ظلت مشاكل الطرق والصرف الصحي في السودان، من القضايا الرئيسية التي يعاني منها المواطنون، وهي ناتجة عن عدة مسببات منها سوء تنفيذ الطرق وسوء أو عدم التخطيط، وضيق وضعف شبكات المجاري في ولاية الخرطوم، وتآكل معظمها بسبب القدم أو عدم الصيانة وحجم الضغط العالي عليها. وعلى الرغم من محاولات السلطات المتعاقبة طرح العديد من المعالجات، إلا أنها لم تحل الأزمة بشكل جذري، واستمرت الأزمة في تفاقمها، وشهدت العاصمة الخرطوم مؤخرًا طفح العديد من المجاري في الطرق والأسواق الرئيسية وامتلاءها ببرك المياه الآسنة، ما قاد مواطنين لإعلان استيائهم من الإهمال الذي تعانيه الطرق وشبكات المجاري، وكانت محطة الصرف الصحي بمحلية شرق النيل بولاية الخرطوم قد انفجرت سابقًا في عهد الوالي الأسبق عبد الرحمن الخضر، بسبب انهيار الجسر الواقي لأحواض مياه الصرف الصحي، ويرى مختصون أن تفاقم أزمة الصرف الصحي يعود لعدة أسباب منها غياب التخطيط السليم، محذرين من النتائج التي يمكن أن تترتب على استمرار الأزمة دون معالجات.
يعود إنشاء شبكة الصرف الصحي في السودان إلى عهد الاستعمار البريطاني ولم تتم مراجعتها بصورة شاملة منذ ذلك الوقت!
ويرجع إنشاء شبكة الصرف الصحي في الخرطوم إلى سنوات طويلة ماضية منذ عهد الاستعمار البريطاني في السودان الذي أنشأها حوالي العام 1953، ولم تتم مراجعتها بشكل شامل منذ ذلك الوقت، وتغطي حاليًا نحو "5%" فقط بالولاية.
اقرأ/ي أيضًا: بعد سنوات من "الضياع".. مستشفيات الخرطوم تعود للسلطة الاتحادية
مشاكل جذرية
وقالت الناشطة في جمعية حماية البيئة سمية سيد لـ"الترا سودان"، إن الأزمة ترتبط في أساسها بالكثافة السكانية العالية في ولاية الخرطوم، وإن شبكة الصرف الصحي الموجودة حاليًا لم تؤسس على قدرة استيعابية لهذا العدد الكبير من المواطنين، وأضافت "ولاية الخرطوم في الوقت الراهن متسعة بقدر أكبر مما تم تصميم الشبكة عليه".
وكشفت سمية، إن بعض أنابيب توصيل شبكة الصرف الصحي لم يتم تغييرها منذ تأسيس الشبكة وحتى الوقت الحالي، ورأت أن ذلك يقلل من كفاءة عمل الشبكة بالمقارنة مع الكثافة السكانية العالية، ولفتت إلى أن محطة الصرف الصحي لا تعمل بكل قدرتها وإمكانياتها.
مقترحات وحلول
وتمسكت سمية، بأن يكون علاج تلك المشاكل برؤية حكومية تستصحب آراء هيئات الصرف الصحي والمحليات، ودعت إلى توسيع الدراسات حول أسباب المشكلة الأساسية، وشددت على ضرورة توفير ميزانيات كافية لمعالجة جذور الأزمة، ونبهت إلى أن الحلول لا تتم عبر المبادرات الشعبية الجماعية والفردية، وأن الأمر يتطلب تعزيز الدور الحكومي في الحل، واعتبرت أن الدولة هي المسؤول الأول عن ذلك.
واقترحت عضو جمعية حماية البيئة، إنشاء محطات صغيرة للصرف الصحي في المدن والأحياء الطرفية والمجمعات السكنية بالولاية، وأشارت إلى أن حلول الحكومة الانتقالية يجب أن تكون متكاملة تتضمن عدة خطط منها المحطات الصغيرة والمحطات الكبيرة والتفكير في إيجاد حل يضمن استيعاب الكثافة السكانية العالية.
اقرأ/ي أيضًا: في ذكرى الثورة.. أرواح الشهداء وأسئلة القصاص تطوف فوق السودان
أخطار بيئية كبيرة
وتؤثر تسربات مياه الصرف الصحي على البيئة بشكل مباشر، حيث تتوارد أخطار عن اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، وكانت الجهات المختصة قد اعترفت في العام 2016 بذلك، وقال المستشار الفني لهيئة مياه ولاية الخرطوم محجوب محمد طه، إن مياه النيل تختلط بمياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع، واعتبر في حديث له أمام البرلمان السوداني السابق، إن حفر آبار السايفون أمر خطأ، وكشف أن هيئة المياه تضطر لحفر "1200" قدم تحت الأرض للحصول على مياه الشرب.
ضرورة استبدال الشبكة
ومن جانبه شدد مدير التشغيل والصيانة بهيئة الصرف الصحي بالخرطوم، المهندس شرف عكّان، على ضرورة إبدال شبكة الصرف الحالية، ووصف الضغط عليها بأنه عالٍ جدًا، وقال: "أغلب المناطق التي كانت مخططة كمنازل عادية أصبحت أبراجًا سكنية ومباني عالية يسكنها آلاف الناس".
وكشف مدير التشغيل والصيانة عن اتجاههم لإنشاء خط مجاري يبلغ قطره متراً في شارع "55" بالخرطوم (2) ليغطي المناطق المجاورة لوسط الخرطوم ويخفف الضغط على مركز الخرطوم، وأبان أن الخطوط القديمة كانت أضيق من ذلك بكثير ويبلغ قطر أكبر خط "16" بوصة.
مقترحات لتطوير العمل
ولفت عكّان، إلى وجود مقترحات داخل الهيئة تهدف إلى تأهيل العمل وتطويره ليغطي أكبر مساحة من العاصمة التي أقر بوجود مشاكل كبيرة في شبكاتها، وذكر أن الشبكة الحالية بالعاصمة لم يتم تجديدها منذ سنوات طويلة، الأمر الذي أدى إلى حدوث تسربات في الشوارع وبالقرب من المحطات الرئيسية، وزاد: "عجزت الحكومات المتعاقبة عن وضع حلول جذرية لأزمة الصرف الصحي"، واستطرد: "كان من المفترض أن يصاحب التوسع العمراني الذي تم في الخرطوم، تحديث لشبكات الصرف الصحي".
وكشف مدير التشغيل والصيانة بهيئة الصرف الصحي بالخرطوم أن الستة أشهر الأخيرة شهدت تحسينًا في معدات العمل والآليات والمواسير بالتزامن مع خطط إصلاحية قادمة في المحطات الرئيسية بالولاية، ونوه إلى استمرار العمل في صيانة الشبكات لمعالجة التسريب الذي يتم في عدد من الشوارع الرئيسية، كما كشف عن توقيع الهيئة عقدًا للتطوير مع شركة "فيبر" التركية التي سبق أن قامت ببناء مجاري مدينة الخرطوم بحري.
صعوبات قائمة
واستبعد عكّان، إمكانية استيعاب المناطق السكنية البعيدة والمجمعات الشعبية ضمن الشبكة الرئيسية في المرحلة الحالية، وتمسك بأهمية حل مشاكل الشبكة في مناطق الضغط الرئيسية في الخرطوم.
مدير التشغيل والصيانة ينفي اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب ويشير إلى استمرار التصريف واعتماده الطبيعي على التبخر والترسيب
ونفى مدير التشغيل والصيانة اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، واعتبر ذلك حديثًا غير دقيق، وأشار إلى استمرار تصريف المياه للحزام الأخضر واعتمادها الطبيعي على التبخر والترسيب، وأضاف: "الفترة القادمة ستشهد تغييرات لم تتم منذ فترات طويلة".
اقرأ/ي أيضًا
المواصلات العامة بالخرطوم.. تفاقم الأزمة ومساعٍ حكومية للمعالجة
المحكمة تفرغ من السماع وتحدد تاريخ النطق بالحكم في جريمة مقتل معلم خشم القربة