18-مايو-2020

سلفاكير ميارديت ورياك مشار (Getty)

بعد أن تنفس الناس الصعداء ليلة صدور بيان مؤسسة الرئاسة في جنوب السودان الذي تحدث عن اتفاق الحكومة والمعارضة المسلحة على مسألة تقاسم وتوزيع الولايات العشرة بموجب ما نص عليه اتفاق السلام، تفاجأت الأوساط برفض المعارضة المسلحة بقيادة مشار مخرجات الاجتماع الرئاسي وذلك عبر رسالة الاحتجاج التي سطرها زعيم المعارضة لآلية مراقبة تنفيذ اتفاق السلام التابعة للوساطة صبيحة اليوم التالي، ما جعل مستقبل العملية السلمية برمتها عرضةً للتكهنات، سيما بعد أن أيدت مجموعة من أحزاب المعارضة في جنوب السودان موقف المعارضة المسلحة، حيث أشارت إلى أن مؤسسة الرئاسة ليست مخولة بمناقشة القضايا التي تخص الأطراف الموقعة على الاتفاق، وذلك بحجة عدم تمثيلها كمجموعات في مؤسسة الرئاسة التي تضم الرئيس ونوابه الأربعة.

مشار: هذا القرار أحادي ولا يعبر عن النسبة المخصصة للأطراف الموقعة على اتفاق السلام بموجب اتفاق قسمة السلطة

وكانت مؤسسة الرئاسة قد أعلنت نهاية الأسبوع المنصرم في بيان بثته الإذاعة الرسمية إن الحكومة والمعارضة المسلحة قد توصلتا إلى تفاهمات بخصوص تقسيم الولايات، حيث حصلت المعارضة المسلحة على منصب الحاكم في ثلاث ولايات هي جونقلي، غرب بحر الغزال وغرب أعالي النيل، في وقت حصلت فيه الحكومة على ولايات الاستوائية الوسطى، البحيرات، واراب، شمال بحر الغزال، شرق الاستوائية وولاية الوحدة، بينما ذهبت ولاية أعالي النيل لصالح تحالف أحزاب المعارضة بدولة جنوب السودان، ليتم حسم الجدل حول موضوع الولايات الذي استمر طويلًا، ويتوقع أن يتم إعلان أسماء الحكام خلال الأيام القليلة المقبلة.

اقرأ/ي أيضًا: جوبا: رفع إجراءات الوقاية من كورونا دون إبداء أسباب واتفاق على قسمة الولايات

وأعلن زعيم المعارضة رياك مشار، في خطابه لوساطة الإيغاد، عن رفضه مخرجات مؤسسة الرئاسة وما توصلت إليه من قرارات قال إن الرئيس كير اتخذها بصورة أحادية وبدون أي توافق بين الأطراف، مضيفًا: "هذا القرار أحادي ولا يعبر عن النسبة المخصصة للأطراف الموقعة على اتفاق السلام بموجب اتفاق قسمة السلطة، فليس لتحالف المعارضة أو الحكومة الحق في ولاية أعالي النيل التي يجب أن تكون من نصيب المعارضة المسلحة".

وقالت المعارضة المسلحة في بيانها إن أزمة الولايات لا تزال قائمة، كما إنها لا تزال تشكل عقبة أمام تنفيذ اتفاق السلام. وطالبت آلية مراقبة تنفيذ اتفاق السلام بالتدخل العاجل والفوري لإنقاذ الأوضاع من الانهيار.

وفي المقابل أعلنت مجموعة الأحزاب السياسية الأخرى الموقعة على اتفاق السلام، عن رفضها لقرارات اجتماع مؤسسة الرئاسة الخاص بتقسيم مقاعد الولايات، والتي اعتبروها مخالفة صريحة لبنود اتفاقية السلام التي منحتها منصب حاكم واحد في إحدى الولايات، وهو ما لم تعكسه مقررات اجتماع الرئاسة الذي رفضه مشار.

وأضافت المجموعة التي تضم حوالي خمسة أحزاب في بيانها قائلة: "هذا إجراء غير نزيه، فمؤسسة الرئاسة لا يوجد فيها تمثيل لمجموعة الأحزاب السياسية الأخرى حتى تساهم بوجهة نظر المجموعة في القضايا المتعلقة بتنفيذ بنود اتفاقية السلام". وقالت إن قرار مؤسسة الرئاسة قد أسقط نسبة الثمان بالمائة التي خصصتها الاتفاقية للأحزاب السياسية في معادلة قسمة الولايات".

وقال المحلل السياسي الدكتور جيمس أوكوك في تصريحات لـ"ألترا سودان" إن القضايا المرتبطة بتنفيذ اتفاق السلام يجب أن تخضع للنقاش بين الأطراف وليس على مستوى مؤسسة الرئاسة. وزاد أوكوك بقوله: "لا يحق لمؤسسة الرئاسة بموجب نصوص اتفاقية السلام أن تنظر في قضية الولايات، فالمهمة الرئيسية للرئاسة هي تعيين الحكام و إحالتهم للتقاعد، وليس تحديد أي من الولايات تذهب لمن".

وطالب أوكوك أطراف اتفاق السلام الالتزام بتنفيذ نصوص الاتفاقية وجوهرها الذي يعبر عن الشراكة التي تصب في مصلحة عملية الاستقرار بالبلاد، وأردف قائلًا: "يجب على الأطراف ألا تتآمر على بعضها البعض لأن ذلك لن يساعد في تنفيذ بنود الاتفاق. عليهم العمل كشركاء حقيقيين من أجل التنفيذ المخلص لبنود الاتفاق".

ابتعاث الإيغاد وزير الخارجية الإثيوبي إلى جوبا قد ينجح في إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح

وعلى الرغم من الخطوة الاستباقية التي قامت بها الحكومة على مستوى مؤسسة الرئاسة، والتي حاولت أن تدعمها بمخرجات اجتماع المكتب السياسي للحركة الشعبية، إلا أن هناك توقعات بأن يتم إعادة النظر في المسألة، خاصةً بعد أن تدخلت وساطة إيغاد التي ابتعثت وزير الخارجية الإثيوبي إلي جوبا في زيارة تهدف لنزع فتيل الأزمة وإعادة الأمور إلى نصابها بخصوص قضية تقاسم الولايات بين الأطراف الموقعة على اتفاق السلام والمتمثلة في الحكومة بقيادة سلفاكير، المعارضة المسلحة بقيادة مشار، مجموعة المعتقلين السابقين، مجموعة تحالف أحزاب المعارضة بجنوب السودان "سوا" ومجموعة الأحزاب السياسية الأخرى.

وغض النظر عن طبيعة التدخل الذي ستقوم به الوساطة عبر المقترحات التي ستدفع بها للأطراف، إلا أنها استطاعت أن تنقذ العلاقة بين الشريكين من الانهيار بعد أن كانت الحكومة قد قررت تجاوز المعارضة وتعيين حكامها الستة، وأن تترك الولايات التي خصصتها للمعارضة في جونقلي، غرب بحر الغزال وغرب الاستوائية.

اقرأ/ي أيضًا

مبادرة إعلاميي جنوب السودان لمجابهة كورونا تنطلق بوحدات الشرطة

عزل "الشريف أحمد عمر بدر" للاشتباه بإصابته بفيروس كورونا