21-يناير-2024

(أرشيفية)

يتعين على عشرات المتطوعين العمل على توفير الطعام وتشغيل مراكز الإيواء في مدينة كسلا شرق السودان، ويحدث هذا على مدار الساعة في ظل شح الموارد المالية التي تواجه الجماعات الطوعية.

تمثل كسلا نقطة نزوح أخيرة لعشرات الآلاف من النازحين داخليًا وإذا تمددت الحرب فإنهم سيطرقون أبواب دول الجوار

زاد عدد النازحين في مدينة كسلا منذ هجوم الدعم السريع على أجزاء من ولاية الجزيرة وسط البلاد في 19 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وتقدر الأمم المتحدة عدد النازحين بـ (15) ألف شخص في هذه الولاية الحدودية مع دولة إريتريا فيما يقدر متطوعون عدد النازحين في كسلا بنحو (150) ألف شخص.

في الأسبوعين الأولين، ومع تزايد حركة النزوح من ولاية الجزيرة إلى مدن شرق السودان، اضطر شبان وفتيات متطوعون لنشر مخيمات في محطة الحافلات السفرية في مدينة كسلا لاستقبال الآلاف وتوفير الأطعمة والمشروبات لهؤلاء الفارين من الحرب، وأغلبهم ينزح للمرة الثانية حيث نزح مسبقًا من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة.

بعض النازحين يتخذون مدينة كسلا محطة للوصول إلى دولة إريتريا، وهذا البلد استقبل الآلاف من السودانيين خلال الحرب. من هناك يتوجه النازحون إلى السعودية، فيما يقول عاملون في مجال العمل الإنساني إن السودانيين تحملوا تكاليف مالية باهظة للنجاة من القتال ومغادرة المناطق الساخنة.

كسلا وجهة آمنة 

في مدينة كسلا قد تجد المشاهد تمر ببعض التغييرات جراء حركة النزوح التي ألقت بظلالها على معالم المدينة المحاطة بالجبال الشاهقة شرقًا، وهي جبال "توتيل" و"مكرام"، وعلى الرغم من امتصاص المجتمعات لأعداد من النازحين بالاستضافة، لكن هناك آلاف الأشخاص ما زالوا أمام  مستقبل يتلاشى أمامهم  في مراكز الإيواء.

يحمل المتطوعون من الشبان والفتيات والنساء على عاتقهم مسؤولية توفير الطعام والمعينات لآلاف النازحين، مع شح شديد في الموارد المالية والمساعدات الإنسانية إلى جانب ارتفاع مظاهر الحياة العسكرية في المدينة.

تقول إحدى المتطوعات في مطبخ مركز إيواء وسط مدينة كسلا لـ"الترا سودان" إن السكان استجابوا للنداءات الإنسانية التي أطلقها المتطوعون في الأسابيع الأولى من تزايد حركة النزوح وهناك منظمات مجتمع مدني وإدارات اهلية وهيئات حكومية ومطاعم وأفراد قاموا بتوفير عشرات الآلاف من الوجبات اليومية، لكن مع مرور الوقت لا يمكن الاعتماد على عملية التطوع لأن الوضع الاقتصادي لا يساعد الناس على استدامة هذه الخيارات.

وتضيف هذه المتطوعة مشترطة حجب اسمها: "على الرغم من ذلك فإن العمل يسير بصورة لا بأس بها في مراكز الإيواء".

تهديدات 

الشهر الماضي نشرت جهات مجهولة أسماء متطوعين من الشبان والفتيات والمحت لتهديدات بالملاحقة الأمنية، ولكن هذا الإجراء لم يمنع عشرات المتطوعين من العمل.

ويرى حامد عبد الله العامل في المنظمات الإنسانية أن وضع الإنسان في مراكز الإيواء أو محطات النزوح داخل السودان متدهور بشكل كبير وبشكل يومي نتيجة انسداد الأفق ونقص التمويل الدولي.

وقال إن مدينة كسلا ليست استثناء من الوضع في السودان وهي تضم عشرات المراكز التي تؤوي النازحين، والمجتمعات قامت بتوفير قدرتها على الإطعام والمعينات وحتى العلاج، لكن استدامة الخدمات الإنسانية الطوعية أمر مستحيل لشح الموارد المالية لدى المتطوعين والأفراد والجهات الاجتماعية المانحة.

ويقول عبدالله لـ"الترا سودان" إن المنظمات الدولية لم تلقي بثقلها المالي في مراكز الإيواء، فضلًا عن أن مساعداتها التي تقدمها غير عملية، ويجب عليها تغيير طرق الدعم بدعم المطابخ اليومية والوجبات على مدار الساعات ووضع الميزانيات الشاملة شهرياً وإنشاء عيادات صحية داخل مراكز الإيواء.

استمرار العمل الجماعي

ويقول حسين صالح أري المتطوع في مركز التطوع بمدينة كسلا إن النازحين يقيمون في (121) مدرسة تقع داخل الأحياء.

وقال إن انتشار المدارس داخل الأحياء جعل السكان يتسابقون على تقديم المساعدات والتطوع في المدارس التي يقيم فيها النازحون، وحتى الآن الوضع يمضي بصورة جيدة ولم يتراجع الحماس والنشاط الذي ابتدره المتطوعون منذ الأيام الأولى.

ومن بين العوامل التي ساعدت النازحين في مدينة كسلا، حملات نفذها المتطوعون على الشبكات الاجتماعية ووسط  المجتمعات لحث ملاك المنازل على عدم استغلال الوضع ورفع أسعار الإيجارات، بحسب أري.

ويضيف أري: "وكالات الأمم المتحدة لعبت دورًا في صمود مراكز الإيواء بمدينة كسلا بتوفير مواد وسلع ساعدت المطابخ العامة في المدارس على تجهيز الطعام للنازحين".

وأردف: "لقد استفاد المتطوعون في كسلا من تجربة مراكز الإيواء في مدينة ود مدني لذلك يعمل الناس هنا على خدمة النازحين في المدارس بكسلا، لذلك لا يوجد نازحون يقيمون في الشوارع والأسواق ما تسبب في ارتفاع عدد مراكز الإيواء في كسلا".

ارتفاع حاد في أسعار الإيجارات بولاية كسلا

تتراوح أسعار إيجار المنازل في كسلا بين (400) إلى (600) ألف جنيه شهريًا، فيما تزيد أسعار الشقق عن المليون.

وتقول الأمم المتحدة إن تمدد الحرب الى ولايات شرق السودان سيجعل ملايين السودانيين يطرقون أبواب دول الجوار لأنها ولايات حدودية ولانعدام خيارات النزوح داخليًا.

بانر الترا سودان