يوافق 30 حزيران/ يونيو من كل عام ذكرى انقلاب نظام الجبهة الإسلامية في 1989، لكن بعد ثورة ديسمبر المجيدة، ظل السودانيون يتظاهرون في هذا التاريخ، ويبعثون بعدة رسائل في كل عام في بريد السلطة الحاكمة. فما هي الرسالة التي تحملها مواكب 30 يونيو 2022 وهل ستصل رسالتها إلى بريد السلطة؟ وهل ينتظر المتظاهرون ردًا من السلطة الحاكمة؟
"مقاومة الخرطوم": مواكب 30 يونيو تأتي تأكيدًا لرفض الشارع للحكم الشمولي العسكري
رسالة مواكب 2022
في كل عام، تخرج المواكب إلى شوارع العاصمة الخرطوم والولايات، وهي تحمل رسائل للمسؤولين، في إشارة إلى أن الثورة التي بدأت في 2018 لا تزال مستمرة، فماذا حدث في الأعوام السابقة وما المتوقع من مواكب هذا العام؟
سؤالٌ يُجيب عنه الناطق الرسمي باسم لجان مقاومة مدينة الخرطوم فضيل عمر فضيل، بأن مواكب 30 يونيو تأتي تأكيدًا لرفض الشارع للحكم الشمولي العسكري، في حين أن الرسالة التي حملتها مواكب 2019 أكدت –وفقًا لفضيل- أن عملية فض الاعتصام هي محاولة للانقلاب على السلطة والحكومة المدنية، قبل تأسيسها. وبحسب فضيل، فإن رسالة 2020 كانت تأكيدًا من الشعب على التزامه بالأجندة والمطالب، من أجل تحقيق الانتقال الديمقراطي في البلاد.
ويمضي فضيل قائلًا إن رسالة 30 حزيران/ يونيو 2020 جاءت كدلالة على أن "الشعب اكتسب الوعي الكافي وأسس حركة جماهيرية تحافظ على مكتسبات الثورة"، مضيفًا: "وفي 2022 تجيئ المواكب لإسقاط انقلاب 25 أكتوبر واستكمال المسار الديمقراطي وإنهاء وجود المكون العسكري في المشهد السياسي ومحاسبة كل من ثبت مشاركته في قتل المتظاهرين"، مشيرًا إلى أن "الحراك ترجمة لميثاق سلطة تأسيس الشعب وللحركة الشعبية الجماهيرية وتصورها للدولة بعد سقوط الانقلاب".
ويقول فيضل إن الشعب يرفض التفاوض والتسوية مع المجلس الانقلابي، لأن التسوية تعني مباركة الدماء التي سالت وتشجيع الانقلابيين لإعادة إنتاج انقلاب آخر. ويؤكد لـ"الترا سودان" أنهم ماضون في الحراك السلمي من دون الخوض في الحوار، تمسكًا باللاءات الثلاثة "لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية".
ثلاثة انقلابات.. وثورة سودانية واحدة
عقب ثورة ديسمبر المجيدة، مرّ المشهد السياسي بالكثير من التقلبات والمنعرجات، وشهدت الساحة السياسية تحالفات جديدة وانقسامات في الأجسام المهنية والقوى السياسية، وسقوط أخرى، إلى جانب تحولات كبيرة في الاقتصاد والوضع الأمني بالبلاد. وفي الإفادة التالية، نقرأ سيناريوهات الأوضاع السياسية، مع الناطق الرسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين، الوليد علي أحمد.
يقول الوليد إن البلاد شهدت ثلاثة انقلابات، الأول قامت به اللجنة الأمنية في 2019 وتم التوقيع على الوثيقة الدستورية، والثاني في 2020 وهو توقيع اتفاقية جوبا للسلام، والثالث كان في 25 تشرين الثاني/ أكتوبر 2021 – بحسب الوليد.
وبحسب الوليد، فإن ما حدث بين 30 يونيو 2021 و2022 هو "سيلان المزيد من الدماء وتراجع في مسار الثورة". وتوقع الوليد مزيدًا من شحذ الهمم من أجل إسقاط الانقلاب ومحاسبة المجرمين، للعودة بالثورة إلى المسار الصحيح - على حد تعبيره.
وفيما يتعلق بمواكب 30 يونيو 2022، يقول الوليد: "كانت مواكب 30 يونيو تتحدث عن تصحيح مسار الحكومة، لكن هذا العام تتحدث عن إسقاط الانقلاب ومحاسبة المجرمين". ويضيف "الجهات الداعية إلى المواكب هي لجان المقاومة السودانية وتجمع المهنيين السودانيين وكل القوى السياسية الرافضة للخروج الآمن للانقلابيين"، لافتًا إلى أن هذه القوى تدعو إلى "التغيير الحقيقي والجذري للنظام السابق".
وأردف الوليد: "مواكب 30 يونيو تصب في تراكم الفعل النضالي الذي يوصل إلى الإضراب الشامل وتعطيل الدولة من أجل إسقاط الانقلاب".
الوضع السياسي الراهن
يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أبوعبيدة برغوث في حديثٍ لـ"الترا سودان" إن المواكب واحدة من أدوات الضغط السلمية تجاه السلطة، لتنفيذ مطالب يرفعها المتظاهرون. والسبب وراء ضعف رسالة المواكب –بحسب برغوث- هو تنازع القوى السياسية والمدنية المناهضة للانقلاب فيما بينها، فكل مجموعة أو حزب يريد تجيير الحراك الجماهيري لصالحه، وبالتالي غابت المطالب الموحدة – على حد قوله.
ويواصل: "رفعت القوى السياسية شعار اللاءات الثلاثة في الوقت نفسه الذي تفاوض فيه، وهي محاولة لاستغلال المطالب لصالح مشاركتها في السلطة"، قائلًا إنها "ترغب باستغلال الحراك لتحقيق مصالح وتقدم سياسي في التفاوض، مع علمها أنها لن تحقق مطالب المتظاهرين".
ويشير برغوث إلى حدوث قطيعة بين الشارع والقوى السياسية، مؤكدًا أنه "في حال تحققت شراكة مع المكون العسكري فإن الشارع سيظل ملتهبًا"، بل سيعمل –بحسب برغوث- على إضعاف تلك القوى في الوقت الذي تسعى فيه إلى تحقيق حد أدنى من التسوية، لكنها لن تستمر – برأيه.
ويضيف برغوث معلّلًا: "لأنه في حال تحقق تسوية فإن الجماهير موجودة في الشارع وستعمل على إضعاف تلك القوى".
وأشار برغوث إلى "دوامة المواكب غير الموحدة حول مطالب محددة"، داعيًا إلى "توحيد مطالب الشارع والقوى السياسية ووضع برامج سياسية واضحة من أجل وحدة قوى الشارع".
محلل سياسي: يجب توحيد مطالب الشارع والقوى السياسية ووضع برامج سياسية واضحة من أجل وحدة قوى الشارع
يعاني المواطن من تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية وضبابية المشهد السياسي، في وقتٍ لا تكاد تتوقف فيه المواكب الأسبوعية بل واليومية في عدد من مناطق السودان؛ فما هي فرص مواكب 30 حزيران/ يونيو المرتقبة غدًا الخميس في إحداث تغيير في المشهد السياسي السوداني؟