08-سبتمبر-2022
احتجاجات

احتجاجات رافضة للحكم العسكري في السودان (AFP)

أثارت الخطوة التي أعلنتها تنسيقيات لجان المقاومة بولاية الخرطوم جدلًا واسعًا داخل قوى الثورة. وتقضي الخطوة بضرورة وحدة القوى المناهضة للانقلاب في تنسيق على مستوى العمل الميداني والإعلامي والاتصال السياسي مع الأحزاب السياسية والقوى المدنية والمطلبية. وعدّ عدد من الفاعلين السياسيين هذه الخطوة "الفريضة الغائبة" لإسقاط الانقلاب، بينما يرى آخرون أنها جاءت لقطع الطريق أمام توحيد مواثيق لجان المقاومة، ولضرب خطهم السياسي القاضي بـ"التغيير الجذي" وجرهم إلى التسوية السياسية مع الأحزاب التي تؤمن بالحل السياسي.

تُعدّ وحدة قوى الثورة عند فاعلين سياسيين "الفريضة الغائبة" لإسقاط الانقلاب، فيما يرى آخرون أنها جاءت لقطع الطريق أمام توحيد مواثيق لجان المقاومة

المتحدث الرسمي باسم لجان مقاومة صالحة المركزية فيصل السعيد يقول إن وحدة قوى الثورة تمثل "قناعة راسخة" لديهم في لجان مقاومة. ويضيف السعيد في تصريح لـ"الترا سودان" إنهم عبّروا عن ذلك في جميع المواثيق التي أصدروها سواء على مستوى ولاية الخرطوم أو الولايات الأخرى. وتابع: "هنالك ولايات سبقتنا وعملت على توحيد قوى الثورة عن طريق عمل غرف مشتركة كولاية كسلا ومدينة الدويم".

وعن مبادرة وحدة قوى الثورة، يقول السعيد إنها صدرت عن تنسيقية لجان مقاومة الخرطوم وسط، وهي ليست من التنسيقيات الموقعة على "ميثاق تأسيس سلطة الشعب". وزاد السعيد: "قدمت هذا المقترح كتنسيق مشترك ما بين اللجان والقوى السياسية والأجسام المهنية والغرض منه إحكام التنسيق في العمل الميداني والإعلامي".

ميثاق لجان المقاومة

وحول ميثاق لجان المقاومة والقول بأن المبادرة تتجاوزه، أكد السعيد أنهم سيستمرون في تمسكهم بالميثاق. وقال: "الأفراد المتحفظون يرون أنه سيتم تجاوز الميثاق، ولكننا وضحنا لهم أن الميثاق لن يتم المساس به". وأضاف: "رؤيتنا هي أن الفريضة الغائبة لإسقاط الانقلاب أن يكون هناك عمل تنسيقي بيننا وبين القوى السياسية لتعجيل إسقاط الانقلاب"، مشيرًا إلى إيمانهم "الراسخ" بأن هذه هي الخطوة التي ستقود إلى إنهاء الانقلاب في أقرب وقت ممكن. وتابع قائلًا: "أما المتحفظون، فنحن نثق تمام الثقة أن التحاقهم بركب التنسيق المشترك هو عامل زمن ليس إلا".

وعن الخطوات العملية، يقول الناطق الرسمي باسم لجان مقاومة صالحة إن الخطوة العميلة ستكون الورشة التي ستنعقد قريبًا.

https://t.me/ultrasudan

ردود أفعال متباينة

فور صدور التصريح الصحفي المشترك للجان المقاومة وإعلانها القبول بالتنسيق مع القوى السياسية، ثارت ردود أفعال مختلفة؛ بعضها  يرفض بصورة قاطعة الاقتراب أو العمل مع القوى السياسية، خاصةً المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير؛ ورفضت كل من تنسيقية الخرطوم جنوب ومركزيات لجان مقاومة جبل أولياء وكذلك الميثاق الثوري لسلطة الشعب. وترى هذه التنسيقيات أن الوحدة الحقيقية هي على مستوى مواثيق لجان المقاومة، كما تُفضل أن يتم أي عمل مشترك بينها والآخرين عقب الانتهاء من توحيد مواثيق لجان المقاومة في العاصمة والولايات. واتهمت القائمين على مبادرة وحدة قوى الثورة بأنها تريد قطع الطريق أمام توحيد مواثيق لجان المقاومة أو التشويش عليها.

ترحيب ودعم

ورحبت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) بخطوة توحيد قوى الثورية، وأكدت في بيان لها أهمية "التنسيق الفعال" بين مختلف المكونات الثورية من أجل إسقاط الانقلاب وتأسيس السلطة المدنية الديمقراطية الكاملة.

رحبت قوى الحرية والتغيير بخطوة توحيد قوى الثورية، وأكدت أهمية التنسيق الفعال

وقال المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير "إن لجان المقاومة ظلت تقوم بتضحيات عظيمة وتلعب دورًا رئيسيًا في التصدي لانقلاب 25 أكتوبر ولم تتراجع مطلقًا عن الخط الأمامي للمواجهة". وأضاف أنها طورت من وسائل عملها السياسي والجماهيري، مشيرًا إلى ما أسماه "قفزة نوعية" بتسريعها لخطوات إحكام التنسيق السياسي والميداني والإعلامي بين جميع المكونات الثورية "على قاعدة الاتفاق حول إسقاط الانقلاب وعلى أهم سمات الانتقال للتحول الديمقراطي المستدام وتحقيق غايات الثورة".

وأكد بيان قوى الحرية والتغيير أنها ستساند كل خطوة من شأنها توحيد قوى الثورة. وتابع: "سننخرط بكل طاقتنا في أي عمل يحكم التنسيق بين مكونات الجبهة المدنية الديمقراطية المناهضة للانقلاب"، لافتًا إلى أن هذا هو "الطريق الوحيد لهزيمته" وإلى أن المستفيد الوحيد من تشتت الجبهة المدنية الديمقراطية هو "قوى الثورة المضادة" التي قال إنها "تستثمر في زيادة هذه الشقة". وزاد البيان: "آن أوان هزيمة هذه المخططات وبناء أوسع جبهة مدنية مناهضة للانقلاب وحاملة للواء المقاومة الموحدة التي تستكمل مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة حتى تبلغ كامل غاياتها في الحرية والعدالة والسلام والرفاه".

هذا الطريق مغلق

وقطع الحزب الشيوعي بأنه ضد "دعاوى وحدة قوى الثورة" التي تريد أن تجمع الحرية والتغيير (المجلس المركزي) والحرية والتغيير (التوافق الوطني)، مثلما فعلت اللجنة التسييرية لنقابة المحاميين. ووصف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار هذه الدعوات بـ"المشبوهة". وتابع في تصريح لـ"الترا سودان" أنها تريد إرجاع السودان إلى "ما قبل 25 أكتوبر". وأوضح كرار أن هذه الدعوات تهدف إلى "اتفاق شراكة" وأنها تريد أن يكون المكون العسكري الذي وصفه بـ"الممثل الشرعي للمؤتمر الوطني" -تريده أن يكون- في السلطة وأن وتمضي الأجندة نحو حكومة انتقالية تحافظ على "إرث النظام القديم" وتنظم انتخابات "مزيفة ومزورة" تعيد إنتاج النظام البائد، واصفًا الأمر بـ"المؤامرة"، ومؤكدًا أنهم وغيرهم من القوى الثورية سيعملون من أجل "إسقاط هذه المؤامرة" – على حد تعبيره.

كمال كرار: القضية الجوهرية هي أن هناك انقلاب عسكري ويجب الاتفاق على كيفية إسقاطه وعلى برامج ما بعد إسقاط الانقلاب

وقال كرار إن الحزب الشيوعي السوداني من أوائل الأحزاب السياسية التي نبهت إلى انحراف مسار الثورة منذ نوفمبر 2020، مشيرًا إلى أنه خرج من قوى الحرية والتغيير وأعلن ذلك للرأي العام. وتابع كرار: "عملنا ميثاق (السودان: الأزمة واسترداد الثورة)، لافتًا إلى أنه أول ميثاق ينبه إلى الخلل في الفترة الانتقالية وكيفية معالجته. وأضاف كرار: "دعينا الجماهير إلى إسقاط حكومة حمدوك لاسترداد الثورة، وعندما جاء الانقلاب العسكري وظهرت مواثيق عديدة"، موضحًا أن لجان المقاومة لديها مواثيق والمجلس المركزي والتوافق الوطني كلهم لديهم مواثيق. وزاد: "قلنا أن القضية الجوهرية هي أن هناك انقلاب عسكري ويجب الاتفاق على كيفية إسقاطه وعلى برامج ما بعد إسقاط الانقلاب"، مؤكدًا أنه غير كافٍ أن يتوحد الناس على شعار إسقاط الانقلاب. ويعلل: "لأننا من قبل اتفقنا على إسقاط البشير، لكن بعد ذلك اختلفت البرامج، وحدث انحراف عن الثورة وطعن من الخلف وضرب تحت الحزام، ولا نريد تكرار هذه التجربة من جديد".