتح أبواب النادي.

ظهور الكاردينال بمعية وزير الداخلية في مكتبة يشير إلى أن للاقتصاد قوته في السودان التي تعلو على قوة القانون!

سكتت المفوضية عن هذا التجاوز وفي ذهن المفوض، "الرقصة" المشتركة بين صاحب القوة الاقتصادية والرئيس المخلوع، وسكتت عن إيقاف إجراءآت نيل العضوية الجديدة أو تجديدها وزيادة رسمها المالي.

وعندما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي والصحف بخبر الإجراءات التي اتخذتها منظمة "زيرو فساد" والتي بموجبها وجهت النيابة بإجراء حظر للسفر في مواجهة أشرف سيد أحمد الكاردينال، خرج الكاردينال برسالة أكد فيها ما ظل راسخًا في أذهان معارضيه عندما ظهر بمعية وزير الداخلية في مكتبة مشيرًا إلى أن للاقتصاد قوته في السودان التي تعلو على قوة القانون.

أما الآن، وبعد أن خرجت وزارة الخزانة الأمريكية بعقوباتها على أشرف سيد أحمد الكاردينال،  فهل ينتصر القانون هذه المرة أم سيكون للقوة الاقتصادية كلمتها مع وزارة خزانة الدولة الأقوى في العالم؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

النائب العام: سنحقق تطلعات الشعب ونحاسب قتلة الشهداء "قريبًا"

البوشي في مواجهة التشدّد والتكفير.. القصة الكاملة لعبد الحي يوسف!