20-يناير-2023
احتجاجات ضد التدخل المصري في السودان

(Getty) احتجاجات في السودان ضد زيارة السيسي والتدخل المصري في الشأن السوداني

منطلقةً من تمكسها بالاتفاق الإطاري الموقع عليه في الخامس من كانون الأول/ديسمبر الماضي بين بعض القوى المدنية والعسكريين في السودان، أعلنت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) رفض دعوة مصرية إلى حوار "سوداني-سوداني" في القاهرة.

محلل سياسي: مصر تحاول تخريب الاتفاق الإطاري وعرقلة التحول الديمقراطي في السودان

ووصلت الدعوة المصرية إلى قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) من مجلس الوزراء المصري، عوضًا عن مبادرة المخابرات العامة برئاسة عباس كامل التي أثارت زيارته إلى السودان نهاية الشهر الماضي ردود أفعال مختلفة وسط الأطراف السودانية.

وكشف بيانٌ عن لجنة الاتصال والعلاقات الخارجية بقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عن تلقي التحالف دعوةً من الحكومة المصرية عبر القنصل العام بالخرطوم للمشاركة في ورشة عمل بالقاهرة في الفترة من الأول حتى الثامن من شباط/فبراير المقبل تحت عنوان: "آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع" - وفقًا للبيان.

https://t.me/ultrasudan

الموقف الرافض الذي أصدرته "الحرية والتغيير" في بيان "شديد اللهجة" مساء الأربعاء يعبّر -حسب مراقبين- عن حالة عدم الرضا من قِبل التحالف تجاه الدور المصري في الملف السوداني، خاصةً في أعقاب الانقلاب العسكري، وهي حالة لازمت المدنيين خلال الفترة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك.

يرى المحلل السياسي والكاتب حيدر المكاشفي في حديث لـ"الترا سودان" الدعوة المصرية لعقد حوار "سوداني-سوداني" في القاهرة بالتزامن مع انطلاق العملية السياسية في السودان برعاية المجتمع الدولي - يرى أنها محاولة لـ"تخريب الاتفاق الإطاري".

دعوة الفلول

وبحسب المكاشفي، فإن الورشة التي تدعو إليها القاهرة هي "حوار الفلول مع الفلول وداعمي الانقلاب". "إذا كان الحوار سودانيًا شاملًا كان ينبغي أن تشمل الدعوة المجموعات الجذرية الرافضة والمجتمع المدني في السودان بمعناه الواسع" - يضيف المكاشفي.

ويتهم المكاشفي مصر بمحاولة إفشال الاتفاق الإطاري وإيجاد موطئ قدم لمن وصفهم بـ"حلفاء العسكريين"، لافتًا إلى أن القاهرة تحاول تقوية موقف العسكريين وأن مبادرتها "ليست حبًا في الأطراف المدعوة".

ويقول المكاشفي إن المجتمع الدولي يحاول إقناع حركتي "العدل المساواة" و"تحرير السودان" برئاسة كل من جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي بالانضمام إلى الاتفاق الإطاري لأن الأطراف الأخرى "غير مشمولة" بالعملية السياسية. والدعوة المصرية جاءت لـ"تصب الزيت على النار" – وفقًا لتعبير المكاشفي.

وأردف: "مصر قدمت الدعوة للفلول الذين سقطوا مع المخلوع، وكأنها لم تتعظ من خديعة الإسلاميين لها في انقلابهم في 1989".

ويوضح المكاشفي أن قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) برفضها الدعوة المصرية وضعت نفسها في "الموقف الصحيح"، معللًا بأنّ "التدخل المصري يحمل نوايا لتعطيل التحول الديمقراطي في السودان" – على حد قوله.

ويشير المكاشفي إلى توعد الولايات المتحدة الأمريكية بمعاقبة معرقلي التحول الديمقراطي، ويقول إن هذه العقوبات يجب أن تمتد إلى الدول التي تعرقل الانتقال المدني والديمقراطية في السودان.

إبقاء الجيش

وكان عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير محمد الفكي سليمان قد أشار في مقابلة تلفزيونية إلى أنّ وفدًا من قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) سيزور القاهرة ضمن جولات إقليمية لشرح العملية السياسية وليس في إطار قبول الدعوة المصرية.

وخلال فترة الحكومة الانتقالية قبل الانقلاب العسكري، اتسمت العلاقة بين المدنيين والنظام المصري بالفتور، ولم تفلح في إنعاشها حتى زيارة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إلى العاصمة المصرية مطالبًا بفتح الملفات "المسكوت عنها" بين البلدين وتغيير الصورة النمطية السائدة في العلاقة بين الخرطوم والقاهرة.

وفي المقابل، يعتقد الباحث في الشأن الأفريقي والشرق الأوسط عادل إبراهيم أن قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) "لم تكن موفقة" في إصدار بيان الرفض بالعبارات التي صيغت به.

وانتقد إبراهيم في إفادات لـ"الترا سودان" طريقة صياغة بيان قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) الذي أعلنت من خلاله رفضها للدعوة المصرية. وقال إن السودان ومصر يجمعهما التاريخ والجغرافيا المشتركة ولا يمكن للبلدين أن يكونا بعيدين عن بعضهما – على حد قوله.

ويشير إبراهيم إلى أن الدعوة المصرية وصلت باسم قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) مع أن الاتفاق الإطاري وقعت عليه الأحزاب والتنظيمات التي تشكل هذا التحالف منفردةً، لافتًا إلى أنه كان بإمكان القاهرة أن تلجأ إلى إرسال دعوات إلى الأحزاب. وأردف: "لا أستبعد قبول بعض أطراف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) للدعوة المصرية. "هذه هي توقعاتي" – زاد إبراهيم.

تراجع المخابرات

وقال إبراهيم إن مصر أجرت تعديلات على العملية بإرسال الدعوة باسم مجلس الوزراء المصري لا المخابرات، مبينًا أن القاهرة لم تكن موفقة في ابتعاث مدير المخابرات عباس كامل للقاء الأطراف السودانية. وتابع: "هذه الجولة كان ينبغي أن تكون من صميم عمل الخارجية المصرية لا المخابرات"، مشيرًا إلى أن نظام حسني مبارك كان يرسل مدير المخابرات عمر سليمان برفقة وزير الخارجية لإجراء تفاهمات مع السودان.

ويضيف عادل إبراهيم: "مصر غير قلقة من التحول الديمقراطي في السودان، لكنها لا تود خروج الجيش من المشهد السياسي حتى لا يتحول الوضع إلى فوضى".

وقال إبراهيم إن الجيش السوداني ظل متماسكًا في المنطقة في ظل الانقسامات التي ضربت جيوش المنطقة، ولذلك فإن مصر ترى أهمية الحفاظ على وضع الجيش السوداني لأمنها القومي – بحسب إبراهيم.

ومع تشديد الرباعية الدولية وأصدقاء السودان الذين أعلنوا دعمهم للعملية السياسية عند تدشينها في التاسع من كانون الثاني/يناير الجاري، وعدّتها أساسًا لتشكيل الحكومة المدنية -بحسب البيان الذي تلاه السفير السعودي في السودان نيابة عن المجتمع الدولي- إلا أن مصر ربما لجأت إلى "الخيار الأخير" متجاهلةً رغبة المسهلين الدوليين، فهل تنجح في ذلك؟

المكاشفي: تراجع الدور المصري "المنحاز للجنرالات" يتوقف على تماسك قوى الحرية والتغيير في موقفها

يجيب المحلل السياسي حيدر المكاشفي عن هذا السؤال بالقول: "هذا يتوقف على تماسك قوى الحرية والتغيير في موقفها وتوسيع تحالف الإطاريين وكسر الجمود مع الجذريين". "هنا قد يتراجع الدور المصري المنحاز للجنرالات" – يضيف المكاشفي.