13-يوليو-2022
احتجاجات في السودان

احتجاجات رافضة للحكم العسكري في السودان

في كانون الثاني/ يناير 2019 قاد تجمع المهنيين السودانيين الثورة السودانية للإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير. وحظي وقتها التجمع الذي ضم عددًا من التجمعات المهنية والنقابات بإجماع شعبي كبير، قبل أن يصيبه فيروس الانقسامات، ويجد السودانيون أنفسهم في مواجهة نسختين من التجمع عقب إجراء انتخابات قال عنها القيادي بتجمع المهنيين محمد ناجي الأصم بأنها "ترسخ لسيطرة فصيل سياسي بعينه".

محلل سياسي: مآلات لجان المقاومة لن تكون مختلفة عن مصير تجمع المهنيين السودانيين

وبعد سنتين من الانشقاق الذي ضرب تجمع المهنيين وقلّل في المقابل من الدور الذي كان من الممكن أن يساهم من خلاله في رسم مسارات الثورة الشعبية في السودان ومستقبلها، يتخوف الكثيرون من تكرار ذات السيناريو مع لجان المقاومة التي تخوض الآن معركة استعادة المسار الثوري في البلاد في مواجهة المكون العسكري بعد انقلابه على الوثيقة الدستورية في 25 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، وتزداد المخاوف من أن تلقى لجان المقاومة في السودان مصير تجمع المهنيين.

مساء الأحد أعلنت تنسيقية لجان مقاومة الديوم الشرقية عن رفع اعتصام الجودة "حمايةً للثوار". وهاجم بيان للتنسيقية الحزب الشيوعي السوداني وحمل كوادره مسؤولية فض جزء من تروس الاعتصام.

وبحسب البيان، فإن كوادر الشيوعي كانت رافضة للاعتصام منذ بدايته، وبعد نجاحه ادعت دعمها له وعملت على إثارة الشائعات والسلوكيات التي أثارت ضجر الأهالي والثوار.

وفي ردة فعل على البيان، رفض الحزب الشيوعي السوداني دعوةً لاجتماعٍ مشتركٍ من تنسيقية لجان مقاومة الديوم الشرقية انطلاقًا من رفضه لما ورد في بيان التنسيقية من "اتهامات لا أساس لها"، واشترط قبول الدعوة بتصحيح الموقف "غير اللائق" والتراجع والاعتذار عنه، بما يؤسس لعلاقة تقوم على "مبدأ الاحترام المتبادل والعمل المشترك".

https://t.me/ultrasudan

الاتهامات المتبادلة بين الحزب ولجان المقاومة، تشير بوضوح إلى المهددات التي تواجه لجان المقاومة ومستقبل الثورة السودانية. ويري فيها حسن طلب عضو لجان مقاومة بحري امتدادًا لما يسميه "محاولة القوى السياسية للسيطرة على لجان المقاومة وتوجيهها نحو تحقيق غاياتها الخاصة". طلب الذي سبق وأن قدم كلمة لجان المقاومة في ميدان اعتصام القيادة العامة ينظر إلى ما يجري الآن على أنه "إعادة لنفس سيناريو ما حدث في تجمع المهنيين السودانيين". ويختم طلب إفادته لـ "الترا سودان": "لن نحصل على نتائج مختلفة ونحن نعيد السير في ذات الطريق، ما يجرى الآن سينتهي بانشقاق وتفتيت لجان المقاومة والمستفيد الرئيسي من ذلك القوى الانقلابية".

 ويطالب المتحدث باسم لجان مقاومة صالحة فيصل السعيد القوى المدنية والسياسية بمواجهة الاختلالات في داخلها، فمن ينادي بالديمقراطية واحترام الآخر وهو عاجز عن إنجاز تحالف حد أدنى مع قوى متفقة معه سياسيًا عليه -بحسب فيصل- إعادة النظر في الطريقة التي يدير بها فعله السياسي.

ويرى فيصل في عجز القوى الحزبية عن ممارسة الفعل السياسي بطريقة "صحية ونظيفة"، وفيما أسماه "تضييق ماعون المشاركة" عن طريق احتكار حق الفعل الثوري لصالح فكرة محددة، وادعاء امتلاك الحق المطلق والشرف الكامل وعدم الاعتراف بالأخطاء وتخوين الجميع، ويكمل السعيد: والسعي إلى اختراق لجان المقاومة وتمرير خطابات الشتات والفُرقة عبر تصوير أعداء ومعارك في غير معترك يقود في آخر المطاف -طبقًا للسعيد- إلى السماح لقوى الظلام بتفتيتها أكثر.

ومنذ سقوط نظام البشير في نيسان/ أبريل 2019 وبعد تراجع دور تجمع المهنيين السودانيين وفي ظل تنامي موقف رافض للأحزاب السياسية في المشهد السوداني، انطلقت معركةٌ الهدف الرئيسي منها هو أن تضمن القوى الحزبية تماهي لجان المقاومة مع خطها السياسي العام، ما جعل اللجان ذات الاستقلالية تبدو وكأنها منقسمة على أساس مواقف الأحزاب السياسية.

وأثبتت تجربة الاعتصامات الأخيرة في الخرطوم وما رافقها من بيانات "متضاربة" تجذر الخلافات بين لجان المقاومة وعمقها، وهو خلاف تدعمه بصورة كبيرة قوى سياسية حزبية تواصل في إصرارها على تجيير الموقف المقاوم لصالح إستراتيجياتها السياسية ولا تتوانى عن اتهام بعضها البعض بممارسة السيطرة على خط اللجان.

ويشير المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي إلى ما يسميه "التداخل في الاختصاصات والأدوار" بين لجان المقاومة باعتبارها أدوات ضغط لتحقيق الأهداف الثورية وبين الأحزاب السياسية. ويقول مصعب إن الفراغ الذي خلفه "عجز الأحزاب السياسية" هو ما زاد من إحساس لجان المقاومة بعظمة الدور الذي يمكن أن تلعبه في المشهد. وتداخل الأدوار هذا -بحسب مصعب- هو ما أنتج الواقع الراهن "غير واضح المعالم".

ويري مصعب أن مآلات لجان المقاومة لن تكون مختلفة عن مصير تجمع المهنيين السودانيين. ويتابع: "موقف اللجان الذي يبدو وكأنه مخالف لموقف الأحزاب السياسية قد يعجل بانشقاقها وهو أمر لن يختلف حتى ولو كان الموقف واحدًا بين الطرفين"، مشيرًا إلى انشقاق تجمع المهنيين الذي قال إنه بسبب اختلاف المكونات المشكلة للتجمع وتباين رؤاها السياسية حول التعامل مع الانتقالية.

وعلى الرغم من تبني مشروع لوحدة مكونات الثورة وانخراط مجموعات متعددة من أجل العمل على رتق الفتق بين لجان المقاومة والقوى الحزبية عقب الإعلان عن ميثاق "سلطة الشعب" الذي طالبت فيه لجان المقاومة الأحزاب التي شاركت في حكومة الثورة قبل الانقلاب بالاعتذار، على الرغم من كل ذلك فإن "مصير التفتت" يبدو الأقرب الآن وفقًا لمحللين ومتابعين للمشهد السوداني.

آمال الزين: أموال المجتمع الدولي سوست عود العمل السياسي في السودان وتتجه الآن بكلياتها للجان المقاومة لقطع الطريق أمام التغيير

فيما يؤكد فريق آخر أنه وحتى الآن تبدو سيناريوهات من راهنوا على استمرار الانقلاب هي الراجحة، عقب نجاحهم في تفتيت التجمع أولًا وخلق الفجوة بين قوى الثورة المنظمة وبين الشارع؛ وهي إستراتيجيات يستخدمها الانقلابيون في الداخل والمجتمع الدولي من أجل قطع الطريق على مشروع التغيير بحسب ما كتبت المتحدثة الرسمية باسم الحزب الشيوعي آمال الزين على صفحتها الشخصية بفيسبوك. وتقول آمال: "أموال المجتمع الدولي سوست عود العمل السياسي في السودان وتتجه الآن بكلياتها للجان المقاومة لقطع الطريق أمام التغيير في السودان".