30-يوليو-2020

اتفاق سلام جنوب السودان (The Defense Post)

جاء إعلان تكوين الحكومة الانتقالية في جنوب السودان في شباط/فبراير المنصرم، بعد أن تأخرت لفترة عام كامل بسبب عدم تنفيذ بعض البنود العالقة مثل اتفاق الترتيبات الأمنية، وعدم حسم قضية الولايات، وبرغم الاتفاق المتأخر حول بعض تلك القضايا، إلا أن هناك جملة من المشاكل التي تعترض سير تنفيذ اتفاق قسمة السلطة في الجانب المتعلق بالمشاركة السياسية للأطراف، إلى جانب عدم تنفيذ البنود الخاصة بالإصلاح المؤسسي وكتابة الدستور الدائم وتكوين البرلمان القومي ومجالس الولايات، وتكوين "المحكمة الهجينة" بجنوب السودان لمحاسبة الأشخاص المتورطين في جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان. وقد صاحب هذا البطء عدد من الأزمات من بينها تفاقم الصراعات القبلية والعشائرية، وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين نسبةً للفراغ السياسي والدستوري في الولايات.

نصت الاتفاقية في البند الثالث من الفصل الأول على تكوين حكومة انتقالية للوحدة الوطنية بمشاركة الأطراف الموقعة، وهو ما تم تنفيذه

 نصت الاتفاقية في البند الثالث من الفصل الأول على تكوين حكومة انتقالية للوحدة الوطنية بمشاركة الأطراف الخمسة الموقعة، وهو ما تم تنفيذه، حيث تم إعلان تكوين مجلس الوزراء القومي من (35) وزيرًا و(10) نواب وزراء اتحاديين، حصلت فيها الحكومة على (20) وزارة اتحادية أهمها الخارجية والداخلية ووزير رئاسة الجمهورية ، والمعارضة المسلحة على تسع وزارات أهمها الدفاع والنفط والكهرباء، بينما حصل تحالف معارضة جنوب السودان (سوا) على ثلاثة مقاعد وزارية هي التعليم العالي والزراعة والخدمة المدنية، في وقتٍ حصلت فيه مجموعة "المعتقلين السابقين" على مقعدين هما وزارة المواصلات ووزارة شرق إفريقيا، بينما حصلت أحزاب المعارضة الأخرى على وزارة واحدة هي الشئون الإنسانية.

اقرأ/ي أيضًا: حميدتي يكشف عن تلقيه تهديدات بالتصفية ويتحدى مافيا الذهب واللوبيهات

جاء إعلان تكوين الحكومة الانتقالية الجديدة، تنفيذًا للمادة الثالثة في الفصل الأول من اتفاق السلام المنشط الموقع في العام 2018، بتمثيل كافة الأطراف الخمسة الموقعة عليها وهي (الحكومة، المعارضة المسلحة، تحالف أحزاب المعارضة، المعتقلين السابقين، وأحزاب المعارضة الأخرى)، وذلك بحسب النسب المخصصة لكل طرف من الأطراف الخمسة.

استغرقت الأطراف حوالي ثلاثة أشهر لإعلان أسماء حكام الولايات، وذلك بعد أن وافقت الحكومة على التراجع عن الولايات الـ(32) والعودة للعمل بنظام العشرة ولايات الأسبق، حيث تم إعلان أسماء تسعة من حكام الولايات في يوم 29 حزيران/يونيو المنصرم، مع تأجيل إعلان حاكم ولاية أعالي النيل بسبب رفض الحكومة لمرشح المعارضة المسلحة الجنرال جونسون أولونج، بعد أن تم تعيين ديني شاغور من تحالف "سوا" في منصب حاكم جونقلي أمس الأربعاء.

وقد حازت الحكومة على ولايات الاستوائية الوسطى التي تستضيف الحكومة الاتحادية في جوبا، ولاية الوحدة الغنية بالنفط، ولاية واراب، ولاية شمال بحر الغزال، ولاية شرق الاستوائية الغنية بالذهب، وولاية البحيرات، بينما حصلت المعارضة المسلحة على ولايات، غرب الاستوائية، غرب بحر الغزال وولاية أعالي النيل، بينما ذهبت ولاية جونقلي لمجموعة تحالف أحزاب المعارضة المعروفة اختصارًا باسم (سوا).

وقال المتحدث الرسمي باسم رئيس الجمهورية في تصريحات لـ"ألترا سودان" أتينج ويك أتينج: "لقد رفض الرئيس كير ترشيح المعارضة للفريق جونسون أولينج ليكون حاكمًا على ولاية أعالى النيل، لأنه لا يزال يحمل السلاح وهو لم يحضر إلى العاصمة جوبا، عليه يتوجب أن يقوم بتسليم قواته المتواجدة في مناطق سيطرته في منطقة فشودة شمالي البلاد للقوات المشتركة".

اقرأ/ي أيضًا: مقتل وإصابة العشرات بغرب دارفور وانتقادات لاذعة للحكومة الانتقالية

من جهته اتهم رئيس الحركة الوطنية الديمقراطية والأمين العام للتحالف المنقسم لأحزاب المعارضة لام أكول أجاوين، الحكومة بإقصاء مجموعته من المشاركة في الحكومة بعد أن قامت باستبعاد مرشح الحركة لمنصب حاكم جونقلي، و القيام بتعيين ديناي شاغور حاكمًا لولاية جونقلي بقرار جمهوري.

لام أكول: لقد باتت بعض الجماعات المنضوية تحت التحالف تتآمر مع الحكومة، فقد قامت الحكومة باستخدامها لإقصاء الحركة الوطنية الديمقراطية

وزاد أكول بقوله: "لقد باتت بعض الجماعات المنضوية تحت التحالف تتآمر مع الحكومة، فقد قامت الحكومة باستخدامها لإقصاء الحركة الوطنية الديمقراطية من المشاركة في الحكومة الاتحادية، والآن تم استبعاد مرشح الحركة من منصب حاكم ولاية جونقلي، مع العلم بأننا طرف موقع على اتفاق السلام ويحق لنا المشاركة، سنرفع شكوانا لوساطة الإيغاد للنظر في المسألة".

وأشار أكول إلى أن بعض المجموعات المنضوية تحت  التحالف قد باتت تأتمر بأمر الحكومة، وقال: "بعض المجموعات المنضوية تحت التحالف المعارض قد سلمت أمرها للحكومة التي أصبحت تتحكم في تسييرها وتحديد قراراتها، عليه فتلك المجموعة لم تعد كيانًا مستقلًا مثل بقية أطراف الاتفاقية، فالحكومة أصبحت تستخدمها لإقصاء بعض مكونات التحالف من المشاركة في الحكومة الانتقالية".

مناوا بيتر: التأخير في إعلان تشكيل البرلمان يعود لوجود اتفاق بين الأطراف الموقعة على اتفاق السلام بضرورة تكملة تكوين الجهاز التنفيذي

هذا وفشلت الأطراف الرئيسية في الحكومة والمعارضة حتى الآن في تنفيذ المادة (14) من الفصل الأول والخاصة بتكوين الهيئة التشريعية الانتقالية القومية التي تم توسعتها بحسب الاتفاقية لتضم (550) عضوًا منهم (332) من الحكومة برئاسة سلفا كير، و(128) عضوًا ترشحهم المعارضة المسلحة بقيادة مشار، و(50) عضوًا من تحالف أحزاب المعارضة، و(30) عضوًا من أحزاب المعارضة الأخرى، و(10) أعضاء ترشحهم مجموعة المعتقلين السابقين، على أن تؤول رئاسة البرلمان للحكومة، بينما يذهب النواب الثلاثة للمعارضة المسلحة وتحالف أحزاب المعارضة وممثلة المراة.

وأشار المتحدث باسم المعارضة المسلحة الموالية لمشار، مناوا بيتر، إلى أن التأخير في تكوين البرلمان سببه هو أن الأطراف الموقعة اتفقت على أن تتم تكملة هياكل الجهاز التنفيذي أولًا، ومن ثم تعيين أعضاء البرلمان الانتقالي الجديد.

وأضاف بالقول في تصريحات لـ"ألترا سودان": "التأخير في إعلان تشكيل البرلمان يعود لوجود اتفاق بين الأطراف الموقعة على اتفاق السلام بضرورة تكملة تكوين الجهاز التنفيذي، حيث تم إعلان مجلس الوزراء وتبقي تكملة قائمة حكام الولايات، فقوائم المرشحين للبرلمان كلها جاهزة ولا يوجد عليها أي خلاف حيث النسب المحددة لكل طرف واضحة، وفي القريب العاجل سيتم إعلان البرلمان".

اقرأ/ي أيضًا: مصادر حكومية: شركة الجنيد طالبت بتعويض للتنازل عن مربع جبل عامر.. والشركة تنفي

وقال وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة مايكل ماكوي لويث، في تصريحات إعلامية، أن الأطراف لا تزال تجري مشاوراتها المتعلقة بتكوين البرلمان الانتقالي الجديد الذي نصت عليه اتفاقية السلام.

برغم توافق الأطراف على تكوين الحكومة القومية وبعض حكام الولايات، فإن هناك جزء كبير من بنود الاتفاق لم يتم التطرق إليه، وهو ما يقدر بحسب مراقبين بنسبة (60) %

وعلى الرغم من توافق الأطراف على تكوين الحكومة القومية وبعض حكام الولايات، فإن هناك جزءً كبيرًا من بنود الاتفاق لم يتم التطرق إليه، وهو ما يقدر بحسب مراقبين بنسبة (60) %، منها عدم تكوين البرلمان القومي ومجالس الولايات، وعدم تكوين المفوضيات المنصوص عليها في الاتفاق، وعدم الفراغ من كتابة الدستور الدائم، بجانب قضية المحكمة الهجين والإصلاحات المهمة في الخدمة المدنية والمؤسسات المالية والجهاز القضائي، إلى جانب عدم البدء في عملية المصالحة الوطنية.

اقرأ/ي أيضًا

مسؤول رفيع: الاتهامات بحق الداعية "محمود الحسنات" ملف أمني

الاتحاد الأوروبي يطالب سلطات جنوب السودان بحماية موظفي الإغاثة الدوليين