حرب ونزوح.. رمضان السودانيين بمعزل عن العادات والتقاليد هذا العام
25 فبراير 2024
اعتادت الطفلة سمر أن تنظف ساحة الحي مع رفيقاتها في كل عام استعدادًا لشهر رمضان، وذلك لتجهيز ساحة الحي التي يقيم بها الأهالي إفطارًا جماعيًا ضمن العادات والتقاليد السودانية، والذي يستهدف الأشخاص الذين يدركهم موعد الإفطار على الطرقات، وذلك بجانب الأشخاص الذين يقيمون في الحي من دون أسرهم. وهي عادة سودانية شهيرة ينخرط فيها جميع سكان الحي من نساء ورجال وأطفال كل حسب دوره ومقدرته.
بالرغم من اقتراب الشهر الفضيل إلا أنه لا وجود لرائحة "عواسة الآبري" التي تملأ الطرقات حتى الآن
هذا العام تجد سمر نفسها وحيدة، تستقبل رمضان وهي في دولة مصر بعد أن اضطرتها الحرب أن تغادر برفقة أهلها، بينما بقي الحي مهجورًا بلا سكان تقريبًا، وتحول إلى ثكنة عسكرية بعد أن كان مسرحًا لمعارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اللذين يخوضان قتالًا في السودان منذ منتصف نيسان/ أبريل من العام الماضي.
تقول الطفلة سمر (13 عام ) لـ "الترا سودان" إنها تفتقد الأجواء الرمضانية في السودان المليئة بالتفاصيل التي تكتسي بالعادات والتقاليد والسودانية التي حرمت منها قسرًا هذا العام، حيث تقوم والدتها في هذا التوقيت بتجهيز "الآبري" أو الحلومر، وهو أحد المشروبات السودانية الشهيرة التي تحضر بشكل أساسي من الذرة مع مجموعة واسعة من البهارات والأعشاب، ولا تكتمل الموائد الرمضانية في السودان من دونه.

وتضيف سمر أن رمضان هذا العام سيكون من دون الموائد الرمضانية التي اعتادت عائلتها أن تنظمها بشكل دوري والتي يجتمع فيها كل أفراد العائلة، بالإضافة إلى أجواء السحور الخاصة التي تمتزج بصوت المسحراتي وهو يطوف في أزقة الحي الضيقة.
روائح الحلومر ورمضان
بالرغم من اقتراب الشهر الفضيل إلا أنه لا وجود لرائحة "عواسة الآبري" التي تملأ الطرقات حتى الآن، وهي التي كانت من أكثر الروائح التي تبشر باقتراب رمضان ولياليه ذات الطابع الخاص، هذا ما أكده المواطن محمد أحمد أحد سكان مدينة سنار الواقعة جنوبي البلاد، ويضيف أن الأسر في السودان تعاني من ضائقة اقتصادية، ولا يمكنها أن تتحمل أعباء تحضير مشروب الحلومر والتي تعتبر باهظة الثمن، ويشير إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بشكل كبير في المدينة، الأمر الذي أدى إلى إحجام العديد من الأسر من تجهيز مشروب الحلومر هذا العام.
وفي السياق ارتفعت أسعار الحلومر الجاهز بشكل جنوني، وبحسب مواطنين بلغ سعر الطرقة الواحدة من "الآبري" مبلغ (1500) جنيهًا سوداني، وفي مصر التي استقبلت عدد مقدر من السودانيين جراء الحرب في السودان بلغ سعر طرقة "الآبري" (100) جنيهًا مصريًا، وتقول فوزية علي لـ" الترا سودان" والتي تعمل في مجال صناعة الحلومر إنها أحجمت هذا العام عن العمل جراء الكساد في السوق، إذ لم تتلق حتى الآن سوى اتصال واحد من إحدى السيدات التي اعتادت أن تشتري الحلومر منها في السنوات السابقة، مما يدلل على غياب أحد أهم المشروبات التي تمثل العادات والتقاليد السودانية في المائدة الرمضانية.
مساجد مهجورة في رمضان
وفي العاصمة الخرطوم وتحديدًا في مدينة بحري، اعتاد ياسر أن يصلي في مجمع النور بكافوري، والذي يتزاحم فيه السودانيين من أجل الاصطفاف خلف شيخ الزين صاحب الترتيل المميز والمحبب إلى قلب الشعب السوداني، دارت الأيام سريعًا ليجد ياسر نفسه سيستقبل رمضان في دولة أوغندا التي قرر السفر إليها مع أسرته عقب اندلاع الحرب في السودان، فيما سيكون المسجد الذي ظل الكثيرون يقصدونه من كل حدب وصوب في العاصمة الخرطوم مهجورًا في الليالي الرمضانية التي تشهد بازدحامه منذ أن تم تأسيسه.
واعتادت النساء في السودان على أداء صلاة التراويح في المساجد، ويصعب في مثل هذه الظروف التي تعيشها البلاد من انفلات أمني كامل في الولايات التي تقع على خط النار التنقل بحرية، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة.
السودانيون يتجهون لمشاهدة القنوات السودانية في رمضان لاحتوائها على طابع رمضاني خاص ومميز
البرامج التلفزيونية الرمضانية
بالرغم من ضعف المشاهدة التي تعاني منها القنوات السودانية، إلا أن السودانيون يتجهون لمشاهدة هذه القنوات في رمضان بشكل خاص، هكذا واصل ياسر حديثه عن علاقته بالتلفاز في رمضان، ويسترسل قائلاً إن البرامج في رمضان مميزة وذات طابع خاص يمكنها من جذب المتلقي بشكل كبير، ويؤكد أنه ظل متعلقًا بمتابعة برنامج "أغاني وأغاني" الذي ظل يقدم محتواه لما يقارب العقدين من الزمان، وارتبط بشكل وثيق برمضان، وتعتمد فكرته الأساسية على تقديم أغاني الأجيال السابقة بأصوات الأجيال الحديثة، ولقي هذا البرنامج رواجًا كبيرًا وسط السودانيين داخل وخارج البلاد.

ويقول ياسر إن القناة التي تعرضه لم تطرح أي إعلانات عن موسم جديد، الأمر الذي يؤكد عدم بثه في هذا العام، ويضيف أن هذا البرنامج كانت تتنافس كبرى الشركات في البلاد على رعايته، ومع انهيار قطاع الأعمال في السودان وخروج هذه الشركات من سوق العمل لن يكون من السهل تحمل تكلفة إنتاج مثل هذا البرنامج في ظروف مماثلة.
وعلى غير العادة يبدو أن رمضان السودانيين هذا العام سيغلب عليه طابع الحرب والنزوح، وستلازمه الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها البلاد، إضافة إلى تردي الخدمات الأساسية من توفر المياه والتيار الكهربائي المستقر، إضافة إلى شبكات الاتصالات التي ما زالت محجوبة في عدة مناطق في البلاد.
الكلمات المفتاحية

في انتظار التدوين.. "عروس الرمال" مدينة الأبيض تنزف ببطء
"على قلق، في كل يوم مع مواعيد إفطار رمضان، صرنا ننتظر قذائف قوات الدعم السريع، التي لم تتوقف منذ أحد عشر يومًا، تبث الرعب والخوف بين سكان المدينة. لن تستطيع أن تخمن في أي مكان ستسقط قذيفة اليوم، فكل الأمكنة قيد "التدوين". هكذا تحدثت المواطنة فتحية التوم، من مدينة الأبيض لـ"الترا سودان"، وأضافت: "فقدنا أعزاء كثر منذ بداية الحرب، عانينا كثيرًا جدًا في الأبيض، وحين…

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل
تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع
من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

معارك ضارية وسط الخرطوم والجيش يحرز تقدمًا نحو القصر
أحرزت القوات المسلحة تقدمًا جديدًا وسط الخرطوم صباح اليوم، إثر معارك ضارية بدأت منذ الساعة الرابعة وفق مصادر محلية، فيما اضطرت قوات الدعم السريع تحت الضربات الجوية المكثفة وانتشار المشاة بالتراجع الميداني

القوات المسلحة تعلن التحام المدرعات مع القيادة العامة وسط الخرطوم
أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبدالله، التحام جيشي القيادة العامة وسلاح المدرعات عقب السيطرة على منطقة مستشفى الشعب اليوم الاثنين، وهزيمة قوات الدعم السريع.

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟
في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى

أعضاء بمجلس الأمن يدينون اختطاف قوات الدعم السريع لموظفين أمميين
قال أعضاء بمجلس الأمن الدولي، إن قوات الدعم السريع احتجزت 60 من حفظة السلام الأمميين، واختطفت ثمانية موظفين مدنيين، ونهبت قافلة لوجستية تتبغ لقوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، مكونة من ثماني مركبات و280 ألف لتر من الوقود.