لتغطية الطلب على طحين القمح في البلاد حتى نهاية العام الجاري، اتجهت الحكومة الانتقالية للاعتماد على إنتاج المزارعين المحليين من القمح والذي يقدر بعشرة ملايين جوال، ضمن دائرة الاستهلاك وتوريده إلى مطاحن الغلال الرئيسية، ما يعني أن الحكومة أوصدت باب الحوجة للقمح لنصف عام.
وفي أيار/مايو الماضي بدأ مطحن غلال شمالي الخرطوم رسميًا في العمل على طحين القمح المنتج من المشاريع الزراعية المحلية هذا الموسم، وساعد هذا الإجراء السودان على توفير ملايين الدولارات التي تخصص للاستيراد.
مسؤول حكومي: حجم إنتاج القمح في البلاد هذا الموسم (10) مليون جوال، والمخزون الاستراتيجي يخطط لشراء (60)% من الانتاج الكلي لتغطية الاستهلاك حتى نهاية العام
ويعتقد مسؤولون أن التوسع في زراعة القمح سيساعد السودان على توفير (50)% من الاستهلاك المحلي في وقتٍ تواجه البلاد شحًا في العملات الصعبة وتجد صعوبة في توفير مليار دولار سنويًا لسداد فواتير مليوني طن من القمح، والذي أدى نقصه إلى تأجيج الثورة الشعبية جراء نقص الخبز في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2018، والتي أنهت حكم الرئيس المعزول عمر البشير في نيسان/أبريل 2019.
اقرأ/ي أيضًا: تصور لجهاز الأمن الداخلي يعرض للإجازة يتضمن وظائف للجان المقاومة
وكان مدير إدارة السلع الاستراتيجية بوزارة المالية الاتحادية، علي خليفة عسكوري، قد أكد في نيسان/أبريل الماضي على هامش إبرام اتفاقٍ مع برنامج الأغذية العالمي أن: "السودان تمكن من تأمين طحين القمح بالاعتماد على شحنات سيجلبها برنامج الغذاء العالمي مقابل شراء الذرة من المخزون المحلي بقيمة (50) مليون دولار".
ومن المتوقع أن يبدأ برنامج الغذاء العالمي توريد القمح اعتبارًا من حزيران/يونيو الجاري بجانب الانتاج المحلي للقمح الذي أعلنت الحكومة شراءه بقيمة (3.5) ألف جنيه للجوال من المزارعين، ما يعني أن السودان لن يواجه نقصًا في طحين القمح حتى نهاية العام الحالي بحسب عسكوري.
ويستهدف البنك الزراعي شراء (60)% من الإنتاج المحلي لصالح المخزون الاستراتيجي بقيمة (3.5) ألف جنيه وفقًا للسعر التأشيري المعلن عنه منذ آذار/مارس الماضي، فيما يشكو مزارعون بمشروع الجزيرة من بقاء القمح الذي اشتراه البنك الزراعي في العراء عرضةً للأمطار والظروف الطبيعية والسرقات والحريق.
وأبلغ أحد المزارعين "ألترا سودان" أن القمح الذي اشتراه البنك الزراعي من المزارعين ظل في العراء فيما يطلقون عليه "الشونة" في انتظار الترحيل إلى المخازن التي حددتها الحكومة.
وأضاف: "القمح لا زال في الحقول والسهول بكميات لم ترحل إلى المخازن رغم مرور فترة طويلة على شراء البنك الزراعي، بالتالي تظل مسؤولية حراسته وتأمينه وتخزينه هي مسؤولية الحكومة عبر ذراعها الاقتصادي البنك الزراعي".
اقرأ/ي أيضًا: التداخلات الدوائية ومخاطرها الصحية
لكن مقرر اللجنة العليا للعروة الصيفية محمد عوض كشف لـ"ألترا سودان" أن الآلية المعنية باستلام القمح من المزارعين حددت مخازن مطاحن الحصاحيصا بولاية الجزيرة لتخزين القمح وترحيله من الحقول خلال اليومين القادمين، منوهًا إلى إنفراج هذه الأزمة قريبًا.
مقرر اللجنة العليا للعروة الصيفية: إجمالي القمح المستهدف للشراء لصالح المخزون الاستراتيجي (6) مليون جوال من جميع المشاريع التي حصدت القمح في البلاد، من جملة (10) مليون جوال الحجم الكلي المتوقع حصاده هذا الموسم
وأكد عوض أن البنك الزراعي قام بشراء (2.5) مليون جوال قمح، فيما يستهدف شراء (4.5) مليون جوال على أقل تقدير بمشروع الجزيرة من جملة (6) مليون جوال حجم الانتاج المتوقع بمشروع الجزيرة.
وتابع: "إجمالي القمح المستهدف للشراء لصالح المخزون الاستراتيجي (6) مليون جوال من جميع المشاريع التي حصدت القمح في البلاد، من جملة (10) مليون جوال الحجم الكلي المتوقع حصاده هذا الموسم".
وقال عوض إن "شراء (60)% من الإنتاج لصالح المخزون الاستراتيجي يساعد في تقليل فجوة طحين القمح في البلاد، حتى الإنتاج المتبقي خارج مخازن الحكومة يقع ضمن دائرة الاستهلاك المحلي".
وأوضح عوض أن: "القمح الذي بحوزة المزارعين التمسنا رغبتهم في بيعه للبنك الزراعي بعد انخفاض سعره في السوق إلى (2.4) ألف جنيه للجوال، بينما تشتري الحكومة بـ(3.5) ألف جنيه تشجيعًا للمزراعين المنتجين".
واعترف عوض بمواجهة الآلية المكلفة مشكلة الترحيل بالولاية الشمالية بشراء وترحيل القمح، موضحًا أن اللجنة العليا قامت بتذليل صعوبات واجهت البنك الزراعي والآليات المعينة.
وكشف مقرر اللجنة العليا للعروة الصيفية عن إستئجار البنك الزراعي مخازن الشركة الصينية بمشروع الجزيرة لتخزين القمح لصالح المخزون الاستراتيجي.
اقرأ/ي أيضًا: شركة المعادن تطالب بإحالة مخالفات تهريب الذهب للأجهزة العدلية
وحول التعليقات التي انتقدت تعبئة القمح في أكياس بلاستيكية، قلل عوض من هذه المشكلة وقال: "شهد الحصاد في بدايته عقبات ولجأ البنك الزراعي إلى تعبئة القمح في الأكياس البلاستيكية، لكن حاليًا تم توفير آلاف الأطنان من الخيش".
كانت قد صدرت تحذيرات من تجمع المهندسين الزراعيين ببقاء آلاف الأطنان من القمح في العراء بمشروع الجزيرة
ويعد إكمال الخطة المتعلقة بنقل وتخزين القمح بمخازن البنك الزراعي، واحدًا من الملفات التي تبقت للجنة العليا للعروة الصيفية والبنك الزراعي، ويقومان بتحركات حثيثة حسب هذا المسؤول الحكومي مع تحذيرات صدرت من تجمع المهندسين الزراعيين ببقاء آلاف الأطنان من القمح في العراء بمشروع الجزيرة.
ويعتقد عوض أن الآلية المكلفة بمتابعة شراء القمح من المزارعين ينبغي أن تمثل فيها الشرطة أو جهاز المخابرات والمزراعون والبنك الزراعي، لكن إخفاقات هذا الموسم ستعالج مستقبلًا لأن السودان لأول مرة منذ سنوات يخطط للانتاج الزراعي، وهناك اهتمام للرأي العام بالزراعة لأنها مخرج من الأزمة الاقتصادية.
اقرأ/ي أيضًا
التحالف السوداني: الأموال هربت إلى الإمارات وماليزيا ويمكن استردادها قضائيًا
جوبا: تقرير أممي يوثق لمقتل 658 مدنيًا خلال مواجهات قبلية في ثلاثة أشهر