ربما كانت الحركة الوطنية الديمقراطية بقيادة لام أكول، ترمى بآخر بالونات اختبارها للحكومة وهي تقدم مرشحها لمنصب حاكم ولاية جونقلي محجوب بيل تروك، الأمين العام للتنظيم المعارض المنضوى تحت تحالف أحزاب المعارضة الموقع على اتفاق السلام للرئيس كير بصورة رسمية قبل أسبوعين، وحينما تم تعيين بقية الحكام الثمانية وإرجاء إعلان أسماء حاكمي أعالي النيل وجونقلي، بدأت الحركة تسترجع ذات السيناريو القديم و الذي انتهى إلى إبعادها من المشاركة في مجلس وزراء الحكومة الانتقالية، وكذلك الأمر بالنسبة لمنصب نائب الرئيس الخاص بالتحالف والذي حسمه الرئيس كير لصالح حسين عبد الباقي، فمن يا ترى يقف وراء إبعاد تنظيم موقع على اتفاق السلام من المشاركة في الهياكل الحكومية، وما هي مصلحته التي تخالف جوهر الاتفاق الذي تحدث عن مبدأ "الشمول" وضرورة إشراك جميع الأطراف الموقعة، في وقتٍ يتحرك فيه المجتمع الإقليمي والدولي لإلحاق بقية الجماعات غير الموقعة بالعملية السلمية.
ديفيد لورنس لـ"ألترا سودان": متوقع أن تتعامل معنا الحكومة بتلك الطريقة، فنحن منذ توقيع الاتفاقية ظللنا نتخذ مواقفًا صريحة جدًا ومتمسكة بتنفيذ بنود الاتفاق نصًا وروحًا
ويقول المتحدث الرسمي باسم الحركة الوطنية الديمقراطية ديفيد لورنس، إن ما حدث من إبعاد مرشحهم لمنصب حاكم ولاية جونقلي وقبلها حرمانهم من المشاركة في الحكومة الاتحادية وفق النسب التي خصصتها اتفاقية السلام للأطراف الخمسة الموقعة، كان متوقعًا منذ البداية، وذلك بسبب المواقف التي ظلت تتخذها الحركة فيما يتعلق بتنفيذ بنود اتفاق السلام نصًا وروحًا.
اقرأ/ي أيضًا: صديق يوسف لـ"ألترا سودان": الحرية والتغيير ليست المسؤولة عن تأخر تعيين الولاة
وأضاف قائلًا في تصريحاتٍ لـ"ألترا سودان": "هذا شيء متوقع أن تتعامل معنا الحكومة بتلك الطريقة، فنحن منذ توقيع الاتفاقية ظللنا نتخذ مواقف صريحة جدًا ومتمسكة بتنفيذ بنود الاتفاق نصًا وروحًا، لكن الحكومة تريد أن تنفذ الاتفاقية وفقًا لرؤيتها، وقد كان من الطبيعي أن تكون هناك تيارات داخل التحالف، منها ما سلم أمره للحكومة، وهذا الإقصاء المتعمد جاء نتيجة لمواقف الحركة الصريحة".
وأشار لورنس إلى أن الهدف من استبعادهم من مواقع صنع القرار، هو عدم تنفيذ بنود الاتفاق بالشكل المطلوب، مبينًا أن هذا سيكون له مردود سلبي على الاتفاقية التي تتحدث عن مشاركة جميع الأطراف، معتبرًا أن تلك الخطوة تمثل خرقًا لاتفاق السلام.
ويرى بعض المراقبين والمهتمين بتنفيذ بنود اتفاق السلام المنشط، أن إبعاد الحركة الوطنية من المشاركة في هياكل الحكم تم بشكلٍ متعمد، ومقصودٌ منه معاقبة رئيس الحركة الدكتور لام أكول على المواقف المتشددة التي اتخذها خلال عملية التفاوض فيما يتعلق بقضية الـ(32) ولاية، والتي تراجعت عنها الحكومة وهي مرغمة تحت الضغط الإقليمي و الدولي، حيث كان أكول قد رفض التوقيع على اتفاق السلام ما لم يتم مخاطبة تلك القضايا بشكلٍ واضح.
اقرأ/ي أيضًا: خلاصات كتاب "عزمي بشارة" الأخير وتجربة السودان
من جهته نفى السكرتير الإعلامي لتحالف (سوا) ستيفن لوال، صحة الاتهامات التي وجهتها حركة لام أكول للتحالف بتسليم أمره للحكومة و التحكم في قراراته، مبينًا أن النسب المخصصة للتحالف وفقًا لاتفاق قسمة السلطة غير كافية لجميع عضوية التحالف، لذلك يتوقع أن يتم تمثيل بقية المجموعات التي لم تحظى بأي مشاركة في مستويات الحكم الأخرى على مستوى الولايات و الجهاز التشريعي.
ستيفن لوال لـ"ألترا سودان": بالنسبة لنا في التحالف فإننا نرى أن النسب التي خصصتها الاتفاقية غير كافية لمشاركة جميع فصائل التحالف
واضاف لوال بالقول في تصريحات لـ"ألترا سودان": "بالنسبة لنا في التحالف فإننا نرى أن النسب التي خصصتها الاتفاقية غير كافية لمشاركة جميع فصائل التحالف، لذلك فإن بعض الجماعات ستشارك على مستوى السلطة الولائية والتشريعية".
وأشار لوال إلى أن حركة أكول ارتكبت العديد من التجاوزات التي من بينها اتهامها للتحالف بالتبعية للحكومة تارة، والحديث عن أن التحالف غير موجود على الأرض تارة أخرى، مبينًا بأن المجلس القيادي للتحالف هو الذي اعتمد ترشيح وزير التعليم العالى السابق ديناي شاغور لتولي منصب حاكم جونقلي، بهدف تحقيق السلام والاستقرار بحسب قوله.
وكان الدكتور لام أكول أجاوين رئيس الحركة الوطنية الديمقراطية المعارضة بجنوب السودان، قد اتهم الحكومة في تصريحات إعلامية قبل أسبوع، بمحاولة إقصاء حزبه من المشاركة في الحكومة الانتقالية على الرغم من قيامهم بترشيح كادر من الحركة لشغل منصب حاكم ولاية جونقلي، بعد أن فشل التحالف في التوافق على مرشح واحد، وإصرار بعض مجموعاته على ترشيح وزير التعليم العالي الحالي للمنصب لإقصاء مرشحهم.
اقرأ/ي أيضًا: التربية والتعليم تعلن موعد امتحانات الشهادة بعد التشاور مع الخارجية والأرصاد
بالنسبة لطبيعة الصراع داخل تحالف سوا بين مختلف مجموعاته، يقول الكاتب والمحلل السياسي سايمون دينق، إن تلك الاتهامات المتبادلة بين مكونات التحالف هي نتاج للخلافات التي يعيشها، موضحًا بأن مجموعة أكول أصبحت تعاني بسبب فقدانها لعمودها الفقري بيتر غديت.
سايمون دينق :هذه الاتهامات المتبادلة داخل تحالف سوا هي نتاج لطبيعة لطبيعة الخلافات حول المقاعد، فمجموعة لام أكول فقدت عمودها الفقري في الواقع منذ رحيل بيتر غديت
وأضاف بقوله لـ"ألترا سودان": "هذه الاتهامات المتبادلة داخل تحالف سوا هي نتاج لطبيعة الخلافات حول المقاعد، فمجموعة لام أكول فقدت عمودها الفقري في الواقع منذ رحيل بيتر غديت الذي كان يرجح الكفة لصالح المجموعة حال وقوع أي خلافات، فالتحالف أصبح شيء من الماضي منذ أن رهن أمره للخصم ليكون هو الحكم في خلافاته الداخلية، والبعد الآخر في هذا الارتهان يكشف أن الكثير من من قيادات هذا التحالف كانوا "هواة" سلطة لا شأن لهم بالمواقف السياسية الثابتة التي تتمسك بها مجموعة أكول، ومن هذا المنظور يمكن القول إن التحالف ارتمى في حضن الحكومة فعليًا".
وتوقع دينق أن تعلن مجموعة أكول عن خروجها من التحالف في مقبل الأيام كنتيجة حتمية لتلك الخلافات والإقصاءات، موضحًا بأن أكول كان قد أثار في الأيام الماضية عددًا من النقاط الهامة حول مرشح الطرف الآخر "ديناي شاغور" من بينها عدم أهليته بسبب عمره، ولم يهتم أحد بالنقاط التي أثارها.
اقرأ/ي أيضًا
وزير الطاقة السابق لـ"ألترا سودان": أزمة باخرة الوقود كبيرة وسأتحدث قريبًا