16-أغسطس-2020

المجلس التشريعي الانتقالي (السوداني)

نصت الوثيقة الدستورية، التي تم توقيعها في السابع عشر من آب/أغسطس الماضي، على تشكيل المجلس التشريعي "البرلمان"، ويباشر مهامه في فترةٍ لا تتجاوز تسعين يومًا من تاريخ التوقيع، بعضوية "300" برلماني. لكن الآن، مرت سنة كاملة، ولم يتم تشكيل البرلمان.. فماهي تأثيرات هذا التأخير؟

تنص الوثيقة الدستورية، على أن تخصص (67)% من مقاعد البرلمان لقوى إعلان الحرية والتغيير

في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، قررت قوى إعلان الحرية والتغيير، تأجيل تكوين المجلس التشريعي حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي. في الوقت الذي كان يفترض فيه التشكيل في السابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2019. أي بعد ثلاثة أشهرٍ من التوقيع على الوثيقة الدستورية. 

اقرأ/ي أيضًا: التطبيع الإماراتي.. صمت الحكومة الانتقالية ودعوة حزبية لدعم القضية الفلسطينية

وتنص الوثيقة الدستورية، على أن تخصص (67)% من مقاعد البرلمان لقوى إعلان الحرية والتغيير، على أن تكون المتبقية وهي (33)% لبقية القوى السياسية الأخرى. ومن أبرز اختصاصات المجلس التشريعي: سن القوانين والتشريعات، مراقبة أداء مجلس الوزراء ومساءلته. إجازة الموازنة العامة للدولة. المصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات. 

الحرية والتغيير وقتها، بررت ما اعتبره قانونيون خرقًا للوثيقة الدستورية، بأن السبب في التأجيل هو الوصول إلى سلامٍ عادل بين الحكومة الانتقالية، والحركات المسلحة. وعلى ذلك استمر كلٌ من مجلس السيادة الانتقالي والحكومة الانتقالية، في القيام بمهام ومسؤوليات البرلمان منذ تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية، وإلى الآن. وهو أمرٌ يعتبره مراقبون كثيرون غير مفهوم، لجهة أن الأصل في عمل البرلمان هو الرقابة على أداء الجهازين السيادي والتنفيذي.

لكن شمس الدين ضو البيت، عضو الوفد الحكومي المفاوض، أفاد "الترا سودان" في وقتٍ سابق، بأن الحكومة وافقت على منح الجبهة الثورية، في زيارتها للخرطوم قبل أكثر من شهر، "90" مقعداً، وهو ما يمثل ثلث مقاعد البرلمان. في الوقت الذي تقول الجبهة الثورية بأن حركتي عبد الواحد نور، وعبد العزيز الحلو، ليستا مضمنتين ضمن نسبة التسعين مقعدًا.

وينقل شمس الدين ضو البيت، تبرير الجبهة الثورية للمطالبة بالتسعين مقعدًا برلمانيًا، أن وزنها كبير، وهي تحالف لحركات كثيرة. بجانب كونهم يريدون أن يكون لهم نسبة تضمن الحفاظ على الوثيقة الدستورية، وعدم تغييرها بالأغلبيات التي من الممكن أن تنشأ تحت قبة البرلمان.

المجلس التشريعي الانتقالي في الوثيقة الدستورية
المجلس التشريعي الانتقالي في الوثيقة الدستورية

من جانبه، يهييء محمد عبد العزيز، المحلل السياسي لرأيه بشأن تأثير تأخر تشكيل المجلس التشريعي "البرلمان"، باقتباس عبد الرحمن الكواكبي: "السلطة المطلقة، مفسدةٌ مطلقة". ويضيف في إفادةٍ لـ"الترا سودان"، بأن "تأخر تشكيل المجلس التشريعي أو السلطة الرقابية، أضعف من بناء الدولة المدنية في السودان، وسمح بتمدد سلطات المجلس السيادي، خاصةً المكون العسكري. هذا بجانب تمدد رئيس الوزراء، باعتمادهم البرلمان المؤقت بحسب الوثيقة الدستورية التي منحتهم ممارسة دور البرلمان لحين تشكيله".

التبرير بأن تأخر تشكيل البرلمان ناتج عن التأخير في الوصول لاتفاق سلامٍ، غير مقنع بالنسبة لمحمد عبد العزيز، لكنه يرى الأمر بحسب رأيه، أعقد من ذلك، فالتأثير السالب المفترض النظر إليه هو ما أسماه "تمدد المكون العسكري من المجلس السيادي، أو حتى رئيس الوزراء، والذي يحرضهم عليه، عدم تكوين برلمانٍ حقيقي".

وتلتقي عضو لجنة التفاوض بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري ميرفت حمد النيل، مع محمد عبد العزيز في كون أبرز تأثيرات تأخر تشكيل المجلس التشريعي هو ميلان توازن القوى لصالح المكون العسكري مقابل القوى المدنية. وتضيف في إفادةٍ لـ"الترا سودان"،  أن من تأثير تأجيل تشكيل البرلمان أن القوانين تتم إجازتها من قبل مجلس السيادة والحكومة، وهو ما يحرف الاثنين من اختصاصاتهما. هذا بجانب قيام المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، ببعض أدوار البرلمان، وهو ما أثر عليها، وعلى وجودها السياسي في الشارع.

اقرأ/ي أيضًا: تصريحات واشنطن المتضاربة.. ما الرسالة من ورائها وكيف فهمتها الخرطوم؟

وتختم ميرفت إفادتها بأن حكم السودان بواحدٍ وثلاثين شخصًا هم الحكومة والمجلس السيادي، أضاع الكثير من المكتسبات. وعليه يجب قطع الطريق على تعطيل السلطة المدنية.

عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير: التأخير فقط بسبب انتظار قطار السلام

أما عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير بروفسور حيدر الصافي، ينظر من زاويةٍ مختلفة، حيث يقول لـ"الترا سودان": إعداد القوائم والتمثيل، الذي يخص الحرية والتغيير، اكتمل. وهو ما نسبته (67)% من جملة عضوية المجلس التشريعي بحسب الوثيقة الدستورية. وكذلك ما نسبته (33)% التي يفترض التشاور فيها بين الحرية والتغيير والمكون العسكري، وهذا اكتمل أيضاً. وبحسب حيدر الصافي، فإن التأخير فقط بسبب انتظار قطار السلام، الذي هو قاب قوسين أو أدنى من التوقيع.

اقرأ/ي أيضًا

جنوب السودان.. كيف تحول نزع السلاح لمواجهات بين الجيش والمدنيين؟

حوار| فائز السليك: رئيس الوزراء مثل من يسير وسط حقل ألغام