كشفت صحفيات وإعلاميات سودانيات عن معاناة وصفنها بالكبيرة في أوساطهن تتعلق بالبيئة الآمنة والصحية في مؤسسات عملهن، وحق الترقي والحماية من التمييز والتحرش وتدني الأجور والفصل التعسفي.
دفعت هذه الأوضاع شبكة إعلاميات السودان لإطلاق حملة تحت شعار "من حقي أن أعمل في بيئة إعلامية آمنة بلا تحرش، بلا إقصاء، بلا تمييز"
إطلاق حملة مطلبية
دفعت هذه الأوضاع شبكة إعلاميات السودان لإطلاق حملة المطالبة ببيئة إعلامية آمنة، تحت شعار "من حقي أن أعمل في بيئة إعلامية آمنة بلا تحرش، بلا إقصاء، بلا تمييز"، وتم إطلاق الحملة يوم أمس الإثنين من منطقة الخرطوم شرق التي تضم عددًا من المؤسسات الصحفية. ولم تكتف الصحفيات والإعلاميات المشاركات في الحملة بالبرنامج الرئيسي في مكان ابتدار الحملة، ونفذن جولة في موكب طاف عددًا من المؤسسات الصحفية المحيطة بموقع التجمع الرئيسي.
اقرأ/ي أيضًا: "سياج" الثورة.. حوار من "الشارع" حول مصير لجان المقاومة
وأوضحت ممثلة شبكة إعلاميات السودان صفية الصديق، في كلمتها أنهن استهدفن تلك المنطقة لإطلاق الحملة لقربها من المؤسسات الصحفية، وأشارت إلى الحاجة لجسم متخصص لمناقشة قضايا الإعلاميات التي وصفتها بالحساسة، واعتبرت الوقت مناسبًا للحديث عن العنف الذي تواجهه الصحفيات والإعلاميات اللائي يعملن في بيئات غير مناسبة، ومثل أن يكون لهن مراحيض خاصة في المؤسسات الصحفية وأماكن مخصصة للاستراحات بين دوام العمل اليومي، وأن قانون الصحافة لا يضمن حمايتهن، كما أنهن يعملن لساعات عمل طويلة بأجور متدنية، ونبهت لتعرض بعضهن للتحرش الذي جعل عددًا كبيرًا منهن يبتعد عن العمل، وأبانت صفية أن يتم ذلك من مصادر أو داخل المؤسسات الصحفية، وطالبت بالمساواة في الأجور ووقف التمييز ضدهن في السفر والتدريب والتدرج الوظيفي، ورأت أن الحملة تؤسس لبيئة عمل آمنة للصحفيات والإعلاميات، بمخاطبة الصحفيات والإعلاميات والصحفيين ليكون التضامن أكبر، باعتبار أن الوقت مناسب لبناء دولة القانون والحقوق المتساوية.
ومن جانبها كشفت رئيسة "شبكة إعلاميات السودان" إيمان إبراهيم، عن معاناة الإعلاميات في الإذاعة والتلفزيون من تردي بيئة العمل، وتعرضهن للإشعاع الذي يخلف أضرارًا صحية منها حالات إصابة بالسرطان، بجانب التمييز ضدهن واستندت إلى إبعاد إحدى المذيعات عن تغطية بعثة الحج السودانية، كما اشتكت من التعامل السيئ المتعلق بمراقبة أزيائهن وفرض أنواع معينة من اللبس عليهن، وتدني الأجور.
مناصرة واسعة للحملة
ووجدت حملة الصحفيات السودانيات مناصرةً واسعة من الأجسام العاملة في مجال حقوق الإنسان ومنها "مبادرة لا لقهر النساء"، التي أشارت ممثلتها تهاني أبو سن، لنضالات المرأة السودانية والصحفيات في المناصرة وانتزاع الحقوق خلال عهد النظام المخلوع، وشددت على ضرورة استجابة المؤسسات لمطالب الصحفيات والإعلاميات ومنها المساواة في الأجور ووقف التمييز ضدهن وإنهاء حالات الفصل التعسفي لهن في ظروف الولادة وتهيئة البيئة المناسبة لعملهن، ودعتهن للانتباه للعمل في المرحلة القادمة لتحقيق السلام.
اقرأ/ي أيضًا: مناقشة قانون النقابات.. نحو تأمين الديمقراطية ومواجهة الانقلابات
ومن جهته أكد ممثل شبكة الصحفيين السودانيين خالد ماسا، استعداد الشبكة للاستمرار في التضامن والاصطفاف لاسترداد الحقوق، ورأى أن وجود القيادات النسائية في المؤسسات الإعلامية لا يتناسب وقدراتهن، وتمسك بضرورة الإصلاح القانوني وإصلاح علاقات العمل، ونبه إلى أن الحملة تمثل رسالة للجهات التي تنتقص من تلك الحقوق بأن المجتمع يراقب الأوضاع لإعادة الأمور إلى نصابها.
ومن ناحيتها أكدت ممثلة صحفيون لحقوق الإنسان "جهر" لمياء الجيلي، ضرورة لفت الانتباه لأوضاع الصحفيات اللائي قالت إنهن يعملن في بيئة غير آمنة وغير صحية، بجانب حرمانهن من تطوير قدراتهن، وأضافت أن أمام الصحفيات مهام وقضايا كبيرة تتطلب توفير البيئة الآمنة، وأعلنت دعم "جهر" لأية حملة تستهدف تعزيز قيمة وتحقيق كرامة الإنسان والنساء من الصحفيات والإعلاميات بصفة خاصة، وتمسكت بضرورة تضافر الجهود لدعم تلك القضايا والوصول لسياسات إعلامية حساسة تجاه النساء.
وفي السياق أشارت ممثلة مركز الألق للخدمات الصحفية مديحة عبد الله، لضرورة إثارة قضية البيئة الآمنة لتعرض الصحفيات لمشاكل وصفتها بالكبيرة مثلت لها بـ"العنف اللفظي والمعنوي والتحرش الجنسي والتمييز الاقتصادي"، ووصفت البيئة الصحفية بغير المهيأة لعمل النساء، خاصة عندما تصل المرأة لمرحلة كونها زوجة أو أمًا.
وشددت مديحة على ضرورة أن تقترن الحرية بالتنظيم وتكوين النقابة لانتزاع حقوق الصحفيات والصحفيين، وحماية تلك الحقوق، وبرهنت على ذلك بحالات الفصل التعسفي التي طالت عددًا وصفته بالكبير خلال الفترة الأخيرة.
اقرأ/ي أيضًا: أول واقعة فساد حكومي تحاصر الحكومة.. ومطالب بالمحاسبة والإقالة
موكب ووقفات أمام المؤسسات
وعقب انتهاء كلمات ممثلي الكيانات الصحفية والحقوقية نفذت المشاركات في الحملة وعددًا من الصحفيين جولة في موكب، طاف على عدد من الصحف القريبة من موقع انطلاق الحملة شملت صحف "الجريدة و"آخر لحظة" و"اليوم التالي" والأخبار"، ورددت المشاركات هتافات تطالب بـ"البيئة الآمنة بلا تحرش أو تمييز أو إقصاء"، وتستنكر فصل وتشريد الصحفيات، ووضعن ملصقات على جدران تلك الصحف، وتدعم الحملة وتنادي بتنفيذ تلك المطالب.
أكثر من (180) صحفية روين قصصًا عن تعرضن للعنف داخل بيئة العمل، و(80%) منهن واجهن مشاكل التحرش الجنسي في مدخل الخدمة
بيان وإحصائيات
وأوضحت شبكة إعلاميات السودان، في بيان إطلاق الحملة الذي تحصل "الترا سودان" على نسخة منه، أن العنف في بيئة العمل يمثل أحد المشاكل التي ساهمت في إقصاء الصحفيات من العمل وجعل بعضهن يعملن في ظروف بالغة التعقيد، ولفت البيان إلى أن أكثر من (180) صحفية روين خلال ورش عمل مختلفة أنهن تعرضن للعنف داخل بيئة العمل، وأن (80%) منهن واجهن مشاكل التحرش الجنسي في مدخل الخدمة، وأشار البيان إلى مشكلة عدم التدريب وتردي البيئة، ووجود عدد كبير من الصحفيات مقارنة بالصحفيين مع قلة وجودهن في المناصب القيادية.
ونوه البيان إلى أن الحملة تأتي بالتزامن مع حملة الـ (16) يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة، وأن بناء حملة المناصرة تم بعد ورشة عمل نوقشت خلالها قضية العنف ضد الصحفيات، وأن الحملة تهدف لرفع وعي الإعلاميات والمجتمع والمؤسسات الإعلامية بأهمية بيئة العمل الآمنة والتأسيس لها عبر القوانين واللوائح، وأعلنت شبكة إعلاميات السودان عن محاور الحملة ومنها عمل لقاءات إذاعية وتلفزيونية تناقش قضايا العنف ضد الإعلاميات وبيئة العمل الآمنة، وطبقًا للبيان ستختتم الحملة في 10 كانون الأول/ديسمبر المقبل.
اقرأ/ي أيضًا
جنوب السودان.. حرية الصحافة في مواجهة تكميم الأفواه
اللجان التمهيدية لاستعادة النقابات.. خطوات صحيحة وتحديات ضخمة