18-ديسمبر-2019

وزارة الصحة الاتحادية (أخبار اليوم)

وجد قرار إلغاء أيلولة المستشفيات لوزارة الصحة الاتحادية الذي أصدره وزير الصحة الاتحادي أكرم علي التوم، مؤخرًا تأييدًا واسعًا.

وكان القرار الملغي الذي تبنته الحكومة المخلوعة في عام 2013 قد أفضى إلى تحويل المستشفيات الحكومية الرائدة في ولاية الخرطوم من وزارة الصحة الاتحادية إلى وزارة الصحة بولاية الخرطوم، بحجة نقل الخدمات الصحية إلى الأطراف، وأكد مراقبون ومهتمون أن قرار الأيلولة كان معيبًا في بلد مثل السودان، لاعتماد معظم ولاياته على المركز في التمويل، إضافة إلى أن نسبة الفقر تصل إلى أكثر من (65٪) وفقًا لتقديرات غير رسمية، وأن ما يدفعه المواطن صرفًا على الصحة  يقدر بنحو (80٪) من ميزانية الأسرة.

نقابي بمستشفى الخرطوم يطالب باستكمال قرار إلغاء الأيلولة بتهيئة بيئة العمل بالمستشفيات الاتحادية وإزالة مظاهر التمكين

تهيئة البيئة وفتح ملفات الفساد

وطالب النقابي بمستشفى الخرطوم مسعود محمد الحسن، باستكمال  قرار إلغاء الأيلولة بتهيئة بيئة العمل بالمستشفيات الاتحادية وإزالة مظاهر التمكين المتمثلة في تسكين منسوبي النظام المخلوع في الوظائف العليا وإعادة المفصولين تعسفيًا، بقرار سياسي قبل انتخاب المدراء العامين للمستشفيات وإلغاء قرار تبعية المستشفيات العامة لبعض الجامعات، ووضع خطة إسعافية لتأهيل وتدريب الكادر الصحي، وكشف عن عمل  العشرات كمتعاونين لسنوات طويلة.

اقرأ/ي أيضًا: في ذكرى الثورة.. أرواح الشهداء وأسئلة القصاص تطوف فوق السودان

وشدد مسعود، على ضرورة فتح ملفات الفساد في قطاع الصحة منذ العام 1989، وفضح ما وصفها بدعاوى الإنقاذ الصحي وفرية توطين العلاج بالداخل والتعاقدات المتعلقة بالأجهزة الطبية والمباني، واعتبر أن قرار الأيلولة لم يكن لتجفيف وتفكيك المستشفى وإنما كان لاستهداف الكوادر الصحية والعاملين فقط باعتبارهم مهددًا أمنيًا للنظام المخلوع، وأشار إلى أن تنفيذه هدف كذلك لإفساح الطريق لتسليع العلاج وخصخصة المرافق الصحية والعلاجية، بما يتوافق مع سياسات السوق الحر ووصفات البنك الدولي.

تجاهل أصحاب المصلحة

ونبه النقابي بمستشفى الخرطوم، إلى أن تنفيذ السياسات الصحية علم قائم بذاته، يبدأ من اتخاذ القرار بتنفيذ السياسة المحددة والذي يبنى على دراسات علمية ويتم اختيار السياسة المناسبة حسب الأدلة البحثية المتوفرة وإشراك الكوادر الصحية والمواطنين في كل الخطوات من اتخاذ القرار وحتى التنفيذ والمتابعة، وذكر: لكن في عام 2011 تم إصدار قرار جمهوري بأيلولة المستشفيات المركزية للولايات دون الرجوع لأصحاب المصلحة، وتم نقل مسئولية تقديم الخدمات الصحية من المستوى الاتحادي للولائي بالنسبة للخدمة الثانوية والثالثية. وفي عام 2012 تم نقل مسئولية تقديم الخدمة الصحية من المستشفيات المركزية للمستشفيات الطرفية، وشمل النقل في ولاية الخرطوم، الكوادر الصحية والمعدات من مستشفى الخرطوم وجعفر بن عوف إلى مستشفيات إبراهيم مالك والأكاديمي وبشائر وسعد أبو العلا.

وأضاف أنه لم يتم إشراك الكوادر الصحية ولا حتى المواطنين في أية خطوة من خطوات تنفيذ السياسة، مما أدى إلى مقاومة الكوادر الصحية لهذه السياسات بواسطة الوقفات الاحتجاجية والإضرابات.

وفيات نتيجة إيقاف خدمة الحوادث

ونبه مسعود، إلى أنه قد تم إيقاف خدمة الحوادث بشكل مفاجئ مما أدى إلى تسجيل وفيات وولادات أمام بوابات المستشفيات، وانتقد نقل الخدمة من مستشفيات ذات سعة كبيرة مثل مستشفى الخرطوم التي تضم (1100) سرير إلى مستشفيات ذات سعة صغيرة مثل إبراهيم مالك (150- 200) سرير، وأوضح أن ذلك تسبب في فقدان الوصول للخدمة الصحية لعدد كبير من المواطنين وتنامي سوق القطاع الخاص حتى بالنسبة لخدمات الطوارئ، ورأى أن عدم توفر معينات العمل والتأخير في تقديم الخدمة نتيجة ضعف السعة وزيادة التردد بعد تجفيف المستشفيات المركزية، إضافة إلى تسليع الخدمة، أدى إلى اضطرار المواطنين للجوء إلى القطاع الخاص.

اقرأ/ي أيضًا: أسر الشهداء تتقدم موكب "القصاص" وتدفع بمذكرات للقضائية ومجلسي السيادة والوزراء

تردي الخدمات الصحية

واعتبر النقابي بمستشفى الخرطوم مسعود محمد الحسن، أن نقل الخدمة إلى الأطراف ساهم في تفتت الخدمة الصحية المقدمة، واستند على ذلك بتوزيع الخدمات التي كانت موجودة في مكان واحد إلى عدة مواقع  بالولاية، مما أفقد ميزة تقديم الخدمات المتكاملة في ظل نظام صحي قال إنه يعاني أصلًا من مشكلات في نظام الإحالة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم مشكلة الإحالة وتردي جودة الخدمات الصحية.

شعارات كاذبة وتسليع العلاج

ومن جانبه قال المهتم بالشأن الصحي الدكتور أبوبكر بشير، إن منسوبي النظام المخلوع قدموا شعارات كاذبة لإغلاق المستشفيات الحكومية الكبيرة التي تمثل تجمعات ضخمة للأطباء من مناهضي سياسات الحكومة التي أسقطها الشعب بثورته، والذين يشكل تجمعهم بؤرة للاحتجاجات والإضرابات والمعارضة، لذلك فقد اختارت الحكومة السابقة تشريدهم والتضييق عليهم أمنيًا واقتصاديًا، ودلل على ذلك بتزايد هجرة الأطباء للخارج بعد قرار الأيلولة، وذكر أن النظام المخلوع خصص ميزانية المستشفيات الحكومية الكبيرة لبنود للصرف على أجهزته الأمنية والحزبية.

وأشار بشير إلى خصخصة العلاج والدواء وتسليع الخدمات الصحية وتخلي الدولة عن واجبها الدستوري والإنساني، ورأى أن ذلك أدى إلى ارتفاعٍ كبير في أسعار المخلوع. وأضاف أن فرية نقل الخدمات الصحية للأطراف كلمة حق أريد بها باطل، وقال: "إذا كان المقصود بالأطراف ولايات السودان وهامشه، فالمنطق والعقل يتطلبان أن ينهض بهذه المهمة جهاز مركزي كوزارة الصحة الاتحادية وأن يتنادى المختصون والخبراء لمؤتمر يضع البرامج والخطط لبناء نظام صحي متكامل يشمل كل ولايات السودان"، وتساءل "لماذا تتصدى للأيلولة فقط ولاية الخرطوم، وهل المقصود بالأطراف هي أطراف ولاية الخرطوم، وأين بقية ولايات السودان؟".

اقرأ/ي أيضًا: المحكمة تفرغ من السماع وتحدد تاريخ النطق بالحكم في جريمة مقتل معلم خشم القربة

وتابع، من  يريد أن ينشئ نظامًا صحيًا جديدًا لا يعمل على تكريس سياسة الهدم والتفكيك، وإنما يوظف الإمكانيات والموارد الموجودة ويعمل على تطويرها وتحديثها وتجويد الأداء فيها، ومن ثم يعمل على بناء وحدات جديدة في المناطق ذات الأولوية والحاجة حسب برنامجه في التخطيط والدراسات، وكرر بشير حديثه بأن الغرض من الأيلولة ليس صحة أهل السودان، ولكن أن تذهب الصفقات والأموال إلى جيوب نافذي النظام البائد.

نظام الإحالة في السودان

وحول نظام الإحالة العالمي قال الدكتور أبوبكر بشير، إن السودان كان يطبقه منذ زمن قديم وحتى الثمانينات، بداية من نظام نقاط الغيار ثم المراكز الصحية المنتشرة في كل ربوعه ومراكز رعاية الأمومة والطفولة والمستشفيات الريفية ومستشفيات المدن والمستشفيات الكبيرة ذات الخدمات التخصصية، وزاد: "وحتى قبل أن يتنادى العالم في مؤتمر المآتا 1978 بالاتحاد السوفيتي، وإعلان نظام الرعاية الصحية بعناصره التسعة المعروفة، ثمّ أن نظام الإحالة بأقسامه الثلاثة مطبق في كثير من دول العالم، وكمثال السعودية، يتكون نظام الإحالة فيها من ثلاثة مستويات، تشمل مراكز الرعاية الصحية الأولية، المستشفيات العامة في المدن ومستشفى مركزي مرجعي لكل إقليم، والمستشفيات والمراكز التخصصية"، وتساءل "هل احتاجت لأن تحول كل ذلك إلى منطقة الرياض فقط، كما فعل منظرو الأيلولة في السودان؟"، وأردف:"إذًا لماذا كل هذا العسف ولي عنق الحقيقة ﻹبطال الحق وإحقاق الباطل؟".

قرار الأيلولة تضمن تحويل تبعية عدة مستشفيات اتحادية إلى المسؤولية الولائية ومراقبون يرحبون بإلغائه بعد سنوات من الضياع

وكان قرار الأيلولة الصادر في العام 2013 تضمن تبعية عدد من المستشفيات والمؤسسات الاتحادية لمسؤولية ولاية الخرطوم، مثل مستشفيات الخرطوم التعليمي، جعفر بن عوف للأطفال، الأنف والأذن والحنجرة، ومستشفى الخرطوم للأورام –الذرة- وبنك الدم، ورحب مراقبون بقرار عودة المستفيات للمسؤولية الاتحادية بعد سنوات مما وصفوه بالضياع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المواصلات العامة بالخرطوم.. تفاقم الأزمة ومساعٍ حكومية للمعالجة

كلمة "حنبنيهو" لخداع الرأي العام.. إليكم قصة الطائرة "المختفية" وفضائح مخفية