18-يناير-2021

(مواقع التواصل)

الصدفة وحدها هي ما قاد المزارع "حسن معاوية" إلى بيع الطماطم الذي انتجه في مزرعته بضاحية سوبا شرق الخرطوم، لبيعه للمستهلكين مباشرة بشارع الستين في الخرطوم، فالعملية التي غامر من خلالها هذا المزارع كفيلة ببيع الكيلو بسعر (73) جنيهًا منخفضًا عن الأسواق بنسبة (50)% التي يحتكرها السماسرة.

توجه معاوية خليل بإنتاجه من الطماطم إلى شارع الستين بالخرطوم، وهناك بدأ في البيع المباشر للجمهور

وقبل أيام قليلة، اتجه معاوية خليل وهو مزارع في مشروع سوبا الزراعي شرق العاصمة، بشحنة الطماطم إلى السوق المركزي الخرطوم بحري، ونتيجة لتأخر شحنته؛ أبلغه السماسرة أن الشحنة لن تُباع، وعليه أن يتخلص منها بسعر زهيد.

اقرأ/ي أيضًا: انهيار وحدة في محطة قرِّي للكهرباء يؤدي إلى خروج 30 ميغاواط من الشبكة

ويقول حسن معاوية لـ"الترا سودان": "رفضت عرض السماسرة، وقلت لنفسي طالما أنني سأخسر جزءًا من قيمة الشحنة؛ يجب أن أجرب طريقة جديدة بالبيع المباشرة للمستهلكين".

توجه معاوية خليل بشحنة الطماطم إلى شارع الستين بالخرطوم، وهناك توقف في ساحة وبدأ في البيع المباشر للجمهور، وخلال ساعات قليلة نفذت الشحنة.

واستحسن المزارع هذه التجربة، وقرر تنفيذها كل مرة ولا يزال مستمرًا في عرض الطماطم بهذه الطريقة الجديدة، وينوي إقناع المزارعين بمشاركته التجربة.

ويبيع هذا المزارع في تجربته الجديدة في التسويق المباشر "قفصًا بلاستيكيًا" من الطماطم بسعر (950) جنيهًا، وتحتوي على (10) كيلوجرامات من الطماطم، ويبلغ سعر الكيلوجرام (73) جنيهًا، أما في الأسواق فيباع الكيلوجرام الواحد بسعر (150) جنيهًا، ويرتفع السعر عندما يحكم السماسرة سيطرتهم على الأسواق وتحدث مضاربات تجفف الأسواق من المحاصيل.

ويشير "الترا سودان"، إلى أن الخضروات والفواكه تُباع إلى المستهلكين عبر سلسلة من الصفقات التجارية التقليدية "السمسرة" في الأسواق الرئيسية، حيث يتم استقبال الشحنات بواسطة سماسرة رئيسيين ومن ثم تباع الشحنات إلى سماسرة آخرين ومن هناك يشتريها تجار الخضروات في الأحياء، هذه السلسلة تضع أسعار مضاعفة في ظل انعدام الرقابة الحكومية، وفقًا لإفادات مستهلكين.

ويعتقد المزارع حسن معاوية الذي اتجه إلى الزراعة منذ سنوات، أن الخضروات والفواكه من الأفضل أن تُباع بشكل مباشر من المنتجين إلى المستهلكين لأن الوسطاء يلعبون دورًا كبيرًا في زيادة الأسعار، بجانب الاحتكار والمضاربة كما يحدث للطماطم في فصل الصيف وشهر رمضان.

وهناك مشاكل تواجه المنتجين مثل شح الوقود إلى جانب عدم صيانة محطات المياه التي تغذي المشاريع الزراعية بالمياه، وبحسب معاوية فإن "طلمبات مشروع سوبا الزراعي" جعلته يواجه صعوبات جمة أثناء الموسم الزراعي.

وأضاف: "قمت بري الطماطم من إحدى البيارات لأن وزارة الزراعة بولاية الخرطوم لم تقم بصيانة "الطلمبات" في مشروع سوبا الزراعي".

وأردف معاوية قائلًا: "إذا تم تذليل الصعوبات يمكن للمزارعين تقديم إنتاج وفير والمساعدة في خفض تكاليف المعيشة بشكل كبير جدًا، لأن انتاج الغذاء عامل رئيسي في كبح التضخم".

فيما يرى الخبير في حركة الجمعيات التعاونية، الطاهر بدرالدين، في حديث لـ"الترا سودان"، أن المبادرة التي قام بها المزارع معاوية خليل نتيجة غياب الجمعيات التعاونية التي تقدم خدمات التخزين والنقل والتسويق، إذا ما "بشرت بها" الحكومة وأصدرت تشريعات لحمايتها ومنح الحركات التعاونية إعفاءات ضريبية وجمركية للمدخلات.

اقرأ/ي أيضًا: الشرطة تفرق مواكب تطالب بالعدالة للشهداء بالغاز المسيل للدموع

ويشير بدرالدين إلى أن الدول في أوروبا قام فيها النشاط الزراعي الإنتاجي على عاتق الحركات التعاونية، والتي تؤسس للعمل الجماعي وتحمي المنتجين من تقلبات الأسواق، موضحًا أن المشروع الجديد لقانون التعاونيات جيد ويؤسس لحركة تعاونية شعبية، لكن هناك غياب للدولة.

خبير: التعاونيات الزراعية قادرة على هزيمة الأزمة الاقتصادية 

ويرى الطاهر بدر الدين أن حماية الحركة التعاونية وتشجيع المنتجين على تسويق المحاصيل والمنتجات الزراعية تمنح الأسواق الوفرة في الغذاء، وبالتالي على الحكومة أن تتخلى عن الضرائب والرسوم، لأن أي جهة تقوم بتوفير الغذاء تعتبر مساهمة رئيسية في كبح التضخم.

وتابع بدرالدين: "لا يمكن بناء الموازنة العامة على الرسوم الباهظة وزيادة أسعار السلع الأساسية، إذا توفر الغذاء يمكن أن يشكل أرضية للتصدير والحصول على عملات صعبة، أي أن الموازنة تبنى على دعم وتشجيع الإنتاج وتذليل صعوباته من شح الوقود ومدخلاته".

اقرأ/ي أيضًا

 استمرار الهجمات المسلحة في الجنينة وسقوط "دانة" في مكتب حكومي

إطلاق سراح عدد من معتقلي مجلس الصحوة الثوري