04-أكتوبر-2021

(YASUYOSHI CHIBA/AFP)

أي ألم ذاك الذي لا يُعرف مداه؛ يؤانس أبطال ثورة ديسمبر وحشتهم جراء الإصابات البالغة التي تعرضوا لها بالصبر وما تبقى من أمل، معظمهم يحملون بين أجسادهم رصاصات تنخر قواهم كل يوم، تؤلمهم كل حين، يرجون إيفاء الحكومة التنفيذية لتوفير العلاج لهم بجانب العيش الكريم.

قرر مصابو الثورة الاعتصام أمام مجلس الوزراء عقب معاناة مستمر ووعود حكومية لا يُوفى بها

عبدالشافي شاب ثلاثيني يحمل في إحدى يديه عصا يتوكأ عليها وبمعيته قسطرة بولية  تلازمه منذ حوالي الثلاث سنوات، جراء الإهمال أصيب بالفشل الكلوي وتمدد المرض إلى أن وصل الكبد، يأمل أن تفي الحكومة بوعدها لتوفير العلاج له بالخارج ليعود مرة أخرى لاحتضان أطفاله الأربعة، هكذا تبدوا آمالهم بعد انتصار ثورة ديسمبر، إلا أنهم يكابدون المعاناة بصورة مستمرة ليعلنوا الاعتصام أمام مقر مجلس الوزراء دون العودة مرة أخرى لحلقة الوعود المفرغة.

قسطرة مستديمة

لثلاث سنوات على التوالي يحمل قسطرة (فولي) المعروفة بالقسطرة البولية، ينام ويصحى مرافقًا لها، ويعاني كل يوم من شدة الآلام حتى أضحى يتمدد المرض بداخله ليصاب بالفشل الكلوي والتهاب الكبد.

اقرأ/ي أيضًا: مصابو الثورة.. التضحية مستمرة

تعود معاناته لإصابته برصاصتين في شهر آيار/ مايو 2019، عندما نفذت قوة نظامية هجومًا على المعتصمين في محيط القيادة العامة بما يعرف بحادثة الثامن من رمضان بشارع الجمهورية، عبدالشافي آدم، شاب ثلاثيني متزوج ولديه أربعة أطفال يعيش في حالة ألم مستديم جراء الإهمال وبطء الحكومة في معالجة ضحايا ثورة ديسمبر، بجانب ظروف إنسانية بالغة التعقيد.

يقول آدم لـ"الترا سودان"، عقب تعرضي للإصابة المباشرة فقدت الوعي تمامًا وظللت في حالة غيبوبة تامة حتى 29 تموز/ يوليو 2020م، ليعود للوعي مرة أخرى إلا أن معاناته ما تزال مستمرة.

يشير إلى أن الرصاصات أدت لإصابة مجرى المسالك البولية لتلازمه القسطرة منذ إصابته لعدم مقدرته على التبول بدونها، قبل أن يتطور الأمر مع مرور الوقت والإهمال للإصابة بالفشل الكلوي والتهاب الكبد، ويضيف بالقول: "يعدوننا كل مرة دون الإيفاء بالوعد؛ يشكون تارة من وجود مشاكل في السفارات بالخارج ولكننا لا نعرف أين الحقيقة".

رصاصة تنخر في الجسد

في الثالث والعشرين من كانون الأول/ديسمبر 2018م مع بداية الثورة  إبان مشاركته في موكب الكلاكلة؛ استقرت رصاصة في أعلى صدر بابكر أحمد حسن دون استخراجها حتى الآن، ليصبح أحد الضحايا، فيما استقرت أخرى أعلى ذراعه لتتسبب في  قطع العصب.

يقول حسن إنه أجرى عدة عمليات جراحية إلا أنها لم تنجح في تضميد جراحه، ويضيف بالقول: "أصدر الطبيب المعالج في شهر آذار/مارس من العام الماضي تقريرًا طبيًا بضرورة تلقي العلاج بالخارج. ظللت أواجه مماطلة من قبل المسؤولين دون توفير العلاج بالخارج حتى تضرر عصب اليد وفي كل يوم تشهد حالتي الصحية تدهورًا جديدًا".

ويؤكد حسن على أن مطالبهم تتمثل في توفير العلاج بجانب إيجاد سكن للمتضررين الذين أصيبوا بالشلل، مع تأمين الحياة الكريمة لهم. مشيرًا إلى أن بروتوكول العلاج بمصر كان الأسوأ لجهة أن المرضى فوجئوا بوضع متدهور في المستشفيات، وأضاف: "بعض المصابين ذهبوا لمصر لكنهم لم  يجدوا رعاية طبيبة بمستوى جيد، ليعودوا مرة أخرى دون أن يتلقوا أي علاج".

ويمضي بابكر حسن بالقول: "أقيم في عمارة عبارة عن هيكل في حي العمارات تم توفيرها بواسطة المنظمة بعد سقوط منزلي. ولا تتوفر فيها أدنى المقومات. لدي تسعة أطفال حتى الآن لم توفق أوضاعهم للذهاب للمدارس وأنا لا أستطيع القيام بأي عمل".

قلق على البصر

عبدالرحمن خميس عبدالرحمن (أبرا)، أحد مصابي ثورة ديسمبر، تعود قصته إلى اعتقاله في الحادي والثلاثين من كانون الثاني/ يناير من العام 2019م، بواسطة  قوة نظامية في حي العباسية بأم درمان قبل أن يتم الاعتداء عليه من قبل القوة بأعقاب البنادق لتصاب عينه اليمنى بنزيف حاد ما  اضطرهم للتخلص منه ومعه ثلاثة آخرين في الشوارع العامة.

وظل خميس يعاني بصورة مستمرة من ضعف في البصر ونزول الدموع حال تعرضه للأجواء الباردة، أجرى عمليتين داخل البلاد إلا أن الحال لم يتغير ليبقى على ما هو عليه؛ يخشى فقدان بصره ليوقف أي محاولة علاجية أخرى بالداخل. قال لـ"الترا سودان": قرر الطبيب المعالج تحويلي لتلقي العلاج بالخارج، وتلقيت وعودًا كثيرة إلا أنها لا تجد التنفيذ، ويردد بالقول :"الحكومة ما شغالة بينا ولا شغالين بمصاب واحد".

لدى عبدالرحمن خميس أطفال يعيلهم من خلال  عمله كفني تكييف وتبريد، اضطر لإيقاف عمله لعدم مقدرته على التحمل، يضيف بالقول: "أسعى للمحافظة على ما تبقى لدي من بصر حتى لا أفقده بالكامل".

بطء وتأخير

خالد حسن تعود قصة إصابته لمليونية 30 من حزيران/ يونيو في أم درمان قبالة كوبري النيل الأبيض، بالقرب من مقر البرلمان، أثناء محاولتهم اقتحام الكوبري، حيث أمطرتهم القوات النظامية التي كانت ترابط هناك بوابل من الرصاص لينتج عن ذلك إصابته  في الركبة أدت لتهشيم الأربطة والأعصاب بجانب إصابة أخرى في اليد اليمنى.

اقرأ/ي أيضًا: نيابة شهداء الثورة توقف 10 متهمين في قضية الشهيد الفاتح النمير

حُددت لحسن عملية إلا أنه ظل على حالته ينتظر وعد مجلس الوزراء دون الإيفاء به، مؤكدًا مواجهتهم لمعاكسات متعددة وتأخير متعمد في المؤسسات الحكومية.

تعرضت وقفات المصابين للفض بالقوة قبيل عيد الأضحى

يشير خالد حسن إلى تعرض وقفاتهم للفض بالقوة قبيل عيد الأضحى من قبل قوة نظامية مستخدمة الغاز المسيل للدموع عند احتجاجهم السابق، منبهًا إلى أنهم حضروا هذه المرة من أجل الاعتصام أمام مجلس الوزراء وعدم العودة مرة أخرى لانتظار الوعود التي سئموها، منبهًا إلى أن  عدد المصابين الذين تم احصائهم حتى الآن يبلغ (450) مصابًا.

وقطع بأنهم لا يستطيعون الاستفادة من بطاقات "وفاء" التي تم منحها لهم بواسطة رئيس الوزراء، وذلك بسبب الصعوبات التي يواجهونها من بطء وتأخير  في تقديم الخدمة، ومضى بالقول: "نشعر بأن ما يحدث لنا ما هو إلا تخدير ليس أكثر".

مؤكدًا على أن مطالبهم تتمثل في توفير العلاج بالداخل والخارج بأسرع ما يمكن، مع تقديم خدمات تناسب التضحيات التي قدمت من قبل الضحايا مع توفيق أوضاع المصابين وتوفير الحياة الكريمة لهم.

اقرأ/ي أيضًا

أسر شهداء الثورة لـ"الترا سودان": الشارع لن يسمح بحدوث انقلاب

مُطالبات عُمالية باسترداد مستشفى الصحة والسلامة المهنية