صباح أمس الإثنين، أعلنت الوساطة الجنوب سودانية، بأنه في نهار الثلاثاء 14 تموز/يوليو، سيتم التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق بين الحكومة السودانية وحركات الكفاح المسلح. لكن وعلى نحوٍ مفاجيء تأجل التوقيع، وسيكون لأجلٍ غير مسمى، بحسب ما قاله ضيو مطوك، عضو لجنة الوساطة. وقبل ذلك تم الإعلان أن التوقيع سيكون في العشرين من حزيران/يونيو، ونحن الآن في أواسط تموز/يوليو، ولم يتم التوقيع، فلماذا تأخر التوقيع على اتفاق السلام حتى الآن؟
قال مقرر لجنة الوساطة الجنوب سودانية، بأن التوقيع في مسار الجبهة الثورية، سيكون قريبًا بالعاصمة الجنوب سودانية "جوبا"، مؤكدًا بأنهم على مرمى حجر من السلام
واليوم الثلاثاء، قال مقرر لجنة الوساطة الجنوب سودانية ضيو مطوك، بأن التوقيع في مسار الجبهة الثورية، سيكون قريبًا بالعاصمة الجنوب سودانية "جوبا"، مؤكدًا بأنهم على مرمى حجر من السلام، فقط تبقت بعض الإجراءات التي لم يكشف عنها. مبديًا سعادته بالاتفاق على ملفات كثيرة، ولم يتبق إلا ملف الترتيبات الأمنية وبعض القضايا العالقة. فيما رجحت مصادر بأن يكون سبب التأجيل هو عدم الاتفاق على القضايا القومية بين الحكومة والجبهة الثورية، هذا بجانب الترتيبات الأمنية.
اقرأ/ي أيضًا: هل تصمد الحكومة أمام هجوم السلفيين على التعديلات القانونية؟
وكان قبل أيام قد تم الإعلان عن التوصل لاتفاقٍ بشأن القضايا السياسية الخاصة بمسار دارفور، حيث تم الاتفاق على منح الحركات المكونة لمسار دارفور في منبر جوبا (40) % بشأن قسمة السلطة في حكم الإقليم، على أن تتم عبر لجنة مشتركة، و (20) % لأهل المصلحة، و نسبة (40) % لمكونات الحكومة الانتقالية. كما أكد الاتفاق على مبلغ (750) مليون دولار سنويًا لمدة عشر سنوات، مع ضمانٍ سيادي، بجانب الموافقة على المشروع الاستثماري الذي تقدم به المسار، على أن يكون تحت إدارة الصندوق، وإشراف مشتركٍ بين المركز وإقليم دارفور.
ومنذ أكثر من أسبوعين، كانت قد بدأت مفاوضات مباشرةٍ في الخرطوم، بين الحكومة ووفد الجبهة الثورية، بغرض تسريع الوصول إلى اتفاقاتٍ على القضايا التي لم يصلوا فيها لاتفاقٍ، أبرزها ملف الترتيبات الأمنية. والتقى وفد الجبهة الثورية، بمعية وفد الوساطة الجنوب سودانية، بالعديد من القيادات في الحكومة السودانية، أبرزهم: رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، ونائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو. ورئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك.
اقرأ/ي أيضًا: تواريخ الردة في السودان
الآن، تطالب الجبهة الثورية، عبر وفدها الذي قدم إلى الخرطوم من قبل ما يقارب الأسبوعين، وما يزال فيها حتى الآن، بتمثيلٍ في البرلمان الانتقالي. حيث كانت المطالبة في البدء بـ(140) مقعدًا، وتراجعت وتمترست في (90) مقعدًا، فيما طرح لهم الوفد الحكومي المفاوض (50) مقعدًا.
شمس الدين ضو البيت: الجبهة الثورية تبرر بأن وزنها كبير، وهي تحالف لحركات كثيرة. بجانب كونهم يريدون أن يكون لهم نسبة تضمن الحفاظ على الوثيقة الدستورية
وبحسب شمس الدين ضو البيت، عضو الوفد الحكومي المفاوض، في إفادته لـ"ألترا سودان"، فإن الجبهة الثورية تبرر بأن وزنها كبير، وهي تحالف لحركات كثيرة. بجانب كونهم يريدون أن يكون لهم نسبة تضمن الحفاظ على الوثيقة الدستورية، وعدم تغييرها بالأغلبيات التي من الممكن أن تنشأ تحت قبة البرلمان.
ويضيف شمس الدين ضو البيت، بأن هناك عقدة أخرى تبقت، لكنها في طريقها إلى الحل، وهي تتعلق بالترتيبات الأمنية. وبالتحديد، فهي الفترة المطروحة للتفاوض بخصوص دمج القوات التابعة للحركات في القوات المسلحة السودانية، والتعويضات للجنود التابعين لحركات الكفاح المسلح، الذين قتلوا في فترة الحرب.
بجانب هذه القضايا التي كانت معلقة في التفاوض، فإن وفد الجبهة الثورية، حمل جملة من المقترحات قبل مجيئه إلى الخرطوم، عبر الوساطة الجنوب سودانية. أبرز هذه المطالب، هي: تمديد الفترة الانتقالية، واستثناء الجبهة الثورية للمشاركة في الانتخابات المقبلة على الرغم من مشاركتها في الفترة الانتقالية. وهو ما تم الاتفاق عليه.
كما يشير مراقبون كذلك إلى مطالبةٍ، ربما تعيق التوقيع على اتفاق السلام بالأحرف الأولى، وهي مطالبة الحركة الشعبية -جناح مالك عقار، بإعادة سمية الوضع الإداري باعتباره حكمًا ذاتيًا لمنطقة النيل الأزرق. في الوقت الذي يقول فيه الوفد الحكومي المفاوض، بأن تسمية الحكم الفيدرالي أشمل وأوسع.
لكن شمس الدين يعود، ليختم إفادته لـ "ألترا سودان"، بأن الروح بين الوفد الحكومي، ووفد الجبهة الثورية متفائلة جدًا بقرب التوصل إلى اتفاق عقب عودتهم إلى منبر التفاوض في جوبا، وبالتالي التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق السلام.
وعلق رئيس الوساطة الجنوب سودانية ضيو مطوك، بعد لقائه بعضو وفد مجلس السيادة الانتقالي صديق تاور بالخرطوم، بأن المحادثات تسير في الطريق الصحيح. وأن القضايا العالقة في المفاوضات، وجد معظمها الحل، وأنهم في الوساطة سيشرعون في وضع الترتيبات، فور عودتهم إلى جوبا، في وضع ترتيبات توقيع السلام بين الحكومة والجبهة الثورية.
لكن الباحث السياسي المهتم بقضايا السلام، والمدير السابق لمكتب رئيس الوزراء، عبد الله ديدان، له رأي مخالف لتفاؤل شمس الدين ضو البيت، إذ يعيد في حديثه لـ"ألترا سودان"، سبب عدم التوقيع بالأحرف الأولى للسلام، وتأخيره إلى الآن إلى سبب أساسي، وهو: أن ملف السلام هو بالأساس من اختصاص وصلاحيات الحكومة التنفيذية ورئيس الوزراء، وليس مجلس السيادة. ويضيف: السلطة التنفيذية والسياسية في يد رئيس الوزراء، وليس في مجلس السيادة التشريفي، وعليه لا أتوقع أن يصلوا إلى سلام، وإن وقعوا عليه، فمجلس السيادة ليس هو الجهة التي تنفذه.
اقرأ/ي أيضًا: جولة أفورقي الإقليمية: صراع الأصلع على "خُلال" غيره
من جانبه ينظر الصحفي المهتم بقضايا دارفور، عبد الرحمن العاجب، بأن السبب الأساسي المؤخر للوصول لسلام في الفترة الانتقالية، وبالتالي التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق قبل ذلك، هو ملف الترتيبات الأمنية. يعود العاجب في إفادته لـ"ألترا سودان"، للإشارة إلى ملفاتٍ أخرى بجانب الترتيبات الأمنية تمثل عقدًا في عملية السلام، وهي: ملف المشاركة في السلطة، والتمثيل العادل لمناطق حركات الكفاح المسلح فيها، بجانب التمثيل في الخدمة المدنية وغيرها. لكن يظل ملف الترتيبات الأمنية –بحسب العاجب- أكثر الملفات المؤخرة للوصول إلى توقيع بالأحرف الأولى على السلام.
العاجب: مجموعات داخل القوات النظامية، وداخل قوى إعلان الحرية والتغيير، تقف متمترسة لمسألة دمج قوات حركات الكفاح المسلح في القوات النظامية
ويبرر العاجب، صعوبة التفاوض في هذا الملف، لمجموعاتٍ داخل القوات النظامية، وداخل قوى إعلان الحرية والتغيير، تقف متمترسة لمسألة دمج قوات حركات الكفاح المسلح في القوات النظامية، بمبرر دفاعها "عن مصالح وامتيازات تاريخية". لكن العاجب يعود، ويلخص الحل للخروج من هذه العقدة، بأن ملف الترتيبات الأمنية "يحتاج حله إلى قرار سياسي شجاع، لا أكثر، وهو متوفرٌ في قيادات الحكومة الانتقالية، ومجلس السيادة الانتقالي".
اقرأ/ي أيضًا
أزمة جونقلي.. لجان رئاسية وحلول مؤقتة لا تحقق الاستقرار والسلام بين المجتمعات
جوبا.. ناشطات يناشدن كير بمراعاة تمثيل النساء في الحكومة الانتقالية