يثير تفكيك مصنع لأنابيب المياه من داخل مشروع أمطار الزراعي بمدينة الدبة بالولاية الشمالية حفيظة سكان المنطقة، فالمصنع الذي كان ينتج الأنابيب للاستهلاك المحلي نقل بشكل كامل إلى مصر خلال الشهرين الماضيين تحت سمع وبصر مسؤولي الحكومة الذين صادقوا على إجراءات الانتقال بحسب رواية لجان المقاومة لـ"ألترا سودان".
صادق مسؤولون على نقل المصنع إلى مصر دون أن يطرف لهم جفن لفقدان مصنع هو الأول من نوعه لتوفير أنابيب المياه بالبلاد
وصعدت قضية نقل مصنع الأنابيب من مشروع شركة أمطار التي يملكها مستثمرون إماراتيون إلى السطح مع زيارة أجرتها والي الشمالية إلى مقر اعتصام المواطنين قرب الشركة الأحد الماضي، حيث استمعت إلى مطالبهم وأقرت بمشروعيتها.
اقرأ/ي أيضًا: مصادر تكشف قبول استقالة الأمين العام للضرائب
ويقول عضو لجان مقاومة الدبة بدر الدين جاد السيد لـ"ألترا سودان"، إن مصنع الأنابيب نقل إلى مصر بواسطة الشاحنات بعد إجراءات نفذتها إدارة الشركة مع مسؤولي الحكومة، والذين صادقوا على نقل المصنع دون محاولة لإبقائه وهو المصنع الأول من نوعه في البلاد.
وطلبت والي الشمالية مهلة لبحث أزمة نقل المصنع إلى مصر باستفسار الجهات المسؤولة، سيما وزارة المالية ومجلس الوزراء، فيما أقرت بمشروعية المطالب التي طرحها المعتصمون قرب مقر الشركة، وعقدت اجتماعًا مع الشركة وحثتها على الاستجابة إلى المطالب.
ويوضح جاد السيد، أن الوالي شكلت لجنة ثلاثية من لجان مقاومة الدبة التي نظمت الاعتصام، وعقدت اجتماعًا الإثنين الماضي، وتعهدت بإنفاذ المطالب خاصة المسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتق شركة أمطار.
ولمزيد من التقصي حول الأزمة التي نشبت بين شركة أمطار ومواطني الدبة، أجرى "ألترا سودان" اتصالًا بمصدر من وزارة المالية بالولاية الشمالية، والذي اشترط حجب اسمه، وقال إن "نقل المصنع مرتبط بارتفاع تكلفة التشغيل في البلاد، إلى جانب عدم توفر الطاقة وارتفاع تكلفتها في الآونة الأخيرة نسبةً لشح الوقود".
اقرأ/ي أيضًا: تأجيل جلسة محاكمة القيادي بالنظام البائد الحاج عطا المنان
وأشار إلى أن بيئة الاستثمار في السودان غير مشجعة، خاصةً مع الاحتجاجات الشعبية التي ظهرت في الشهور الأخيرة، محذرًا من أن مشاريع استثمارات عربية مماثلة في المنطقة تعتزم نقل استثماراتها إلى مصر حال عجز الحكومة عن إيجاد مخرج للأزمة بين المجتمعات والمستثمرين.
مسؤول: شح الوقود والطاقة وراء نقل المصنع إلى مصر إلى جانب الاحتجاجات المتكررة للمجتمعات
ويدافع عضو لجان مقاومة الدبة وأحد منظمي الاعتصام بدر الدين عبد القيوم، عن الاعتصام والاحتجاج أمام مقر شركة أمطار قائلًا إن: "الأهالي لا يريدون أكثر من حقوقهم الأساسية بمنح (20)% من الأرباح إلى المنطقة لتحسين الخدمات الصحية والتعليم والطرق".
ويعتبر مشروع أمطار الزراعي شراكة بين السودان وشركة جنان الإماراتية بنسبة (40)% للسودان و(60)% للشركة في مساحة (118) ألف فدان، حسب ما أعلن وزير الزراعة المكلف عبد القادر تركاوي في زيارة نفذها في شباط/فبراير الماضي إلى مقر المشروع بالولاية الشمالية.
وقال تركاوي إن الحكومة أجرت مراجعة للاتفاقية الموقعة ما بين السودان وشركة جنان الإماراتية، وتم تعديل بعض بنود الاتفاقية بما يساهم في تطوير المشروع ويحقق الفوائد والمصالح المشتركة بين الطرفين.
وليس معروفًا عما إذا كان تعديل الاتفاق بين السودان وشركة جنان التي تملك (60)% من أسهم المشروع قد صادق على ترحيل مصنع الأنابيب إلى مصر، لكن أعضاء لجان مقاومة بالدبة يقولون إن إجراءات نقل المصنع إلى مصر بدأت في مطلع العام بالتزامن مع تعديل الاتفاق بين الحكومة والمستثمرين.
ويحتج مناهضو الاستثمارات في هذه المناطق على أن هذه المشاريع تركز على زراعة الأعلاف التي تستهلك كميات كبيرة من المياه الجوفية، إلى جانب عدم وجود جدوى اقتصادية من زراعتها في ظل حاجة البلاد إلى زراعة المحاصيل الاقتصادية.
لكن مدير مشروع كفاءة الزراعي والذي يعتبر أحد استثمارات شركة الراجحي السعودية مصطفى إبراهيم عبد الرسول، يدعو إلى أهمية النظر بعين الاعتبار إلى الاستثمارات الخليجية في السودان، مشيرًا في تصريح لـ"ألترا سودان"، إلى أن المشاريع الزراعية التي صرفت عليها مليارات الدولارات تواجه معضلة الاحتجاجات الشعبية والاضطرابات الاجتماعية التي تقوض المضي قدمًا في هذه الاستثمارات الحيوية على حد تعبيره.
اقرأ/ي أيضًا: جنوب السودان.. كيف تحول نزع السلاح لمواجهات بين الجيش والمدنيين؟
ويقول عبد الرسول إن: "مشروع الراجحي في منطقة الغابة بالولاية الشمالية هو الآخر يعاني من الاحتجاجات المجتمعية، ورغم اجتماعنا مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، إلا أن الوضع ظل كما هو".
يقر عضو لجان المقاومة ومنسق "اعتصام الدبة" بأهمية الاستثمارات الخليجية في المنطقة، ويدعو إلى شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع المحلي والمستثمرين
وتقدر استثمارات شركة الراجحي السعودية في الشمالية وغرب أمدرمان بقيمة لا تقل عن أربعة مليار دولار، ويخشى عبد الرسول من أن تنتقل الاستثمارات العربية والأجنبية إلى دول الجوار، نسبةً للصعوبات التي تواجهها في السودان.
غير أن عضو لجان مقاومة الدبة ومنسق "اعتصام الدبة"، بدر الدين جاد السيد، يقر بأهمية الاستثمارات الخليجية في المنطقة، ويدعو إلى شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع المحلي والمستثمرين بما يحقق مصالح الأطراف وتحمل المسؤولية الإجتماعية.
اقرأ/ي أيضًا
مصادر: اجتماع لمجلس الأمن والدفاع بشأن أزمة حاكم كسلا
لجنة حكومية توصي بإعادة 193 مفصولًا للخدمة وتحسين معاشات آخرين