شهدت ولاية جنوب كردفان، سلسلة من المعارك بين الجيش السوداني وقوات الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، حيث تمكن الحلو من السيطرة على معسكرات عسكرية تابعة للجيش في الولاية، وحاصر مدينة كادقلي.
نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي، محمد بدر الدين لـ"الترا سودان" : لقاء كباشي بالحلو بداية للدعوة إلى الحوار مع الطرف الآخر ووقف الحرب
وحاول الجيش السوداني فك الحصار على المدينة، فيما تدخلت الإدارة الأهلية وشباب الولاية بمبادرات لوقف هذه التطورات، وبالفعل نجحت هذه المساعي في تخفيف حدة المعارك في المنطقة، مما يشير إلى وجود اتفاق غير معلن بين الجيش السوداني وقوات "الحلو".
وفي هذا السياق، يبرز سؤال حول إمكانية اعتبار لقاء كباشي بالحلو تأكيدًا على هذا الاتفاق؟ ويرى نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي، محمد بدر الدين، أن لقاء كباشي بالحلو يُحسب لخط وتوجه الفريق كباشي، وربما لمجموعة كبيرة داخل القوات المسلحة وبعض عقلاء النظام السابق، ويعتبره بداية للدعوة إلى الحوار مع الطرف الآخر ووقف الحرب.
يقول نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي، محمد بدر الدين لـ"الترا سودان" : لقاء كباشي بالحلو بداية للدعوة إلى الحوار مع الطرف الآخر ووقف الحرب، ويضيف بدر الدين في حديثه أن خط الفريق كباشي وتوجهه هذا بدأ عند خروجه من القيادة العامة وحديثه في وادي سيدنا ثم حديثه في بورتسودان، وتطور هذا الخط بما جرى في مباحاثات المنامة، ومن ثم حديثه الأخير في القضارف الذي رفض فيه تكوين أي مجموعة عسكرية "الاستنفار الشعبي" خارج إمرة القوات المسلحة، وأوضح خطورة ذلك على أمن البلاد اعتبارًا بالتجارب السابقة، والتي قادت إلى الحرب الحالية.
نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي يرى أن سيناريو المشهد الأخير في جوبا، يوضح أن الرجل لا يبدو أنه وحيد في هذا التوجه، مما يؤكد أن الفريق كباشي، بحكم ما يملك من كاريزما عسكرية داخل المؤسسة العسكرية، هناك من يتفق معه ويدعم مساره، وأنه الرجل الوحيد في دفة القيادة الذي يمكن اعتباره الابن الشرعي للحركة الإسلامية، لذلك فهو يملك رصيدًا معنويًا قويًا يدفعه أن يعلو برأيه وصوته فوق الجميع.
وبحسب بدر الدين، فإن هناك ظهور وسط قيادات المؤتمر الوطني في خط وتوجه مهادن ورافض للحرب، مما يقوي موقف الفريق كباشي فيما يقوم به الآن مع "الحلو"، ويضيف أن المشهد الأخير في جوبا انطلى بنزعة جهوية وقبلية بلقاء الحلو دون الآخرين، وفي هذا رسالة قوية للأصوات التي استعلت أخيرًا بالنقد والتجريح للفريق كباشي داخل السلطة، وقواعد المؤتمر الوطني الرافضة لوقف الحرب. ويعتبر بدر الدين ما يحدث بين الحلو وكباشي بداية لحل أزمة السودان، في حال خلصت النوايا وتم قبول الحوار وتوافق الرافضون لوقف الحرب.
تنسيق علني
أما نائب المدير العام لمركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية، الفاتح عثمان محجوب، فيقول إن هناك تنسيقًا عمليًا بين قوات الحلو والجيش السوداني للدفاع عن جبال النوبة في ولايتي جنوب وغرب كردفان، على مستوى القادة الميدانيين، لكن لم يكن هناك أي تنسيق على مستوى القيادة، واعتبر اللقاء أنه يمهد لتنسيق علني بين قوات الحلو والجيش السوداني. وأشار عثمان في حديثه مع "الترا سودان" إلى أن لقاء الفريق الكباشي بـ "الحلو" جاء في وقت حرج لشعب جبال النوبة، حيث يعاني مواطنو ولايات جنوب وغرب كردفان بسبب انقطاع الطرق بينهم وبين بقية ولايات السودان، وكذلك بينهم وبين دولة جنوب السودان، وأضاف أن الاتفاق جاء ليجنب تلك الولايات المجاعة، ويسمح بانسياب المساعدات الإنسانية، وكذلك القوافل التجارية من الجنوب ومن ولايات السودان الأخرى. واعتبر الاتفاق بمثابة إنقاذ لتلك الولايات في الوقت المناسب، أي قبل الخريف، إذ أنه يؤمن السلام المؤقت بين قوات الحلو والجيش السوداني، وبذلك يمكن للمواطنين الاستفادة من الخريف وزراعة المحاصيل المختلفة، وهو إجراء يضمن مستقبل الأمن الغذائي لولايتي جنوب وغرب كردفان، كما يضع الأساس لإبعاد قوات الدعم السريع عن تلك الولايات، بحكم تعهد الطرفان بضمان السلام فيها.
نوايا خفية
ويعتقد مدير معهد الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية بجامعة أم درمان الإسلامية، البروفيسور صلاح الدين الدومة، أن لقاء كباشي والحلو ليس بداية لانفراج الأزمة السودانية، وجلوس طرفين متنازعين لفترة طويلة للحوار يمكن أن يكون خطوة إيجابية نحو الانفراج، ويرسخ أدبيات جديدة في الخلافات السودانية، لكن الهدف من الاجتماع هو إيصال المساعدات للطرفين.
مدير معهد الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية بجامعة أم درمان الإسلامية، لـ"الترا سودان": لقاء كباشي بالحلو باطنه هو تحالف مخفي بين الحركة الشعبية قطاع الحلو والجيش السوداني ضد الدعم السريع.
ويقول الدومة في حديثه لـ "الترا سودان"، إن اللقاء جاء لتبييض وجه الجيش السوداني، والتأكيد بأنه لا يحرم المواطنين من الإغاثات القادمة من دول الخارج، معتبرًا ذلك بأنه ظاهر اللقاء، وأن باطنه هو تحالف خفي بين الحركة الشعبية قطاع الحلو والجيش السوداني ضد الدعم السريع بشكل من الأشكال، ويضيف أن ذلك قد بدأ منذ لقاء البرهان بالحلو والذي تم في وقت سابق، بحيث طلب منه البرهان التوسع في المناطق التي تحتلها قواته، لكي لا تسقط في يد الدعم السريع.
مخرجات الاجتماع
النائب الأول لرئيس حكومة دولة جنوب السودان، دكتور رياك مشار، التقى أمس الأحد بمقر إقامته في جوبا، بعضو مجلس السيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي.
ووفقًا لوكالة سونا للأنباء، ناقش اللقاء المبادرات الإقليمية وملفات دول الجوار والاتحاد الإفريقي والإيقاد، حيث أكد كباشي على وقوف السودان مع استقرار الأوضاع في دولة جنوب السودان لما لها من انعكاسات على الاستقرار في السودان والإقليم. وعبر مشار عن تضامنه مع حكومة السودان والشعب السوداني في الحرب المستعرة، مؤكدًا على حرص الحكومة على إحلال السلام في البلاد. كما أطلع كباشي على موقف تنفيذ اتفاقية سلام جنوب السودان المنشطة، باعتبار أن السودان ضامنًا لهذه الاتفاقية. وخلال اللقاء، قدم كباشي تنويرًا للنائب الأول لرئيس دولة جنوب السودان، عن الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية في السودان. وعبّر عن شكر وتقدير حكومة السودان لحكومة جنوب السودان على المعاملة الطيبة للمواطنين السودانيين الذين لجأوا إلى دولة جنوب السودان بسبب الحرب.