تلوح أزمة بين الحكومة الانتقالية وأحزاب رئيسية في قوى إعلان الحرية والتغيير على خلفية تنفيذ السلطة الانتقالية خطوات عملية لإقامة علاقات مع إسرائيل، وتعتزم القوى السياسية طلب اجتماع عاجل مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لبحث تداعيات الأزمة.
حزب الأمة: التطبيع سيؤدي إلى تداعيات خطيرة بإخراج المتطرفين من مخابئهم
وأنهى أمس الجمعة رؤساء السودان والولايات والمتحدة وإسرائيل محادثات رباعية عبر الهاتف، اتفق فيها قادة الدول على اتخاذ خطوات لتطبيع العلاقة بين الخرطوم وتل أبيب، في وقت تسعى أحزاب رئيسية في الحاضنة السياسية للحكومة، قوى الحرية والتغيير، لعرقلة العملية وحذرت من إنهيار الفترة الانتقالية جراء هذه الخطوة.
اقرأ/ي أيضًا: قوى الإجماع الوطني تعلن رفضها القاطع للتطبيع
ورغم أن الحكومة الانتقالية، بررت خطوتها بالحصول على قرار أمريكي بشطب السودان من قائمة الإرهاب، إلا أن القوى الرافضة للتطبيع تعتبر أن الخطوة تمت على الرغم من وجود طرق دبلوماسية أخرى لمغادرة السودان لائحة الإرهاب.
ويؤكد رئيس لجنة السياسات في المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، إمام الحلو، في تصريح لـ"الترا سودان"، أن التبريرات الحكومية بالضغوط الاقتصادية ومغادرة لائحة الدول الراعية للإرهاب غير منطقية، لأن الخرطوم دفعت لواشنطن (335) مليون دولار في تعويضات أعمال إرهابية لم يرتكبها سودانيون، وزاد بالقول: "السودان دفع تعويضات لعائلات الضحايا ثم فرض عليه التطبيع القسري مع دولة عنصرية"، على حد قوله.
وسجل حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، صوت احتجاج على خطوة الحكومة الانتقالية، واعتبرها قرارًا أحاديًا وفوقيًا أقصى جميع الأطراف المشاركة في الفترة الانتقالية.
وفي مسعى لتخفيف موجة الرفض للتطبيع التي ظهرت وسط الناشطين ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية، وصفت الحكومة الانتقالية المحادثات الهاتفية التي جمعت حمدوك والبرهان وترامب ونتنياهو بالخطوة الأولية لإزالة العدائيات بين البلدين، في حين أن نتنياهو وصف الخطوة التي تمت بأنه تطبيع للعلاقات مع السودان، وعاد إلى الوراء وغرد في تويتر مذكرًا السودانيين بخرطوم اللاءات الثلاث، في إشارة لاستضافة مؤتمر القمة العربية في العام 1967، وربما عمد رئيس الوزراء الإسرائيلي لتذكير السودانيين والمنطقة العربية أن التاريخ قد تغير اعتبارًا من أمس في الخرطوم.
فيما التزمت الحكومة الانتقالية الصمت إزاء الخطوات التي أتخذت أمس الجمعة بإزالة السودان رسميًا من قائمة الإرهاب والتي تزامنت إجراءاتها مع إقامة علاقات مع إسرائيل، حتى بدت الحكومة وكأنها خجولة في إظهار احتفالها بمغادرة القائمة، لأن القرار الأمريكي اقترن مع التطبيع.
اقرأ/ي أيضًا: لجنة النظر في قضية المفصولين: مؤسسات ووحدات ومصارف تعرقل تنفيذ قراراتنا
ويتوقع إمام الحلو حدوث "تداعيات غير حميدة"، بناءً على قرار التطبيع، مشيرًا إلى أن رد حزب الأمة جاء قويًا لأنه يرى أن الأمور لا يمكن أن تتخذ بهذا الشكل.
إمام الحلو: هذه القضية لا تبت فيها سلطة انتقالية غير مخولة
وتابع رئيس لجنة السياسات بحزب الأمة: "هذه القضية لا تبت فيها سلطة انتقالية غير مخولة، ومع تدهور الوضع سيتزايد السخط الشعبي على التطبيع والسلطة الانتقالية".
ويرى إمام الحلو أن الحجج بتحسين الوضع الاقتصادي غير مبررة، لأن السودان يحتاج إلى التطبيع مع المجتمع الدولي أولًا وأخيرًا، وليس إسرائيل دولة الفصل العنصري التي غيرت دستورها بوضع المواطنة اعتمادًا على اليهودية وأقصت المسلمين والعرب حتى داخل إسرائيل.
وأشار الحلو، إلى أن المكتب السياسي لحزب الأمة يعقد اجتماعًا طارئًا اليوم السبت لبحث قرار التطبيع واتخاذ موقف من السلطة الانتقالية، خاصةً بعد إعلان رئيس الحزب الخميس بأنه يعتزم سحب تأييده للسلطة الانتقالية إذا أقدمت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ورغم أن الحكومة الانتقالية وافقت على تنفيذ خطوات أولية نحو التطبيع نتيجة ضغوط أميركية بوضع التطبيع مقابلًا لمغادرة قائمة الإرهاب، إلا أن بعض المراقبين يشيرون إلى أن إقامة علاقة بين السلطة الانتقالية وحكومة نتنياهو ستخلق دكتاتورية جديدة في السودان، وذلك بدعم المجتمع الدولي للطرف الأقوى الذي يضمن له استدامة العلاقة بين الخرطوم وتل أبيب.
اقرأ/ي أيضًا: اتفاق رسمي بين الخرطوم وتل أبيب برعاية أمريكية
ويعتقد مراقبون أن السودانيين قد يخسرون التحول الديمقراطي الذي يتحسسون طريقه عقب الثورة الشعبية التي أطاحت بالنظام البائد، والذي بدأ إرهاصات التطبيع مع إسرائيل للخروج بنفسه من عنق الزجاجة وتحسين الوضع الاقتصادي.
صدقي كبلو: قرار التطبيع يجب أن يخضع لاستفتاء شعبي واسع لأن السلطة الانتقالية لا تملك صلاحيات الموافقة عليه
ويرى القيادي في الحزب الشيوعي السوداني صدقي كبلو في تصريح لـ"الترا سودان"، أن التطبيع من حيث المبدأ مرفوض تمامًا لأن القرار لا يجب أن يكون عبر مجلس السيادة الانتقالي والحكومة الانتقالية، ويجب أن يخضع لاستفتاء شعبي واسع لأن السلطة الانتقالية لا تملك صلاحيات الموافقة على التطبيع.
وتابع: "يمكن إجراء استفتاء للتطبيع، أو أن يتخذ القرار عبر حكومة منتخبة عقب الفترة الانتقالية، والشعب السوداني مهتم بالقضية الفلسطينية لأن إسرائيل دولة احتلال".
وأردف: "إذا كانت إسرائيل تريد الاعتراف بها عليها أن تترك اضطهاد الشعب الفلسطيني، ويجب أن تعترف بالدولة الفلسطينية وأن تغل يدها عنها وأن لا تقوم بانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، حينها ستقيم دول المنطقة ومن ضمنها السودان علاقة مع إسرائيل، حيث يصبح التطبيع آنذاك انحيازًا للشعب الفلسطيني".
ومع سريان إجراءات التطبيع رسميًا عبر المحادثة الرباعية التي جمعت بين قادة السودان والولايات المتحدة وإسرائيل، يحذر سياسيون من أن تستغل الجماعات المتطرفة اقدام السودان على التطبيع للعمل على زعزعة الاستقرار في السودان.
وهذا ما حذر منه رئيس لجنة السياسات في المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، إمام الحلو، بالقول: "الجماعات المتطرفة بالتأكيد ستقوم بتأليب الرأي العام ضد قرار التطبيع، والسلطة الانتقالية ليست بحاجة إلى فتح هذه الأبواب المغلقة".
ويرى الحلو، أن القوى المؤيدة للتطبيع ضعيفة وغير مؤثرة سياسيًا حتى وهي داخل الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، وإذا أصرت السلطة على الانفراد بقرار التطبيع ستخسر القوى المؤثرة الرافضة للخطوة.
وحول مستقبل حزب الأمة والقوى الرافضة للتطبيع داخل التحالف الحاكم، أكد إمام الحلو أن الأمر متروك لقرار المكتب السياسي لحزب الأمة اليوم، كما نتوقع مواقف قوية لقوى الحرية والتغيير ستظهر في الساعات القادمة، بجانب تنسيق مشترك بين القوى الرافضة لإقامة علاقات مع إسرائيل.
اقرأ/ي أيضًا: احتجاجًا على التطبيع.. المهدي يعلن انسحابه من مؤتمر تنظمه وزارة الشؤون الدينية
أما القيادي في الحزب الشيوعي، صدقي كبلو، فقد أشار إلى أن الحكومة الانتقالية لم تعلن حتى الآن أنها أقرت التطبيع، وبالتالي لم يصلنا رسميًا موقف الحكومة، وعندما نعلم موقفها سنقوم بخطوات من جانبنا.
وداعة: مزاعم الحكومة بحل الأزمة الاقتصادية عبر التطبيع غير مبررة لأن الحل في الداخل قبل الخارج
لكن المتحدث باسم حزب البعث السوداني، أحد مكونات قوى الحرية والتغيير، محمد وداعة، هدد بتشكيل جسم عريض مناهض للتطبيع والجهات الداعمة له، مستبعدًا تحسن الوضع الاقتصادي نتيجة علاقات مع إسرائيل. وقال في تصريح لـ"الترا سودان"، إن السودان بحاجة إلى سلطة انتقالية تقود البلاد لتخرجه من الأزمات بالاعتماد على الداخل وليس الخارج والتعويل عليه حتى تحاصرها الأزمات الأزمة تلو الأخرى.
اقرأ/ي أيضًا
النيابة العامة تبدأ التحقيق مع الشرطة في أحداث مليونية 21 أكتوبر
مصدر حكومي: البرهان وحمدوك وترامب ونتنياهو اتفقوا على "وقف العداء" مع إسرائيل