17-سبتمبر-2022
البرهان والسيسي

تكللت العلاقات بين العسكريين في السودان ومصر بتنسيق أمني ومناورات مشتركة

لم تبتعد مصر عن الشأن السوداني في السنوات الأخيرة حتى وصل التنسيق الأمني بين البلدين مرحلة متقدمة، وفيما يبدو أن القاهرة في موازنة صعبة بين تحقيق مصالحها في السودان والتي قد لا تتوافق مع مطالب الحركة الجماهيرية، وسط مخاوفها من تفكك هذا البلد الذي يعد عمقًا استراتيجيًا لها ويعاني من تعدد الجماعات المسلحة وصعود التوترات القبلية.

ومع المخاوف المصرية بشأن انزلاق السودان إلى حالة من عدم الاستقرار والفوضى الأمنية، أيضًا تبدو رياح الديمقراطية التي قد تهدد هذه الدولة المجاورة للسودان شمالًا من "الشواغل الكبرى" داخل النظام المصري بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي.

المخاوف المصرية تتكون من شقين الأول تفكك السودان والثاني انتصار الديمقراطية

في الشهور الأولى عقب تشكيل مؤسسات السلطة المدنية في السودان، ذكر وزير الإعلام في حكومة عبد الله حمدوك - فيصل محمد صالح في مقابلة تلفزيونية مع محطة "سودانية 24"، أن السودانيين "لا يتطلعون إلى تصدير تجربتهم إلى دول الجوار"، وحاول الوزير السوداني عبر هذه التصريحات "تهدئة المخاوف الإقليمية بشأن انتقال شرارة الاحتجاجات الشعبية الى تلك البلدان التي تعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية".

"الشواغل المصرية" في السودان تتمثل في ملفات متعددة أبرزها ملف مثلث حلايب الذي تحتله القوات المصرية منذ تسعينات القرن الماضي في عهد النظام المخلوع، وملف سد النهضة ومياه النيل والملف الأمني المتعلق بتصاعد طموحات قائد الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو لتولي السلطة في السودان مستغلًا ضعف وهشاشة الوضع الأمني، إلى جانب التعاون الأمني مع تطورات الأوضاع في إثيوبيا.

ويقول المحلل السياسي مصعب عبد الله لـ"الترا سودان"، إن القاهرة تبحث عن تسوية سياسية بين العسكريين والمدنيين بشكل يتيح للعسكريين الإمساك على زمام الأمور في السودان، مشيرًا إلى أن أي دولة مجاورة لبلد يشهد انتفاضة شعبية تكون قلقة من رياح الثورات التي تنتقل بسرعة.

https://t.me/ultrasudan

ويرى عبد الله أن الثورة السودانية إذا نجحت في ولادة ديمقراطية ناشئة في البلاد؛ ذلك لن يكون في صالح النظام المصري، فالشعوب مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي لديها قدرة على "استلهام التجارب بسرعة".

وكانت الكاتبة الصحفية والخبيرة المصرية في الشأن السوداني أماني الطويل قد حذرت الأيام الماضية من أن نظام البشير على "مرمى حجر" من السلطة معربةً، عن أملها في تولي المدنيين للسلطة في السودان.

وعلى مدى عامين من الفترة الانتقالية نأت القاهرة بنفسها عن حكومة عبد الله حمدوك التي كانت تمثل الشق المدني في السلطة الانتقالية، وربما لم تكن لدى مصر إجابات عن مستقبل حكم المدنيين في السودان. ويقول المحللون السياسيون إن "مصر غير مضطرة لتشجيع الديمقراطية في السودان على حساب ملفاتها الهامة مثل مياه النيل والحدود وسد النهضة".

بينما يعتقد المحلل في الشأن الأفريقي عادل إبراهيم في تصريحات لـ"الترا سودان"، أن المخاوف المصرية في السودان قد تكون محط أنظار القاهرة في الفترة الأخيرة، لكن هناك عوامل أخرى تساعد مصر على الاطمئنان بشأن تراجع المطالب السودانية المتعلقة بالديمقراطية والحكم المدني، وذلك نسبة لحدوث انشقاقات بين التنظيمات التي تقود الحراك السلمي حول خياري التسوية وإسقاط العسكريين بالكامل.

محلل: مصر تريد في السودان "دولة منضبطة"

ويرى إبراهيم أن المجتمع المدني في السودان غير قادر على بلورة مطالب الثورة وتحقيقها على الأرض، وحتى عندما تسلم السلطة كان ضعيفًا ومنقسمًا، وبالتالي طالما هناك انقسام على الوسائل ناهيك عن الأهداف، فإن الديمقراطية في السودان لن تأتي قريبًا، ما يعني أن مصر لا يجب أن تشعر بالقلق البالغ.

ويقول إبراهيم إن مصر تريد في السودان "دولة منضبطة حدوديًا وأمنيًا وسياسيًا" لأنك في وقت ما قد لا تجد هذه الخيارات ناهيك عن الديمقراطية في ظل "تعدد الجيوش والجماعات المسلحة والتوترات القبلية وضعف القوى المدنية".