08-مارس-2021

أرشيفية (Getty)

أشكال العنف التي تعاني منها المرأة السودانية متنوعة، وفي هذا التقرير يسلط "الترا سودان" الضوء على أوضاع الصحفيات السودانيات، اللائي ساهمن بصورة ملحوظة في تشكيل الرأي العام، وكنَّ في الخطوط الأمامية للتصدي لقضايا المرأة والمطالبة بحقوقها. لكن، ماذا عن الانتهاكات والمخاطر التي يتعرضن لها؟ 

الصحافة السودانية في ثلاثين عامًا

"عانت الصحافة السودانية بشكلٍ عام من أنواع مختلفة من العنف، تمثلت في الرقابة، وعانى الصحفيون من التشريد، خاصةً غير المنتمين للنظام المبُاد" هكذا بدأت الصحفية صباح آدم حديثها، وتكمل: "كان من الصعب القول بوجود صحافة حرة ومستقلة حتى وقتٍ قريب مع سيطرة نظام الإنقاذ على كثير من الصحف، لأن الصحف كانت مملوكة إلى أشخاص ليسوا بصحفيين، وخاصةً الناشرون، والذين تلقوا مساعدات وإعلانات وتسهيلات من رموز النظام السابق".

صباح آدم: على الرغم من الأوضاع الصعبة؛ فقد قاتلت عدد من الصحف في سبيل نشر الحقائق

وتابعت صباح آدم بالقول، إنه على الرغم من الأوضاع الصعبة؛ فقد قاتلت عدد من الصحف في سبيل نشر الحقائق ورفع وعي الرأي العام، لكن، لم تكن بحجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها، لأسباب متعددة منها فقر الصحف والمعاناة من الإقصاء والحرمان من الموارد المالية والإعلانات، لذلك أغلقت بعض الصحف أبوابها واتجهت نحو تخفيض العمالة، وتحول البعض منها إلى المجال الإلكتروني. 

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات في الخرطوم على زيارة السيسي.. ومطالبات بإعادة مثلث حلايب

وأيضًا -تقول صباح- كان قانون الصحافة معيب، ولم يشارك فيه الصحفيون، ومن وضعوه هم جهات كانت ممثلة للنظام المبُاد مثل اتحاد الصحفيين، والذي لم يلعب دورًا في تطوير الأداء الصحفي والمساهمة في وضع قانون يساعد في التعبير عن الرأي وتوفير الحماية للصحفيين والصحفيات، إلى جانب المسؤولية في عدم تعرضهم للانتهاك لحقوقهم، وكان الصحفيون يتم اقتيادهم إلى المحاكم ويتم فصلهم وحرمانهم من الكتابة. 

وتضيف قائلة: "من أهم المشاكل التي واجهت قبيلة الصحفيين هي تمليك المعلومات، وهي نقطة ينص عليها الدستور وقانون الصحافة بشكله المعيب، وكانت المؤسسات الرسمية لا تعطي الصحفي معلومات كافية، وبالتالي، كان الرأي العام مغيب عما يحدث في أجهزة الدولة الرسمية. 

تنميط المرأة 

في ذات السياق، أكدت المذيعة والإعلامية بقناة الخرطوم، أسماء أشرقت، إن اختزال المرأة العاملة في مجال الصحافة والإعلام في صورة جسد جميل؛ أدى لتقليل أداء النساء في المؤسسات الإعلامية، وبالتالي اختزالها في عمل المنوعات إلى أن تحولت لأيقونة جميلة دون النظر لمستواها المهني، وأشارت إلى غياب النساء عن مواقع اتخاذ القرار داخل المؤسسات الإعلامية، وغيابهن عن المناصب الإدارية، وقالت: "نجد أن الرجل داخل المؤسسة يحظى بمساحة أكبر من المرأة، والسبب يعود للوضع الاقتصادي".

اقرأ/ي أيضًا: رابطة البيطريين تتهم وزير الثروة الحيوانية بإعادة فلول النظام للوزارة

وتضيف: "تحظى المرأة ذات المعايير الجمالية بمساحة أكبر من قرينتها الأقل جمالًا، دون النظر إلى الكفاءة".

أسماء أشرقت: الإعلام السوداني أصبح في أوضاع أسوأ بعد الثورة

وأضافت أشرقت في حديثها لـ"الترا سودان"، أن الإعلام السوداني أصبح في أوضاع أسوأ بعد الثورة، ففي العهد المبُاد كانت السياسات واضحة، أما الآن فتوجد فوضى، وتمضي قائلة: "خرجنا في الثورة من أجل الحرية، لكن، هل تعني الحرية ظهور امراة على شاشة التلفاز دون غطاء للرأس؟ نريد تغيير التنميط والتركيز على المحتوى المقدم للمشاهد".

ميثاق شرف

قالت الصحفية وعضوة شبكة الصحفيين السودانيين، سارة ضيف الله، إن كثير من الصحفيات يتعرضن للعنف الوظيفي بحكم أنهن نساء، وأكدت سارة عدم وجود ميثاق يحمي الصحفيات من العنف من قبل السلطة، وتابعت حديثها قائلة: "إن الحماية تأتي من الأجسام الصحفية الموجودة، ومن النقابات، لأنه لن يأتي أحد للمطالبة بحقوق النساء في مجال الصحافة، خاصةً مع تردي الوضع الاقتصادي، وفي حال كتابة ميثاق شرف للصحفيين، سيتم إغفال قضية تساوي الأجور والحماية من العنف، وهي قضية الصحفيات وعليهنَ المطالبة بها، وعلينا كنساء معرفة كيف نحمي أنفسنا في مناطق العمل؟".

من وقفة احتجاجاية لصحفيين سودانيات - أرشيفية (مركز حمياة وحرية الصحفيين)
من وقفة احتجاجاية لصحفيين سودانيات - أرشيفية (مركز حمياة وحرية الصحفيين)

وأضافت سارة ضيف الله: "هناك قضية ترقي السيدات لمنصب سكرتير التحرير، على الرغم من وجود نساء يعملنَ في المجال لسنواتٍ طويلة وذوات خبرة. مع وجود نماذج عالمية لنساء تمكن من إثبات وجودهن والترقي لمناصب عالية، أما في السودان فلا نزال نعاني من هذه المعضلة.

اقرأ/ي أيضًا: رفع إضراب أطباء الامتياز.. ماذا جرى؟

وأكدت عضوة شبكة الصحفيين، أن الصحفيات السودانيات يعملن بصورة أكبر وفي ظل ظروف قاسية ويتقاضين رواتب أقل من الذكور، وذلك لعدم وجود نقابة تحمي حقوقهن، على حد قولها.

سارة ضيف الله: أهم وسيلة للمرأة لحماية نفسها هي إمكانيتها وقدراتها العملية والمهنية

وأوضحت عضوة شبكة الصحفيين السودانيين، أن أهم وسيلة للمرأة لحماية نفسها هي إمكانيتها وقدراتها العملية والمهنية، وأن تكون واعية لحقوقها بأن تراجع عقودات العمل واستحقاقها المالي ومراجعة شروط العمل. 

وطالبت ضيف الله، المؤسسات الصحفية بإنشاء ميثاق يضمن للصحفيات حقهن داخل بيئة العمل. 

ودعت لميثاق شرف تحت رعاية الدولة ووزير الصحافة والإعلام، توقع عليه الصحف عند إنشائها، على أن يكون من ضمن شروطه؛ الحماية من التحرش ومعالجة مسألة إجازة الأمومة واليوم الصحي. 

أوضاع الصحفيات

من جانبها، أبانت الصحفية نبع الماظ أن العنف ضد الصحفيات بعد الثورة أصبح أقل خلال الفترة الأولى، بعدها بدأت الأوضاع في التراجع في مستوى التعامل مع الصحفيات من قبل الأجهزة الأمنية، وأشارت نبع إلى تعرض إعلامية للصفع أمام مباني الإذاعة والتلفزيون، على الرغم من حملها لبطاقتها الشخصية التي تحمل هويتها الإعلامية، وتعرضت عدد من الصحفيات للمضايقات إبان الوقفة الاحتجاجية الأخيرة للصحفيين. وتابعت حديثها قائلة: إن الصحفيات يتعرضن للمضايقات عند ذهابهن للتغطية في مناطق النزاع من قبل المواطنين والأجهزة الأمنية، وهي عقلية تستنكر وجود المرأة في مهنة الصحافة. وأكدت نبع الماظ على وجود مساحات كبيرة من الحرية لكل فئات المجتمع إبان الفترة الأولى من الثورة، لكن، يلاحظ التراجع والتخلي عن شعارات الثورة القائلة بالحرية. 

وكشفت أن الصحفيات في المؤسسات الإعلامية لا يتلقين أي شكل من أشكال التدريب المهني، إنما يكون التدريب عن طريق العلاقات الخاصة أو التسجيل في معاهد متطورة دون وجود متابعة من رئيس القسم المباشر.

وشددت الماظ على قضية الأجور قائلة: "يعمل الصحفي ما لا يقل عن سبع ساعات في اليوم، ويتقاضى سبعة آلاف جنيه، بينما يصرف خلال الشهر ما لا يقل عن (18) ألف جنيه، مما أدى لتخلي البعض عن العمل أو الاتجاه للعمل في مجالات أخرى.

بيئة غير متصالحة 

تعود صباح آدم للقول، إذا نظرنا لأوضاع الصحفيات؛ نجدها غير منفصلة عن قضايا الصحفيين الذكور، وتتمثل في تدني الأجور وعدم وجود بيئة ملائمة للعمل وغياب برامج التدريب في المؤسسات الصحفية، والإرهاق بالعمل ووجود محاباة داخل مؤسسات الصحفيين. 

اقرأ/ي أيضًا: إضراب نواب الاختصاصيين.. الكرت الأخير للمطالبة بالحقوق

أما فيما يتعلق بالصحفيات، تشير صباح آدم إلى عدم تصالح البيئة الصحفية مع النساء، حيث تم إنشاؤها على أساس خدمة الذكور فقط، فنجد عدم توفر مراحيض خاصة بالنساء، وغياب الاستراحات، وعدم توفير تراحيل في أوقات الليل المتأخرة، لذلك نقول بأن البيئة الصحفية غير متصالحة مع النساء.

صباح آدم: تفتقر المؤسسات الصحفية للحساسية النوعية

وتمضي قائلة: "نجد أن الصحفيات محرومات من بعض الامتيازات؛ مثل تحرير السهرة والخروج للتغطيات الخارجية في يوم العمل غير الرسمي، وتفتقر المؤسسات الصحفية للحساسية النوعية فيما يتعلق بالنظم واللوائح الإدارية تجاه النوع الاجتماعي، وحماية المرأة من الانتقاص والانتهاك".

وتشير التقارير إلى عدم تحسن أوضاع النساء الصحفيات بعد الثورة، فلا تزال الصحفيات يتقاضين أجورًا أقل من أقرانهن الذكور، ويتعرضن للتحرش والانتهاكات، في ظل غياب تام للتدريب ورفع المقدرات المهنية.

اقرأ/ي أيضًا

لجنة أطباء الامتياز.. إعلان إضراب ومطالب مشروعة

تجمع المهنيين يتهم وزيرة العمل بتعطيل مشروع قانون النقابات