19-نوفمبر-2020

فاطمة عبدالرحمن مع وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي (الترا سودان)

في 15 تشرين الأول/نوفمبر الجاري، احتفل السودان رسميًا في الخرطوم باتفاقية سلام السودان الموقع عليها في جوبا ما بين الحركات المسلحة والحكومة الانتقالية، وذلك بعد مقدم قادة الفصائل المسلحة إلى الخرطوم، تمهيدًا لبدء مصفوفة إنفاذ الاتفاقية على أرض الواقع وتقاسم السلطة.

"فاطمة عبدالرحمن" قيادية  بتجمع قوى تحرير السودان وأمينة شؤون المرأة بمكتب شمال دارفور وعضوة وفد المقدمة للجبهة الثورية

التقى "الترا سودان" بـ"فاطمة عبدالرحمن عبدالله"، القيادية في تجمع قوى تحرير السودان، وأمينة شؤون المرأة بمكتب شمال دارفور، وعضوة وفد المقدمة للجبهة الثورية، حيث تناول اللقاء اتفاقية سلام السودان وقضايا المرأة بعد مرحلة التوقيع في جوبا، فإلى مضابط الحوار.


  • شكلت المرأة حضورًا بارزًا داخل حركات الكفاح المسلح، وشاركت في عملية صناعة السلام؛ كيف تصفين مشاركة النساء خلال مراحل التفاوض، ولماذا تغيبن عن الظهور الإعلامي؟

لم يقتصر دور المرأة على مراحل الإعداد وحضور التفاوض في جوبا فقط، إنما امتد دورها داخل حركات الكفاح المسلح إلى ميادين القتال، والنساء في الداخل كانت مساهمتهن كبيرة إبان فترة ثورة كانون الأول/ديسمبر المجيدة، حيث لم يغب الصوت الأنثوي من أي موكب ثوري. تمكنّا كنساء من تثبيت ما نريد وشكلنا حضورًا في جوبا، وطرحنا قضايانا التي تبلورت في إعطاء النساء نسبة (40)% من هياكل السلطة الانتقالية.

اقرأ/ي أيضًا: التطبيع.. ابتزاز إماراتي أمريكي ومبررات حكومية واهية

أعود للقول، إن النساء كنَ الداعمات الأكبر للرجال في ميدان الحرب، من إسعاف الجرحى وإعداد الطعام ورفع الروح المعنوية. والرجل قبل ذهابه إلى الميدان يتأكد من وجود سيدة قائمة على شؤون منزله، لذلك يحق لنا القول أن نسبة مساهمة المرأة في إنجاح الثورة بشقيها السلمي والعسكري تقارب الـ(70)%.

  • ما الذي حققته اتفاقية السلام الموقعة في جوبا لنساء السودان؟

كلمة السلام في حد ذاتها مكسب كبير للمرأة السودانية، لأنها المتضررة الأولى من الحرب والمستفيدة الأولى من عملية صناعة السلام. ومن أهم المكاسب مشاركة النساء في إنجاز السلام نفسه، حيث كانت النساء في السنوات الماضية غائبات عن صناعة القرار كما هو معروف في اتفاقيات السلام السابقة، وذلك بسبب الهيمنة الذكورية والعادات والتقاليد التي تحط من مكانة المرأة، ولتنفيذ أجندة خاصة بالرجال. 

ومن المكاسب أيضًا أننا سنتمكن اخيرًا من الاستقرار، خاصة بالنسبة للنساء النازحات، والوصول للتنمية والأمن. المرأة في مناطق الهامش تتعرض لجميع أشكال العنف والتعذيب في ظل غياب الأمن. ونهدف من خلال عملية السلام إلى تمكين المرأة اقتصاديًا لتكون جزءًا من عملية صناعة القرار، ونجد المرأة حاليًا تعاني في التصرف في الممتلكات المالية، وفي حالة طلبت قرض صغير من البنك؛ هناك شروط بضرورة إحضار رجل لضمانتها ماليًا، لذلك نسعى إلى تمكينها اقتصاديًا، وهذا أمر لا يتوفر إلا في ظل وجود السلام.

  • ما هي آليات تنفيذ ما تحقق في الاتفاقية على أرض الواقع؟

هناك كثير من التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاقية، منها النسيج الاجتماعي المفكك نتيجة لخطط النظام السابق. لإنزال الاتفاقية على أرض الواقع يجب علينا إعادة رتق النسيج الاجتماعي للوصول لجميع أصحاب المصلحة في السلام. ومن التحديات، قلة الموارد نسبة لأن المناطق المتأثرة بالحرب في حاجة إلى أرقام ضخمة من المال لإعادة البناء والتعمير، والموارد جزء هام لإعادة النازحين ودفع التعويضات. 

صحيح أن الاتفاقية نجحت في مخاطبة جذور الأزمة السودانية، لكن لم يكن عليها توافق من جميع حركات الكفاح المسلح، وعدم التحاق الرفيق عبدالعزيز الحلو والقائد عبدالواحد محمد نور بركب السلام يشكل تحديًا كبيرًا لعملية السلام. ونناشدهم في الإسراع في الدخول للسلام من أجل المواطن البسيط في مناطق النزوح والهامش.

  • كيف تنظرون للخطوات التي اتخذتها الحكومة الانتقالية في ملف النساء بعد مرور أكثر من عام ونصف على تشكيلها؟

الحكومة الانتقالية واحدة من الأطراف الموقعة على اتفاق جوبا، وبالنسبة لإعطاء النساء حق (40)% من السلطة؛ قالت الحكومة في وقتٍ سابق بأنها ستعطي المرأة أكثر من (25)% للتمثيل في هياكل السلطة، وللأسف لم تتحقق هذه الوعود. الآن، نتوقع أن تنتزع المرأة حقها كاملًا من الحكومة الانتقالية، والتي تدرك مساهمة النساء في جميع ما تحقق من إنجازات، ولا أتوقع وجود معارضة تمنع المرأة من القيام بدورها السياسي والاجتماعي.

  • تم إلغاء قانون النظام العام، ومع ذلك، يرصد مدافعون عن حقوق الانسان استمرار عمليات الملاحقة والكشات لذوي الدخل المحدود؛ ما تعليقكم على هذه المسالة؟

ادعم هذا الرأي، وأضيف أنني شاهدت قبل فترة صاحب "درداقة" يتعرض لعملية ملاحقة من السلطات، وهناك الكثير من المشاهد المؤلمة والانتهاكات التي تحدث يوميًا. لا يمكن تغيير ما يحدث في ظل غياب المجلس التشريعي لسن قوانين جديدة، ومتابعة تنفيذها، سنرفع التوصيات بخصوص كل الانتهاكات عقب تكوين المجلس ونوصي بمعالجتها.

  • هناك من يتهم النسوية في السودان بالانقسام إلى نسوية هامش ومركز؛ ما رأيكم في هذه المقولة؟

قضية المرأة في الهامش والريف والمدينة واحدة، ولا أتفق مع وجود قضايا خاصة بنساء المدينة وأخرى بالمناطق المهمشة، علينا أن نتحد تحت مظلمة "المرأة السودانية"، وفي جوبا لم نتحدث عن المرأة في مسارٍ معين، بل كانت القضايا موحدة وشاملة.

  • جاءت نتيجة التعيينات الأخيرة في هياكل السلطة الانتقالية مخيبة للآمال للأوساط النسوية، واللائي طالبن بأكثر من واليتين؛ كيف يمكن إشراك النساء في جميع هياكل السلطة الانتقالية؟

شكلت هذه القضية مصدر قلق لجميع الأوساط النسائية، واخترنا الصمت بدلًا عن الاحتجاج، لأننا متوافقون حول حكومة الثورة، ولا نريد أن نعطي أصحاب الثورة المضادة فرصة لهز حكومة الفترة الانتقالية، سننتظر الـ(40)% التي ستعيد للنساء آمالهن في التمثيل العادل في هياكل السلطة.

  • ماذا عن عملية إصلاح القوانين التي تكفل حرية وكرامة المرأة؟

كما ذكرت سابقًا، لا يمكن إكمال عملية الإصلاح القانوني في ظل غياب المجلس التشريعي، نحتفظ حاليًا بملاحظاتنا في بعض القوانين، مثل قوانين الأحوال الشخصية والعمل، إلى حين الإعلان عن المجلس التشريعي الجديد.

  • كيف يمكن لنساء السودان صناعة نموذج في السلام يكون بمثابة خارطة طريق وقدوة لنساء إفريقيا؟

لتحقيق السلام يجب أن تكون المرأة في الواجهة. المرأة بإمكانها هدم وبناء الدولة، واختارت النساء عملية البناء، ودور المرأة في إنزال الاتفاقية لأرض الواقع كبير جدًا، وعندما تحدثت عن التحديات المتمثلة في رتق النسيج الاجتماعي؛ فأن المرأة دورها كبير في تذليل هذه العقبات، وذلك عبر المنتديات الدورية وتبادل الزيارات وفتح نقاش اجتماعي عن قضايا السلام. 

اقرأ/ي أيضًا: تحقيق لمنظمة دولية يسلط الضوء على جرائم الإمارات ضد سودانيين وحربها بالوكالة

  • هل من رسالة لنساء معسكرات النازحين واللاجئين؟

الرسالة الأولى موجهة لكل حواء السودانية: أن نتحد وننشئ جيلًا معافى وبعيد عن العنصرية والجهوية. الرسالة الثانية للنساء في معسكرات اللجوء والنزوح، بأن السلام جميل، وعبره من الممكن العودة للديار واسترداد كرامتنا، ونلتحق بالتنمية وننعم بالأمن والاستقرار. 

فاطمة عبدالرحمن: السلام يربطنا بكل من أبعدنا عنهم تهدم نسيجنا الاجتماعي بسبب الحرب، ويحفظ أبناءنا من ويلاتها

كنساء نهنئ أنفسنا باتفاقية السلام، ويجب أن نتفق على إنجاح الاتفاقية، والسلام يربطنا بكل من أبعدنا عنهم تهدم نسيجنا الاجتماعي بسبب الحرب، ويحفظ أبناءنا من ويلاتها.

اقرأ/ي أيضًا

إثيوبيا.. معارك كسر العظم

محللون وناشطون: تقويض الديمقراطية أوله مباحثات سرية مع إسرائيل