11-ديسمبر-2019

ثائرة سودانية (Getty)

دخلت ثورة السودان في تمام عامها الأول بحلول كانون الأول/ ديسمبر الحالي، حيث انطلاقة الحراك الذي أطاح بالنظام البائد، ولم تخمد جذوته حتى بعد إسقاط حكومة المؤتمر الوطني التي قادها رئيس الجمهورية المخلوع المشير عمر البشير، ومع إحياء الذكرى الأولى تحلّق أرواح الشهداء في سماوات السودان، وتسيطر على الذكرى الأولى للثورة المطالبات المتكررة للجان المقاومة ووقوفها على حق الشهداء بالقصاص، والذي تجهر هتافات الثوار به "الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية". ولتأكيد ذلك أعلنت أسر الشهداء بالتعاون مع لجان المقاومة بمدن العاصمة الخرطوم، الثلاث (الخرطوم، بحري وأمدرمان)، تسيير موكب العدالة والقصاص يوم الثلاثاء الماضي.

وطوال زمن الموكب الذي وصل القصر الجمهوري ورئاسة السلطة القضائية ومقر مجلس الوزراء بالخرطوم، وتقدمته أسر الشهداء لم تتوقف الهتافات التي تمسكت بالقصاص للشهداء، وتم تسليم مذكرات لتلك الجهات تطالب بتحقيق العدالة والقصاص للشهداء.

الحكومة الانتقالية تستأذن الشعب لإعلان انطلاق فعاليات إحياء الذكرى الأولى وتواصلها حتى نهاية الشهر

إحياء ذكرى وليس احتفالًا

وبحلول كانون الأول/ديسمبر الحالي أصدر مجلس الوزراء بيانًا لإحياء الذكرى الأولى للثورة السودانية، قال فيه إن حكومة الثورة تستأذن شعبها لإعلان انطلاق فعاليات إحياء الذكرى الأولى للثورة السلميّة المجيدة، مع بزوغ شمس اليوم الأول من الشهر، وأشار البيان إلى تواصل الفعاليات حتى خواتيم الشهر الحالي، كي تتزامن مع احتفالات الذكرى (63) للاستقلال، وتمسك بمواصلة العمل من أجل إنفاذ مبادئ وأهداف الثورة وشعاراتها (حرية، سلام وعدالة)، وأبان أنها ليست احتفالات لكنها إحياء للذكرى، وقال البيان: "سميناها إحياءً كي تحيا وكي توقر في القلوب ويصدقها العمل، إيمانًا بأنها السبيل الذى أتينا من مداخله ومشينا في مناكبه ويجب أن نبلغ منتهاه بما يُلبّي الطموحات".

اقرأ/ي أيضًا: مصادر خاصة: قوش والمهدي اتفقا على استلام السلطة وتقاسما ملايين الدولارات

أولوية السلام

وأوضح بيان مجلس الوزراء الانتقالي، أن الفعاليات والأنشطة الخاصة بالذكرى الأولى للثورة ستكون مرتبطة بالسلام باعتبار أنه في قمة أولويات برنامج الفترة الانتقالية، ونوه للتواصل مع قوى الكفاح المسلح والشعور المشترك لدى جميع أطراف عملية السلام بضرورة إنجاز سلام شامل، ولأهمية أن تشارك كل فئات الشعب السوداني بكافة أطيافه ومناطقه في إحياء ذكرى الثورة الأولى بعد أن حققوها معًا كحزمة واحدة.

ووجه مجلس الوزراء في بيانه الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء الانتقالي المفوض السفير عمر بشير منيس، المؤسسات والدواوين الحكومية والرسمية في "البلدات، القرى والفرقان، والمدن في الولايات أو في العاصمة الخرطوم"، للقيام بما يلزم، وتقديم ما يعين لتخرج الفعاليات والنشاطات المطروحة بالشكل المطلوب، وحيا البيان الشعب السوداني، ونوه إلى التضحيات بدم الشهداء والجرحى، وأنَّات المفقودين.

استمرار الثورة ومطالب ذوي الإعاقة

ومن جانبه قال رئيس تنسيقية الأشخاص ذوي الإعاقة فخر الدين عوض حسن، لـ"الترا سودان" أمس الثلاثاء، إن الثورة مستمرة إلى حين تحقيق شعاراتها المتمثلة في (الحرية والسلام والعدالة)، وبوجه خاص رأى أن العدالة لن تتحقق لذوي الإعاقة ما لم تتم الاستجابة لمطالبهم بتهيئة البيئة بالكامل، واعتبر أن الإعاقة في البيئة وليست في الأشخاص، وأنه بتهيئتها سيساهم ذوي الإعاقة في التنمية ويندمجون في المجتمعات ويزال التمييز ضدهم.

ونوه رئيس التنسيقية إلى مساهمة ذوي الإعاقة في الثورة وتقديم أول شهيد فيها وهو محمد عيسى المعروف بـ"ماكور" بمدينة بربر، وشدد على الاستجابة لمطالبهم من قبل حكومة الفترة الانتقالية في الوزارات كافة، وانتقد رفع يد الدولة عن تعليم ذوي الإعاقة، ونوه لمعاناة الأطفال والأسر في التعليم في المدارس والجامعات المصممة على طوابق بها "سلالم" فقط، وانعدام المراحيض لذوي الإعاقة، وتمسك بأهمية تقنين الأوضاع وربط التصديق للمباني جميعها بالاستجابة للتصاميم الصديقة لتلك الفئة، حسب "الكود" العالمي.

وأكد فخر الدين على ضرورة إدخال ذوي الإعاقة في التأمين الصحي، وتهيئة العيادات والمستشفيات من ناحية التصاميم لاستقبال ذوي الإعاقة، وإقامة أقسام في المستشفيات الحكومية للعناية بتلك الفئة وتقديم خدمة العلاج مجانًا لهم، وعاب غلاء العلاج للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية وأطفال التوحد، وكشف عن معاناة الأسر في علاج أبنائها، بجانب المشاكل التي يواجهها في تعليمهم، واشتكى من غلاء المعينات مثل "السماعات، الكراسي المتحركة، العصي البيضاء لذوي الإعاقة البصرية"، وطالب بتوفيرها عبر التأمين الصحي وألا يقتصر بيعها في الأسواق، ولفت إلى كثرة أعداد ذوي الإعاقة في السودان وسط المدنيين والعسكريين بسبب الحرب، بجانب عدة أسباب منها الفقر وزواج الأقارب وسوء التغذية.

اقرأ/ي أيضًا: رئيس الوزراء في واشنطن.. مساران إيجابيان أمام السودان لتجاوز العقوبات

وأشار رئيس التنسيقية إلى أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وجه الوزارات بوضع برنامج خاص بذوي الإعاقة، وقال "لكن هذا لم يحدث"، وتمسك بأهمية إنزال ذلك الحديث إلى أرض الواقع وألا يكون دعاية إعلانية وإعلامية - طبقًا لحديثه- ونبه في الوقت ذاته إلى أن عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، تعهد برعاية ملف ذوي الإعاقة.

تجمع المهنيين والتعهد ببلوغ الغايات

ومن جهته أصدر تجمع المهنيين السودانيين بيانًا، الإثنين، حول ذكرى الثورة، وقال "ستنطلق ذكرى ثورتنا المجيدة في هذا الشهر لتطوف كل ربوع بلادنا الحبيبة، بمثل ما كانت ثورتنا غيمة غطت كل الديار"، وأضاف: "سنبدأها في غربنا الحبيب 10 كانون الأول/ديسمبر 2019  في مسار ينطلق من الخرطوم ليحط رحاله في مدينة العلم ومنارته (بخت الرضا)، ملقيًا التحية على (الجزيرة أبا) رمز الجسارة، ليحيي ربك، عبورًا بالنيل إلى (كوستي) و(تندلتي)، و(أم روابة) ليستريح في بلد لا تدع مسكينًا لمصيره (الرهد أبو دكنة)، ثم يواصل مسيره إلى عاصمة الرمال و(النهود) ملقيًا عصا الترحال في فاشر السلطان".

وأوضح تجمع المهنيين السودانيين أن مسار الرحلة في عودتها "سيعانق (الدلنج) ويتجه إلى (كادوقلي) ثم الصلاة بسلام في (كاودا) ومن ثم يعود لـ(لخرطوم) مارًا (ببارا)، ليحيي الذكرى مع الثوار في شارع القصر حيث كانت ضربة البداية بموكب التنحي، الذي به بدأنا نقش سطور كتاب نهاية طاغية على يد أعظم شعب"، طبقًا للبيان.

وتعهد تجمع المهنيين بأن يظل حارسًا للثورة حتى تبلغ غاياتها، وذكر أن تحقيق العدالة والقصاص من قتلة الشهداء دينُ واجب السداد، وأن تفكيك دولة التمكين خطوة أولى في طريق بناء الدولة المرجوة، وتحقيق سلام عادل يخاطب جذور المشكلة بعيدًا عن المحاصصات التي لا تجلب سلامًا بقدر ما أنها ترسل رسالة خاطئة في بريد المتضررين الحقيقيين، بجانب بناء جيش وطني واحد مهمته حماية الشعب، بعد تفكيك ما وصفها بالمليشيات وتسريحها، وبناء اقتصاد وطني قوي يضع السودان في مكانه الذي يليق به ويجعل المواطن السوداني يعيش كريمًا كما ينبغي.

يقظة "الشارع" لضمان تحقيق الأهداف

عضو لجان مقاومة يتمسك بإبقاء جذوة الثورة متقدة، وبالقصاص لأرواح الشهداء التي قال: "إنها تحلق في سماء السودان"

وفي السياق شدد عضو لجنة المقاومة بالخرطوم شرق خالد حسين موسى، على أن الثورة لم تنتهِ بعد، وأن الحفاظ على جذوتها متقدة أمر في غاية الأهمية، ورأى أن بقاء لجان المقاومة والحفاظ على المد الثوري يمثل ضمانة حقيقية لتحقيق أهداف الثورة، وقال إن "أرواح الشهداء تحلّق في سماء السودان ولا تنازل عن القصاص"، وأشار إلى أن تحقيق غايات الثورة يتطلب يقظة "الثوار والكنداكات"، ولفت إلى أن السلام يمثل أحد أبرز أهداف الثورة، وأن الآمال معلقة على تحقيقه لأن إنهاء الحرب ضرورة لحفظ أرواح السودانيين ووقف نزيف الدم في أرجاء الوطن كافة.

 

اقرأ/ي أيضًا

السودان.. "الانقلاب" ممنوع بأمر "الشعب" و"الديمقراطية" محروسة بإرادة الجماهير

العنف ضد المرأة السودانية.. "انتفاضة" للمساواة وشجب الاغتصاب