21-سبتمبر-2023
طفل مع والدته في أحد معسكرات اللجوء

يعاني الأطفال في معسكرات النزوح واللجوء من نقص الخدمات الأساسية (Getty)

خلال الفترة من تشرين الأول/أكتوبر وحتى كانون الأول/ديسمبر المقبلين، تتوقع الأمم المتحدة ولادة (333) ألف طفل في السودان، وسط "مخاوف كبيرة" من انهيار خدمات التغذية ونقص التمويل الدولي اللذين قد يؤديان إلى وفيات الأطفال حديثي الولادة، مع استمرار المعارك العسكرية بين الجيش والدعم السريع منذ ستة أشهر.

تقول ناشطة إن فرصة واحدة تبقت أمام السودانيين لتغيير "واقعهم المدمر"، بالعمل معًا والتخلص من الخلافات السياسية ولو مؤقتًا

وتحذر الأمم المتحدة من وفاة آلاف الأطفال في السودان بسبب سوء التغذية الحاد وتفشي الأمراض، في ظل العنف السائد في البلاد نتيجة المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأعلنت الأمم المتحدة وفاة (1,200) طفلًا جراء الحصبة وسوء التغذية في تسعة مخيمات للاجئين في السودان منذ أيار/مايو الماضي، في وقت رجحت فيه وفاة آلاف آخرين من حديثي الولادة بحلول نهاية العام.

وقال مسؤول الصحة العامة في مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين آلن مينا إن "أكثر من (1,200) طفلًا دون سن الخامسة توفوا في تسع مخيمات في الفترة بين 15 أيار/مايو الماضي و14 أيلول/سبتمبر الجاري.

وحسب المسؤول الأممي، يعود ذلك إلى تفشٍ محتمل لمرض الحصبة وسوء التغذية الحاد، وتضم هذه المخيمات بدرجة رئيسية لاجئين من جنوب السودان وإثيوبيا.

وأشارت مفوضية اللاجئين –وفق ما نقلت وكالة رويترز– إلى الإبلاغ عن (3,100) حالة أخرى يُشتبه في إصابتها بالحصبة في الفترة نفسها، وأكثر من (500) حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا في أجزاء أخرى من البلاد، بالإضافة إلى تفشي حمى الضنك والملاريا.

https://t.me/ultrasudan

ودقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن تأثير الأزمة السياسية الحالية في السودان على الوضع الصحي للأطفال.

ومنذ بداية الحرب في السودان قُتل نحو (7,500) شخصًا، بينهم (435) طفلًا على الأقل بحسب البيانات الرسمية، في حصيلة يرجّح أن تكون أقلّ بكثير من عدد الضحايا الفعلي للنزاع. كما اضطر أكثر من خمسة ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو اللجوء إلى دول الجوار، وخصوصًا مصر وتشاد، بالإضافة إلى خروج (80%) من مرافق القطاع الصحي في البلاد من الخدمة.

وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جيمس إلدر للصحافيين بجنيف هذا الأسبوع إن المنظمة الأممية تخشى "وفاة الآلاف من حديثي الولادة من الآن وحتى نهاية العام نتيجة التجاهل القاسي للمدنيين وتواصل الهجوم على خدمات الصحة والتغذية" في السودان.

وأشار إلدر إلى أنه من المتوقع ولادة (333) ألف طفل في السودان خلال الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر، لافتًا في الوقت نفسه إلى "انهيار" خدمات التغذية في البلاد نتيجة المعارك الدائرة منذ أكثر من خمسة أشهر.

وحذّر المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من تسجيل "عدد غير مسبوق من الوفيات بين السودانيين الأصغر سنًا". وأردف: "نحن حقًا على حافة الهاوية"، مشيرًا إلى أن استمرار هذه الأوضاع في البلاد سيسفر عن موت الآلاف من الأطفال.

وبحسب إلدر، يحتاج (55) ألف طفل شهريًا إلى العلاج من سوء التغذية الحاد.

وأوضح أن من بين كل خمسين مركزًا للتغذية في الخرطوم لا يعمل سوى أقل من واحد، بينما يعمل مركز واحد في غرب دارفور من عشرة مراكز.

طفلان سودانيان يستحمان بمياه الأودية في معسكر للاجئين على الحدود التشادية
يعيش اللاجئون السودانيون في المعسكرات على الحدود التشادية أوضاعًا صعبة بحسب المنظمات العاملة هناك (Getty)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان: "لدى العالم من الوسائل والأموال ما يحول دون وقوع كل هذه الوفيات الناجمة عن الحصبة أو سوء التغذية". وزاد قائلًا "نحتاج إلى المال من أجل الاستجابة والوصول إلى المحتاجين، وقبل كل شيء، لإنهاء القتال".

وتقول "اليونيسيف" إنها تعاني نقصًا شديدًا في التمويل، مشيرةً إلى أنها لم تتلق سوى ربع المبلغ الذي طلبته لمساعدة (10) ملايين طفل في السودان، وهو (838) مليون دولار (784 مليون يورو). وحذرت من أن هذه الفجوة في التمويل تعني "خسارة مزيد من الأرواح".

ومن جهته، يقول المستشار السابق لدى منظمة إنسانية دولية في السودان علي أحمد الحاج في حديث إلى "الترا سودان" إن هذه الإحصائيات منطقية في ظل "فوضوية الحرب" الحالية، مشيرًا إلى أن "العالم لا يكترث بمعاناة السودانيين" جراء القتال الدائر بين الجيش والدعم السريع.

ويقول الحاج إن المساعدات الدولية تساوي "قطرة في محيط من الحرمان المتفشي" لدى ملايين السودانيين، موضحًا أن الحرب اندلعت والناس يعيشون أزمة اقتصادية وإنسانية طاحنة، والمأمول أن يتقدم المجتمع الدولي خطوة إلى الأمام لتقديم مساعدات ملموسة، ولكن هذا "لم يحدث ولن يحدث" – وفقًا للحاج.

بينما ترسم الناشطة السودانية في مجال حقوق الإنسان نهلة عبدالرحمن صورة قاتمة للوضع الإنساني في السودان، بالتزامن مع المعارك الحربية التي لن تتوقف قريبًا على حد قولها. وتقول نهلة لـ"الترا سودان" إن المعارك أخذت أبعادًا أخرى على مستوى تسليح الطرفين، وهي علامة على استمرارها وقتًا طويلًا على الرغم من مناشدات أغلب السودانيين بوقف الحرب.

وتعتقد نهلة عبدالرحمن أن السودانيين لن يتحملوا استمرار المعارك في ظل نقص الخدمات الإنسانية وصعوبة الحصول على الطعام والدواء والتعليم. وتشير إلى أن العالم لم يضع السودان على "الرادار الدولي" وحتى مفاوضات السلام متعثرة – حسب تعبيرها.

وترى الناشطة في مجال حقوق الإنسان نهلة عبدالرحمن أن عدم تخصيص ممرات آمنة خلال ستة أشهر "وصمة عار" على جبين المجتمع الدولي الذي قالت إنه "لم يضغط بالقدر المطلوب على الطرفين المتحاربين فوق رؤوس المباني السكنية".

الناشطة في مجال حقوق الإنسان نهلة عبدالرحمن: عدم تخصيص ممرات آمنة خلال ستة أشهر "وصمة عار" على جبين المجتمع الدولي

وتقترح نهلة عبدالرحمن على الناشطين والقادة السياسيين والفاعلين في لجان المقاومة وغرف الطوارئ في السودان التخلص سريعًا من الخلافات السياسية والعمل على إنقاذ المواطنين من "الجحيم الذي يحاصرهم" – على حد تعبيرها. وأضافت بالقول: "هناك فرصة واحدة تبقت، وهي أن يتحرك السودانيون لتغيير واقعهم".