أعادت تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، النقاش مجددًا حول سؤال التطبيع بين السودان وإسرائيل، حيث أكد حميدتي في مقابلة مع "سودانية-24" مساء أمس الجمعة، أن القضية الفلسطينية قضية عادلة لكن لا يمكن التوقف عند هذه المحطة ويجب البحث عن مصالح البلاد، حسب تعبيره.
سياسيون: الشروط الأميركية بوضع التطبيع مقابل مغادرة قائمة الإرهاب ابتزاز غير مسبوق
جاءت تصريحات حميدتي في إطار الإشارة إلى الموقف الأمريكي الذي يعرض التطبيع مع إسرائيل مقابل شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بحسب ما أظهرت "محادثات الإمارات" نهاية أيلول/سبتمبر الماضي بين الوفد السوداني الذي ضم رئيس مجلس السيادة ووزراء الحكومة التنفيذية، مع مسؤولين أمريكيين وإماراتيين.
اقرأ/ي أيضًا: زريبة: توقيع السلام حدث تاريخي ويتيح التبادل التجاري مع الجوار
ويبدو الانقسام واضحًا للعيان داخل القوى التي تقود الفترة الانتقالية في السودان حول مسألة التطبيع، حيث تعتقد قوى رئيسية داخل التحالف الحاكم أن التطبيع خطوة مرفوضة لأن السودان موقفه ثابت من القضية الفلسطينية.
وشددت المتحدثة باسم الحزب الشيوعي، آمال الزين، في تصريح لـ"الترا سودان"، على أن الشيوعي يساند حركات التحرر في العالم للانعتاق من قوى الإمبريالية، ويعترض على التطبيع مع إسرائيل من هذا المنطلق.
ويعتبر رئيس حزب الأمة القومي، الإمام الصادق المهدي، أبرز مناهضي التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب، حيث استنكر إمام طائفة الأنصار دعوات التطبيع مع إسرائيل، ووصف ربط العملية بإزالة اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب "بالابتزاز المهين لكرامة السودان".
اقرأ/ي أيضًا: مبادرة من دولة جنوب السودان لتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ اتفاق السلام
وأشار المهدي خلال ندوة فكرية بعنوان "مخاطر التطبيع مع العدو الصهيوني" بجامعة الأحفاد للبنات السبت الماضي، إلى أن السودان بعد الثورة يستحق إزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعفاء ديونه الخارجية، دون اشتراط التطبيع.
محمد وداعة: دول كثيرة لديها علاقات مع إسرائيل لكنها لم تستفد شيئًا
وترى القوى الرافضة للتطبيع الشروط الأميركية بمثابة ابتزاز لم تقدم عليه أي جهة من قبل في الإطار المتعلق بالعلاقات الدولية، لأن قائمة الدول الراعية للإرهاب منفصلة عن أي قضية أخرى، بجانب أن السودان طوى حقبة النظام البائد الذي تورط في العمليات الإرهابية.
ويقول المتحدث باسم حزب البعث السوداني، محمد وداعة، إن واشنطن لا تحترم الثورة الشعبية في السودان، ولا ترى سوى مصالحها ويجب التعامل معها وفق هذه المنطلقات، وعدم الانحناء لها.
وقال المتحدث باسم حزب البعث السوداني "أحد مكونات قوى الحرية والتغيير" محمد وداعة في تصريح لـ"الترا سودان"، أن التبريرات بتحسن الوضع الاقتصادي فور التطبيع مع إسرائيل ذر للرماد في العيون، منتقدًا الموقف الأمريكي ومعتبرًا تصرفات واشنطن حول ملف الإرهاب مع الجانب السوداني، مواصلة للابتزاز الأمريكي الذي يُمارس على السودان.
ويوضح وداعة أن دولًا كثيرة لديها علاقات مع إسرائيل لكنها لم تستفد شيئًا، لأن التطبيع لا يعني العصا السحرية لمشاكل السودان، محملًا الحكومة الانتقالية مسؤولية التدهور الاقتصادي بعدم الإدارة بكفاءة عالية.
اقرأ/ي أيضًا: الجبهة الثورية: نتطلع لانضمام الأطراف الأخرى لاكتمال السلام
وتعزو الناشطة في منظمات المجتمع المدني، إنتصار العقلي، في تصريح لـ"الترا سودان"، ما يحدث من إرهاصات التطبيع ومحاولة المكون العسكري فرض عملية التطبيع إلى غياب المجلس التشريعي، وقالت العقلي إن: "تصريحات رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في المؤتمر الاقتصادي الأسبوع الماضي كانت دقيقة فيما يتعلق بالتطبيع، حيث أكد صعوبة الملف".
وتشير العقلي إلى أن الدول التي طبعت علاقتها مع إسرائيل تعرضت إلى ضغوط من الولايات المتحدة، وذلك لأنها دول بإمكانها التركيع في أعقاب تكسير دول المواجهة مثل سوريا والعراق وليبيا.
ناشطة بمنظمات المجتمع المدني: النظام الإمبريالي العالمي يعاقب السودان على جرائم لم يرتكبها الشعب أو السلطة الانتقالية
ووصفت إنتصار العقلي موجة التطبيع التي ترتفع في المنطقة العربية بالمشروع الإمبريالي المسنود برأس المال، وفي ذات الوقت اتهمت المكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي بممارسة التخبط في كثير من السياسات دون قراءة الواقع.
وأضافت: "المكون العسكري وكأنه يعبر عن السودانيين وضع نفسه ليقود التطبيع مع إسرائيل دون حق، رغم أنه مجلس سيادي تشريفي وليس برلمان أو جهاز تنفيذي".
وشددت العقلي على أن ربط قائمة الإرهاب بملف التطبيع ليس مقبولًا لأن النظام البائد الذي ارتكب العمليات الإرهابية أطاح به الشعب السوداني بثورة شعبية".
وأبانت العقلي أن النظام الإمبريالي العالمي يعاقب السودان على جرائم لم يرتكبها الشعب أو السلطة الانتقالية.
بينما يعتقد عضو تحالف المحامين الديمقراطيين نصر الدين يوسف دفع الله في تصريح لـ"الترا سودان"، أن الحديث عن التطبيع خيانة للقضية الفلسطينية لأنها من القضايا القومية، ويجب التعامل معها بحذر، على حد قوله.
اقرأ/ي أيضًا: مستشار رئيس الوزراء: مشاركة واسعة في مراسم توقيع اتفاق السلام
وتابع دفع الله: "منذ حركات التحرر الوطني مرورًا بالقضية الفلسطينية، يجب أن تؤخذ هذه القضايا بعين الاعتبار، والحكومة الانتقالية ليست مخولة للتطبيع مع إسرائيل مهما تحدث بعض القادة في السلطة الانتقالية، لأنها تصريحات خادعة مثل فقاعات الهواء".
عضو تحالف المحامين الديمقراطيين: القوى الامبريالية تريد استغلال الموقف الضعيف للاقتصاد، لكن الحل بالداخل وليس الخارج
ويستبعد يوسف النهوض الاقتصادي للسودان على خلفية دعوات التطبيع، وقال إن الاقتصاد مرتبط بتغييرات هيكلية في نمط الإنتاج ويحتاج إلى إرادة داخلية لأن القوى الامبريالية تمنح دولارات بلا ضمانات حول استمرار مصالحها في السودان.
وأشار عضو تحالف المحامين الديمقراطيين نصرالدين يوسف دفع الله، إلى أن القوى الامبريالية تريد استغلال الموقف الضعيف للاقتصاد، لكن الحل بالداخل وليس الخارج مهما حاول البعض الادعاء بالبحث عن مصالح البلاد.
اقرأ/ي أيضًا
مالك عقار: الشعب السوداني في حاجة لإصلاح الاقتصاد والأمن
حوار| التعايشي: اتفاقية السلام أقرّت هيكل السودان الديمقراطي