قالت "الغارديان" البريطانية إنه من المقرر أن تلتقي عائلات المفقودين بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية في السودان بمسؤولين حكوميين لمناقشة كيفية دفن أكثر من ثلاث آلاف جثة لم يُطالب بها أحد في مشارح السودان.
"الغارديان" البريطانية: قيل باستمرار لعائلات المفقودين في السودان إنه لا توجد جثث لم يطالب بها أحد في المشرحة
وأشار تقريرٌ للغارديان أمس الأربعاء اطلع عليه "الترا سودان" إلى إعلان السلطات السودانية في الأسبوع الماضي عن خطط لحفر مقابر جماعية للجثث المكتظة في المشارح. ونقلت قول النائب العام في السودان إن المشرحة "مكتظة" والعديد من الجثامين تتحلل وتحتاج إلى الدفن.
وذكر التقرير أن هذه الخطوة أغضبت العائلات والناشطين الذين قالوا إنها "ستدفن الحقيقة"، وستزيل أي أدلة متبقية حول المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية الذين "يُفترض أنهم قتلوا على أيدي القوات شبه العسكرية خلال وبعد ثورة عام 2018 وانقلاب عام 2019 الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير".
وأضاف التقرير: "يوم الخميس، سيجلس المسؤولون الحكوميون مع مسؤولي الأمم المتحدة وعائلات المفقودين والناشطين لمناقشة الأمر".
وزاد تقرير "الغارديان": "قيل باستمرار لعائلات المفقودين إنه لا توجد جثث لم يطالب بها أحد في المشرحة". وتابع: "لكن في مايو، أغلقت السلطات مشرحة مستشفى في العاصمة الخرطوم، بعد أن تبين أن أكثر من (1,000) جثة تتحلل بسبب درجة الحرارة". وأشار التقرير إلى تصريحات لمسؤولون حكوميين حول الاحتفاظ بـ(1,300) جثة أخرى في مستشفيين آخرين في الخرطوم.
ونقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن الطيب العباس المحامي ورئيس لجنة التحقيق بشأن المفقودين التي كونتها الحكومة الانتقالية في عام 2019، قوله إنه "يجب التعرف على جميع الجثث رسميًا ودفنها في مقابر فردية".
رئيس لجنة المفقودين: يجب التعرف على جميع الجثث رسميًا ودفنها في مقابر فردية
وأضاف رئيس لجنة المفقودين: "إذا فعلوا ذلك بالفعل، فستكون هذه هي المرة الأولى في السودان التي سيدفنون فيها كل شخص مفقود في قبر منفصل بعد الحصول على الحمض النووي الخاص بهم وجميع تفاصيلهم"، مشيرًا إلى أن تعريف الجثامين وتحديدها قد يعطي بعض الأدلة حول طريقة وفاتهم.
ويضيف التقرير: "تبحث سمية عثمان عن ابنها إسماعيل البالغ من العمر 24 عامًا منذ 3 يونيو 2019 عندما شنت قوات الدعم السريع المسيطرة حملة وحشية على المتظاهرين الذين كان الكثير منهم يقومون باعتصامات سلمية حول المباني الحكومية".
ونقل التقرير تصريحًا لسمية قالت فيه: "تركوا [الحكومة] الجثث [لتتحلل] لدفن الحقيقة". وأضافت: "لقد فعلوا ذلك عمدًا".
وبحسب تقرير "الغارديان"، تعرف سمية عثمان فقط أن جنود قوات الدعم السريع أوقفوا ابنها إسماعيل أثناء القيادة مع صديق في الخرطوم. هرب الصديق، وبقي ابنها في سيارته. وقالت سمية: "لم نسمع أي شيء عنه بعد ذلك وتم العثور على سيارته في وقت لاحق، على بعد أميال على جسر". وزادت: "نحن مكتئبون للغاية". وأكدت أنها "لن تتخلى أبدًا عن البحث عن الحقيقة".
وقالت إيمان موسى التي اختفى شقيقها المكاشفي موسى (28 عامًا) خلال الحملة -طبقًا للغارديان": "ما سيفعلونه [الحكومة] الآن أسوأ من مشاعرك بعدم معرفة ما إذا كان ميتًا أم حيًا. لقد وصلنا إلى نقطة نعتقد فيها أنه لا توجد عدالة على هذا الكوكب".
وأشار تقرير "الغارديان" إلى بيان للجنة أطباء السودان المركزية حول القضية، قالت فيه: "بالنظر إلى انتهاكات حقوق الإنسان لسلطات الانقلاب وخاصةً تفاعل القضاء مع ضحايا الثورة وشهدائها، قرأنا هذا على أنه محاولة لدفن أدلة دامغة على القتل المنهجي على أيدي القوات المسلحة للبلاد ووأد العدالة".
ولفت تقرير "الغارديان" إلى أن السلطات السودانية رفضت طلباتها للتعليق على القضية.
لفت تقرير "الغارديان" إلى أن السلطات السودانية رفضت طلباتها للتعليق على القضية
وكانت النيابة العامة قد أمرت في 29 من آب/أغسطس الماضي، الجهات المختصة بتشريح ودفن الجثامين المتكدسة بالمشارح بصورة فورية. وقال المكتب الإعلامي للنيابة في تعميم صحفي، إن النائب العام أصدر أمرًا بدفن الجثامين المتكدسة بالمشارح وتوجيه هيئة الطب العدلي بالشروع الفوري في التشريح وفقًا للضوابط والبروتوكولات العالمية ذات الصلة.
فيما أكد مدير هيئة الطب العدلي بوزارة الصحة بولاية الخرطوم الدكتور هشام زين العابدين تزايد أعداد الجثامين مجهولة الهوية بالمشارح، وأرجع ذلك لقرار منع الدفن الصادر منذ العام 2019 بعدم تشريح ودفن مجهولي الهوية لارتباط الأمر بفض اعتصام القيادة العامة للجيش في الثالث من يونيو 2019.