14-مارس-2021

الآليات الثقيلة تعمل داخل المحمية (فيسبوك/أحمد أزهري عبدالكريم)

تعاني محمية الردوم الطبيعية من عدة مشكلات، أبرزها التعدين المنظم من قبل الشركات وقطع الأشجار، الأمر الذي دفع المهتمين بالحياة البرية لإطلاق دعوات لحماية المحمية من الخطر الذي يتهددها.

اتهم عضو الجمعية السودانية للحياة البرية الشركة السودانية للموارد المعدنية بالتعدين داخل المحمية

وتقع محمية الردوم في أقصى الجزء الغربي بولاية دارفور، تبلغ مساحتها (14) كيلومترًا مربعًا، ومتاخمة لحدود دولة جنوب السودان ومتاخمة لمحمية "أندرية فليكس" بدولة أفريقيا الوسطى، وتشكل أجزاء منها منطقة نزاع حدودي مع دولة جنوب السودان عقب الانفصال 2011، وتم إعلانها من قبل منظمة اليونسكو محمية وطنية 1981 وتتميز بتنوعها الحيوي والبري.

تعدين مُنظم داخل أراضي المحمية

واتهم عضو الجمعية السودانية للحياة البرية، أحمد أزهري عبدالكريم، الشركة السودانية للموارد المعدنية، وشركة الجنيد للتعدين، بانتهاك أراضي المحمية، واصفًا ما يحدث داخل حدود المحمية بالكارثة. مبينًا إن قضية التعدين داخل الردوم ليست حديثة عهد، إنما تمتد إلى 2014-2015 وكانت تتم من قبل معدنيين عشوائيين على الحدود الطرفية للمحمية، وسرعان ما توسع نطاق التعدين بصورة منتظمة من قبل شركات، ليمتد من أقصى الشمال إلى الجنوب في الحدود مع افريقيا الوسطى وكل المناطق المتاخمة مع دولة جنوب السودان، بحسب قوله.

اقرأ/ي أيضًا: النيابة تتحرى مع الشاعر "الدوش" حول قصيدة فض الاعتصام

ويتابع أحمد أزهري قائلًا، بأن دخول الشركات العاملة في مجال التعدين حولت الأوضاع إلى كارثة طبيعية، تمثلت -على حد قوله- في عملية قطع الأشجار بالمناشير الكهربائية. مضيفًا أن محمية الردوم تعد الوحيدة في السودان الواقعة في محيط السافنا الغنية، وطالب عضو الجمعية السودانية الشركات بوقف عمليات التعدين المُنظم والحفاظ على الحياة البرية.

أبرز مشكلات محمية الردوم

ويؤكد رئيس محمية الردوم، نقيب شرطة مجاهد حسين، ما تتعرض له المحمية من انتهاكات، وذهب بالقول، بأن الشركة السودانية للموارد المعدنية تعمل على التعدين في المنطقة، إضافةً لشركة الجنيد الحاصلة على تصديق من وزارة المعادن بمزاولة العمل، مشيرًا إلى أن عملية قطع الأشجار تأتي بغرض فتح الطرق للوصول إلى المناجم.

وشدد رئيس المحمية على أن تواجد شركات التعدين يؤثر على الحياة البرية، لأن العاملين في حاجة إلى بناء وتثبيت الآبار واستخدامهم لمواد كيميائية، مؤثرة على خصوبة الأراضي.

اقرأ/ي أيضًا: انتهاكات وعنف وعدم مساواة.. أوضاع الصحفيات في سودان ما بعد الثورة

ونوه رئيس المحمية إلى خطر تواجد الرعاة القادمون من دولة أفريقيا الوسطى، وعدم تحديد الدولة لمسارات واضحة لخط السير، الأمر الذي يجعل كل أراضي المحمية عرضةً لمسارات الرعاة. 

ويشير نقيب شرطة مجاهد حسين، إلى تواجد أربع حاميات عسكرية داخل المحمية، مبينًا إن الردوم منطقة للمجتمعات المحلية ووجود الجيش يعني تواجد السلاح والآليات الثقيلة وحركة كبيرة للناس، مما يؤثر على الحيوانات بصورة مباشرة.

رئيس محمية الردوم: تعاني محمية الردوم من زراعة الحشيش 

وأضاف: "تعاني محمية الردوم من زراعة الحشيش في الاتجاه الغربي واتجاه الجنوب الغربي، وسنويًا تكافح الدولة عمليات زراعة الحشيش، ومع ذلك، تظل المشكلة قائمة لأن المحاربة جزئية وغير دائمة".

وأشار إلى وجود بروتوكولات للحد من انتشار زراعة الحشيش مع دول الجوار. وأوضح أن من المشاكل التي تعاني منها المحمية، عدم تخطيط الحدود الواضح مع دولة جنوب السودان عقب الانفصال في العام 2011.

الدولة تحارب نفسها

ويعود عضو الجمعية السودانية للحياة البرية، احمد أزهري ليقول، بأن السودان وقع عددًا من الاتفاقيات الدولية الحامية للحياة البرية، منها على سبيل المثال اتفاقية التنوع الحيوي، التي تنص على أن كل الموارد داخل المحميات الوطنية يجب الحفاظ عليها، وعدم استغلالها إلا في حالات الضرورة القصوى، مثل إعلان حالات الجفاف من قبل الدولة. واتفاقيات تحفظ الأراضي الرطبة، وتعد الردوم واحدةً منها، إضافةً لاتفاقية حماية الحياة المهددة بالانقراض واتفاقية صون الحيوانات المهاجرة. ويقول: "محمية الردوم تستقبل الطيور المهاجرة شتاءً، ويجب المحافظة عليها وحمايتها من الصيد الجائر كما نصت عليه الاتفاقيات الدولية".

 

انتهاك محمية الردوم القومية أمام عيون المسئولين محمية الردوم القومية أهم محمية طبيعية في السودان تحتوي على تنوع...

Posted by Ahmed Azhari Abdelkarm on Friday, March 12, 2021

 

ويزيد رئيس الجمعية السودانية للحياة البرية بالقول بأن الدولة تحارب نفسها عندما لا تلتزم بحماية المحميات الطبيعية، والتي تعد ثروة لا تقدر بثمن. منوهًا إلى وجود ما يقارب (60) ألف معدن يعملون داخل أراضي المحمية، مع تواجد (60) سوقًا لمزاولة النشاط التجاري. ويقول، إن القوات العسكرية تعمل على فتح الطرق والتواجد داخل أراضي المحمية، في ظل عدم مقدرة الجهات الرسمية على منعها. 

الانفصال الثقافي

ونقل "الترا سودان" ما تتعرض له محمية الردوم إلى خبير البيئة، على تونجا، الذي أشار إلى مناقشة المسألة في مؤتمر قضايا التعدين تحت رعاية مجلس الوزراء، وتقديم التوصيات لحل المشكلات، والدعوة لوقف عمليات التعدين في المحمية، لكن -بحسب تونجا- فإن الشركة السودانية للموارد المعدنية تعد "دولة موازية"، والجهات الرسمية لم تحرك ساكنًا في حل الأزمة.

وحول أثر استمرار هذه المعضلات يمضي تونجا بالقول: "الاستمرارية بذات النهج تعني تدمير الردوم اقتصاديًا وبأن تكون جزءًا من السياحة في السودان. ودعا رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، إلى ضرورة الالتزام بتوصيات المؤتمرات، وتفعيل الإرادة السياسية في التنفيذ.

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات في الخرطوم على زيارة السيسي.. ومطالبات بإعادة مثلث حلايب

وزاد بالقول: "إن للردوم تاريخًا طويلًا من الثروة الحيوانية، وأي تغيير يحدث داخلها، يعني تغييرًا في شكل المواطن وثقافته، وانفصاله عن الزمن الثقافي، وبالتالي، تغييرًا في النظرة الجمالية".

تظل هذه المشكلات قائمة ما لم تتدخل الدولة للحد من تفاقم المشكلات

وتعالت أصوات المهتمين بالحياة البرية، وتقديم التوصيات اللازمة لرئاسة مجلس الوزراء، مع ذلك، تبقى القضايا التي ناقشها التقرير أعلاه، خطرًا يتهدد محمية الردوم وثقافات المجتمعات المحلية، إلى حين تدخل الجهات المسؤولة للحد من تفاقم المشكلات.

اقرأ/ي أيضًا

رابطة البيطريين تتهم وزير الثروة الحيوانية بإعادة فلول النظام للوزارة

رفع إضراب أطباء الامتياز.. ماذا جرى؟