مجتمع

درجات حرارة قاتلة في شرق السودان

14 مايو 2024
Red sea in eastern Sudan.png
البحر والصيف يتسببان في ارتفاع درجات الحرارة إلى حد قاتل (الترا سودان)
عامر صالح
عامر صالحصحفي من السودان

تواصل درجات الحرارة العالية الارتفاع في ولاية البحر الأحمر أقصى شرق السودان، ويفاقم الإحساس بارتفاع درجات الحرارة تشبع الأجواء بالرطوبة العالية التي تشتهر بها ولاية البحر الأحمر في أشهر الصيف القاسية ضمن مناخ الولاية المميز والمختلف عن بقية ولايات السودان جراء تواجدها على شاطئ البحر الأحمر الذي يرفدها بالأملاح ونفحات الرياح المحملة ببخار الماء الذي يصعب عمليات الاستباب الحراري.

مدينة كسلا أيضًا لم تنجُ من الارتفاع الجنوني في درجات الحرارة التي يحتفظ بها جبل توتيل الصخري الذي يتشمس طوال النهار ليفرغ تلك الضياء بهدوء طوال المساء، محافظًا على أجواء ساخنة للغاية في المدينة، ولكن متجانسة طوال اليوم.

لجنة طوارئ ولاية البحر الأحمر كانت قد أطلقت تحذيرًا من ارتفاع درجات الحرارة، ولفتت إلى أن موسم الطقس الحار قد ابتدأ في الولاية

وتضج مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوى المواطنين من ارتفاع درجات الحرارة المصحوب بانقطاع التيار الكهربائي الذي يصل لأكثر من (12) ساعة يوميًا في بعض الأحيان، وذلك ضمن ما يعرف بـ"برمجة القطوعات" التي تقوم بها شركة الكهرباء السودانية لتوزيع الأحمال على شحها في ظل خروج العديد من المحطات الحرارية جراء الحرب التي دمرت البنية التحتية في البلاد.

البحر الأحمر

لجنة طوارئ ولاية البحر الأحمر كانت قد أطلقت تحذيرًا الأحد المنصرم من ارتفاع درجات الحرارة، ولفتت إلى أن موسم الطقس الحار قد ابتدأ في الولاية، مناشدة المواطنين بعدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة خوفًا من ضربات الشمس القاتلة، كما نصحت بتقليل ساعات الأعمال الشاقة خلال النهار، والإكثار من شرب المياه، فضلًا عن التواجد في أماكن ذات تهوية جيدة طوال الوقت.

واستقرت درجات الحرارة الحقيقية في ولاية البحر الأحمر خلال الأيام الماضية في درجات أعلى من (35) درجة مئوية وفق تقارير الهيئة العامة للأرصاد الجوية، ولكن تزيد الرطوبة من درجات الحرارة المحسوسة لتتجاوز الأربعينات. الهيئة العامة للأرصاد الجوية تحذر هي الأخرى من طقس "حار جدًا نهارًا" في شرق السودان.

وتستضيف ولاية البحر الأحمر مئات الآلاف من النازحين الفارين من الحرب السودانية التي أكملت عامها الأول الشهر الماضي. ويقيم النازحون في ولايات السودان الآمنة في مراكز إيواء بالمدارس والمرافق العامة، في ظروف وُصفت بـ"الكارثية"، وذلك جراء التكدس الكبير للمواطنين مع شح الخدمات الأساسية لا سيما الغذاء والمياه والصحة.

وحذرت الأمم المتحدة من انتشار الوبائيات في هذه المراكز المزدحمة بشرائح معرضة بعضهم من كبار السن والصغار وأصحاب الأمراض المزمنة. كما تنعدم في العديد منها مياه الشرب الجارية وخدمات الكهرباء. وتضطر الأسر للإقامة في هذه المراكز بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات، ضمن الارتفاع الكبير في تكاليف شتى مناحي الحياة في البلاد التي تقول وزارة ماليتها الاتحادية إنها في وضع "اقتصاد حرب" يفاقم من التضخم ويعطل الإنتاج.

يذكر أن الحكومة القائمة في البلاد كانت قد اختارت بورتسودان عاصمة إدارية مؤقتة للبلاد بعد أشهر من اندلاع الحرب، وانتقلت إليها جميع الوزارات الاتحادية والسيادية، بجانب رئاسات المنظمات الدولية والشركات الكبرى.

كسلا

كسلا التي تقع في الحدود الشرقية للبلاد مع دولة إريتريا، لا يختلف وضعها كثيرًا عن جارتها في الشرق بورتسودان، فدرجات الحرارة القاتلة يزيد من خطورتها انقطاعات التيار الكهربائي وشح المياه، مع استضافتها هي الأخرى لأعداد ضخمة من النازحين.

وتقول تقارير الهيئة العامة للأرصاد الجوية إن درجات الحرارة العليا في كسلا تراوحت خلال الأيام الماضية بين (44) و(45) درجة مئوية، ويفاقم من معاناة ولاية كسلا مع درجات الحرارة سلسلة جبال توتيل الصخرية الضخمية التي تعكس الحرارة وتحجب الرياح نهارًا، وتشع ما احتفظت به صخورها من سخونة طوال الليل.

تتميز كسلا بسلسلة جبال توتيل أبرز معالم الولاية التي تقع في شرق السودان على الحدود مع دولة إريتريا (أرشيفية/غيتي)

التاجر في سوق كسلا الكبير سليمان همد يقول لـ"الترا سودان" إن المواطنين صاروا يقضون أوقاتًا أطول في المساجد ليحظوا بالظل والتهوية في نهار الصيف الغائظ الطويل، ويفضلون المساجد الكبيرة التي تحتفظ بمولدات كهرباء تحسبًا للانقطاع الدائم للتيار الكهربائي.

من جانبه، يؤكد المهندس مصعب حسن الذي عمل في السابق في هيئة الكهرباء بولاية كسلا، أن أزمة الكهرباء ستتفاقم بشكل كبير خلال الصيف لشح الوارد من التوليد المائي في ظل توقف المحطات الحرارية التي كانت تغذي الشبكة القومية بالكهرباء، بالأخص المحطات الكبرى في العاصمة الخرطوم.

أما المواطن وليد العطا فيؤكد لـ"الترا سودان" إنه يقضي معظم نهاره في جنائن السواقي الخضراء والتي ترطبها أشجار المانجو الضخمة التي تتميز بها كسلا. وليد ليس وحده فالسواقي تستضيف أيضًا النازحين الذين كانت ظلالها الوارفة أكثر رحمة بهم من الاقتصاد والحرب التي لم تترك لمعظمهم شيئًا يستظلون به من هجير "القاش وشمس الصيف" كما تقول الأغنية الكسلاوية الشهيرة.

حرارة قاتلة

من المعلوم عند السودانيين أن درجات الحرارة قاتلة، لا سيما في ولاية البحر الأحمر التي تفقد عددًا من مواطنيها سنويًا للشمس والبحر اللذان يتضافر مجهودهما صيفًا لتصل الأجواء إلى حالة من التشبع الذي لا يطاق. ويقول الطبيب الشرقاوي محمد حامد لـ"الترا سودان" إن ضربة الشمس هي أخطر الحالات القاتلة التي يتسبب بها الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، لا سيما في ولاية البحر الأحمر التي تفشل فيها الرطوبة العالية عمليات الجسم للتبريد.

طبيب: ضربة الشمس تحدث عندما يفشل الجسم في التحكم في درجة حرارته بشكل سريع، بحيث تفشل آلية التعرق، ويصبح الجسم غير قادر على تبريد نفسه

ويقول د. محمد حامد إن ضربة الشمس تحدث عندما يفشل الجسم في التحكم في درجة حرارته بشكل طارئ، بحيث تفشل آلية التعرق، ويصبح الجسم غير قادر على تبريد نفسه، لترتفع درجات الحرارة الداخلية بسرعة كبيرة. و عند حدوث ضربة الشمس، يمكن أن ترتفع حرارة الجسم إلى درجات قاتلة خلال دقائق معدودة.

ويصاحب ارتفاع درجات الحرارة حتى تبلغ (40) درجة مئوية أثناء ضربة الشمس، حالة من الارتباك الذهني والعقلي عند المصاب، قد تصل حد الغيبوبة، وقد يتزامن مع ذلك شعور بالغثيان وحتى القيء، فضلًا عن الصداع الحاد الذي يشبه الضربات في الرأس. يحدث ذلك كله مع ارتفاع في عدد نبضات القلب وتغير في لون الجسم والتنفس السريع حد اللهاث.

ويقول محمد حامد إنه يجب الإسراع بالشخص إلى المستشفى عند تعرضه لضربة شمس، مع ضمان التهوية الجيدة والتروية طوال الوقت حتى الوصول إلى المختصين. وينصح هذا الطبيب بوضع المصاب بضربة الشمس في الظل وإزالة الملابس عن جسمه ورشه بالماء أو حتى وضع أكياس ثلج على جسده، وذلك بالتزامن مع تهويته جيدًا بالمراوح أو يدويًا بقطعة قماش.

الكلمات المفتاحية

الخرطوم خالية من سكانها

"الترا سودان" يتجول وسط الخرطوم ويقف على آثار الحرب

بعد عامين من الحرب والدمار، تحاول الخرطوم أن تعيد بناء نفسها، رغم التغيرات الجذرية التي طرأت على ملامحها.


مدنيون في الخرطوم - الحرب.jpg

الخرطوم خالية من السكان.. متى يعود المواطنون؟

سؤال يطرحه السودانيون في دول اللجوء عما إذا كانت الأولوية لإعادة إعمار المرافق والمدن التي دمرتها الحرب أم العودة قبل ذلك. هذه الأسئلة تُطرح على شبكات التواصل بشكل شبه يومي.


هبة المهندس

هبة المهندس.. من مشوار المساء إلى رحلة علاج السرطان 

بثت الإعلامية هبة المهندس تطمينات عبر مقطع فيديو على حسابها في "فيسبوك" للسودانيين. وقالت إنها مستمرة في رحلة علاج مرض السرطان بصورة جيدة وتقترب من التماثل للشفاء.


علاج البصر في السودان

بالجهد الذاتي.. طبيبة بصريات تنير ظلام العيون في السودان

ترسم طبيبة البصريات رفيدة جمال لوحة إنسانية رائعة من خلال جهودها في مساعدة السودانيين الذين يعانون من مشكلات في البصر، حيث تعمل بجد لتقديم الرعاية الصحية والبصرية لهم، دون انتظار الدعم أو الرعاية من أي جهة

سودانيون مرحلون من ليبيا
أخبار

سلطات شرق ليبيا ترحل 700 سوداني

رحّلت السلطات شرق ليبيا، صباح الجمعة 18 تموز/يوليو 2025، نحو 700 سوداني من مدينة الكفرة، قائلة إنها ضبطتهم في قضايا تتعلق بالهجرة غير النظامية والتهريب وأحكام قضائية

كهرباء.jpg 2.jpg
أخبار

شركة كهرباء السودان: انقطاع التيار في عدة ولايات إثر عطل فني

شهدت عدة ولايات سودانية، اليوم الأحد، الموافق انقطاعًا كاملًا في التيار الكهربائي إثر عطل فني مفاجئ في الشبكة القومية، ما أدى إلى حالة من الإظلام التام في المناطق المتأثرة.


شباب - أزمة الكهرباء - كهرباء.jpg
أخبار

قطوعات الكهرباء تضاعف معاناة المواطنين في بورتسودان

تواجه أحياء بورتسودان العاصمة الإدارية أزمة الكهرباء بسبب خروج الخط الناقل بولاية نهر النيل شمال البلاد إثر تعرض المحطة التحويلية إلى عطل مفاجئ بسبب العوامل الجوية.

عبد الفتاح البرهان.jpg
أخبار

عبدالفتاح البرهان يصل الخرطوم ويجري زيارة تفقدية للقيادة العامة

وصل قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، إلى العاصمة السودانية الخرطوم اليوم السبت، حيث هبطت طائرته الرئاسية على مدرج مطار الخرطوم الدولي.

الأكثر قراءة

1
أخبار

أطباء السودان: تسجيل 1331 إصابة بالكوليرا في محلية طويلة خلال أسبوع


2
أخبار

استئناف الدراسة بكلية الطب في جامعة الخرطوم وتقديم أول محاضرة


3
أخبار

القوة المشتركة: جهات تعمل على تشويه صورتنا بالعاصمة الخرطوم


4
أخبار

تحذيّر من هطول أمطار مصحوبة بعواصف رعدية في عدة مناطق بالسودان


5
أخبار

آدم رجال لـ"الترا سودان": أكثر من 595 إصابة جديدة بالكوليرا في دارفور