تجمع مئات النساء اليوم الخميس، في حشد تاريخي ضم أكثر من (50) منظمة وجسم قاعدي نسوي، أمام مباني وزارة العدل بالخرطوم، لتسيير موكب نسوي إلى النيابة العامة، حيث طالبن بتطبيق نصوص الوثيقة الدستورية، وحماية المرأة من العنف، والعمل على خلق بيئة آمنة للنساء.
تعرض الموكب لحادثة دهس وتحرشات وتهديدات من المارة.. واتجاه لاعتصام نسوي حتى تحقيق المطالب
ورفعت النسوة المتظاهرات أمام الوزارة، شعارات مطالبة بالحماية ونيل الحقوق كاملة، والتوقيع على اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء "سيداو" مؤكدين على الدور الكبير الذي لعبته المرأة السودانية لإنجاح الحراك الشعبي، ودورها البطولي في جميع مراحل الثورة السودانية.
اقرأ/ي أيضًا: قضية الأوراق الثبوتية.. قلوب محطمة وأعين باكية
واحتشدت مجموعات نسوية وناشطات في الشأن العام أمام وزارة العدل حيث تلون بيان الموكب، ومنها توجهن لوزارة الداخلية، ومن ثم إلى النيابة العامة للمطالبة بتوفير الحماية القانونية والعدالة للنساء في السودان.
وكانت قضية الطفلة "سماح"، والتي قتلت قبل أسابيع على يد والدها، حاضرة في المداولات النسوية، حيث مثلت قضيتها دليلًا دامغًا على العنف الأسري الذي يمارس على النساء، وتواطؤ السلطات وسكوتها على الجرائم التي ترتكب بحق النساء.
وقبل أيام، ضجت الأسافير والأوساط النسوية، بقضية الطالبة "نهلة"، التي بثت مجموعة مقاطع مصورة تحدثت فيها عن تعرضها للتحرش الجنسي داخل منزلها، بواسطة أحد الأقارب، الأمر الذي أشعل النقاش، مجددًا، حول قضايا الانتهاكات والتحرش الجنسي الذي تتعرض له المرأة، في ظل غياب قانون يحمي النساء من التحرش.
وفي ذات السياق، وفي نفس الموكب الذي يحتج على الاعتداء على النساء والعنف ضد المرأة، تعرضت ملك إحسان أمين، إحدى المشاركات في الحراك، للضرب من قبل سائق مركبة، حاول اختراق الموكب، حيث تم إلقاء القبض عليه وتسليمه للشرطة، وتم فتح بلاغ بحادثة الاعتداء.
مساحات آمنة للنساء
وتقول عضوة منظمة عديلة للثقافة والفنون، نينار آروب، إن مشاركتها في الموكب النسوي، جاءت في زمن شهد تحولات سياسية كبرى في السودان، وحان الوقت لإحداث تغييرات في القضايا المتعلقة بالمرأة.
وتابعت أروب في حديثها لـ"الترا سودان": "بعد عامين من الانتقال السياسي، لم نشهد سياسات صارمة تضمن حماية النساء من الانتهاكات. والمعتدون يعلمون بأن لا وجود لقوانين رادعة تحمي النساء". وطالبت نينار بتوفير مساحات آمنة للمرأة، وملاجئ للمعنفات، إلى جانب توفير الدعم الاقتصادي والتدريب اللازم للعاملين في هذه القضايا.
مطاردة بائعات الأطعمة والشاي
يعد إلغاء قانون النظام العام أحد أكبر إنجازات حكومة الفترة الانتقالية في ملف حماية حقوق المرأة في السودان. حيث ينظر مهتمون بحقوق الإنسان إليه كأكبر عقبة أمام حرية المرأة وتطورها. وكانت المطاردات تطال بصورة خاصة، بائعات الأطعمة والشاي فيما يُعرف باسم "الكشة"، وكانت هؤلاء النسوة يودعن السجون، ويتعرضن للغرامة، وعقوبات تصل حدتها إلى الجلد.
مع ذلك، تقول مؤسسة منظمة "كل المهن" عوضية كوكو، إن الموكب يأتي في وقتٍ تتعرض فيه بائعات الأطعمة والشاي للكشة ودخول حراسات الشرطة، ويأتي في إطار دعم النساء في الأرياف المتضررات من سياسة النظام القديم.
وتضيف كوكو في حديثها لـ"الترا سودان": "جاءت الدولة المدنية نتاج تضحيات كبيرة من النساء، والآن، نريد حقنا كاملًا، وأن يعم الأمن والسلام أرجاء البلاد". وطالبت عوضية كوكو، الحكومة بتوفير الأمن والحماية لمنع الموت المجاني. مؤكدةً أنهن كنساء يهتفن لدارفور لأن الموت ما يزال يخيم فوق سمائها، ولمدن الشرق التي تعاني من الصراعات القبلية، ومضت قائلة: "نريد إيصال أصواتنا لمجلس الوزراء والمجلس العسكري"، وجددت مطالبها للحكومة بضرورة التوقيع على اتفاقية "سيداو".
وأردفت: "بالأمس القريب، تعرضت سيدة من بائعات الشاي للكشة في مدينة بحري. وأخرى تعمل بشارع النيل دخلت حراسة الشرطة ثلاث مرات".
هل نشهد اعتصامًا نسويًا؟
وتشرح الناشطة النسوية، تغريد عووضة، أن مجموعات نسوية وقاعدية وعاملات في المهن المختلفة، اتفقن على عدم حدوث تغيير في أوضاع النساء بعد الثورة بصورة واضحة. وقالت لـ"الترا سودان": "بعد قضية مقتل الطفلة "سماح" وتداعياتها، صارت المجموعات النسوية أكثر وعيًا بأن القوانين ليست عادلة تجاه المرأة، ونظرنا للقوانين وأوضاع النساء فيها، مع مراعاة أوضاع النسوة المختلفة". وأكدت على الاتفاق بين المجموعات النسوية، على توحيد مطالبهن حول العدالة.
اقرأ/ي أيضًا: مواكب 6 أبريل.. خفايا وأسرار تنشر لأول مرة
وذكرت تغريد عووضة، أن أهم النقاط التي تناولها البيان النسوي، هي قضية الأحوال الشخصية، وإلغاء الولاية، ونسب مجهولي الهوية للأم في حالة تعثر إيجاد الأب، وحق السفر للأطفال، والمحاكمات العادلة في مناطق النزاع لإنصاف النساء اللائي تعرضن للاغتصاب، وقضايا الفقر والوضع الاقتصادي الراهن، حيث تعد النساء هن المتضررات الأكبر اقتصاديًا، بحسب ما ذهبت إليه عووضة.
الموكب يأتي في إطار الضغط على الحكومة لتفعيل القوانين وتوفير الحقوق العادلة والمتساوية للمرأة
وأشارت إلى إن هناك توجه بتحويل القضية لاعتصام نسوي، إلى حين رد الحكومة بشأن التوقيع على اتفاقية سيداو.
الجدير بالذكر، أن الموكب النسوي يأتي في إطار الضغط على الحكومة لتفعيل القوانين وتوفير الحقوق العادلة والمتساوية للمرأة، وحمايتها من العنف بجميع أشكاله، وتوفير بيئة آمنة لهن، إلى جانب المطالبة بالتوقيع على اتفاقية سيداو.
اقرأ/ي ايضًا