23-أكتوبر-2022
يعمل مئات الآلاف في التعدين التقليدي في السودان

يعمل مئات الآلاف من المواطنين في التعدين التقليدي بمناطق الذهب شمال السودان (Getty)

مع احتمالات مرتفعة بتلوث المياه الجوفية وتقلص الزراعة وتشوه الأجنة ونفوق الماشية بسبب أنشطة التعدين لشركات أجنبية ووطنية، أصبح سكان منطقة الفداء الواقعة شمال السودان مدركين أن "لعنة الذهب تلاحقهم".

كان الطريق الذي يربط بين الوحدة الإدارية لمنطقة الفداء ومدينة أبوحمد شاسعًا، وكان السكان يزرعون على جروف النيل، لكن اليوم سيطرت الأسواق ومطحنات الصخور ومواد التنقيب على تخوم هذه البلدة.

تظاهر اليوم سكان منطقة الفداء بمحلية أبوحمد ضد شركات التعدين

وبشكل مفاجئ تظاهر اليوم سكان منطقة الفداء بمحلية أبوحمد ضد شركات التعدين، وأغلقوا إمدادات المياه التي تغذي مصانع شركات التعدين، كما أغلق المحتجون الوحدة الإدارية لمنطقة الفداء التابعة لمحلية أبوحمد، وجرى إخلاؤها من الموظفين.

تغييرات جذرية 

وتعثر اجتماع بين والي نهر النيل ولجنة المتضررين في الوصول إلى الاتفاق، وتتهم اللجنة الوالي بعدم الإهتمام بالجوانب البيئية.

وإلى جانب الوحدة الإدارية لمنطقة الفداء، أغلق المحتجون محلية أبوحمد الواقعة وسط المدينة، وأمهلوا حكومة ولاية نهر النيل يومين للاستجابة للمطالب. كما نفذ الأهالي اعتصامًا أمام مدخل سوق الطواحين.

ويقول الناشط في قضايا منطقة أبوحمد حمد يس، في حديث لـ"الترا سودان"، إن البلدة الواسعة شمال مدينة أبوحمد تشكلت نتيجة بناء سد مروي وتهجير السكان إليها، ولكنهم في السنوات الأخيرة عانوا من تعدين الذهب لأن المعايير المتخذة غير مطابقة للمواصفات البيئية، ولاحظ السكان تشوه الأجنة ونفوق الماشية وتغير لون التربة.

https://t.me/ultrasudan

التغييرات الجذرية التي لاحظها السكان المحليون في منطقة الفداء على التربة وتشوه الأجنة ونفوق الماشية والطيور، أدت إلى زيادة السخط الشعبي. ورفعت اللجنة التي تقود الحراك مطلبًا بـ"رحيل شركات التعدين".

ويصدر السودان غالبية إنتاجه من الذهب -أي حوالي (50) طنًا سنويًا- لتغطية العجز في الموازنة السنوية بسبب الأزمة الاقتصادية وشح النقد الأجنبي، حيث تحاول السلطة الحاكمة تغطية نفقات استيراد الوقود والدقيق من إيرادات الذهب.

تغلغل الشركات 

وجراء تغلغل شركات التعدين إلى جانب التعدين الأهلي لعشرات الآلاف من الأشخاص، تقلصت المساحات الزراعية المعروفة لمحلية أبوحمد شمال السودان. ويقول حامد العرابي لـ"الترا سودان"، إن هناك سباق عنيف للاستحواذ على الذهب الموجود في باطن الأرض في هذه المنطقة، دون مراعاة البيئة والسكان.

ويضيف هذا الناشط: "توجد في المنطقة مميزات غير مستغلة في مجال الاستثمار الزراعي، بسبب تركيز الحكومة على الذهب وجني المال سريعًا لتمويل الخزانة المركزية".

ناشط محلي: التكاليف والمصروفات على استصلاح الأراضي ومصادر المياه التي دمرتها عمليات التعدين قد تصل إلى ملايين الدولارات

وبينما يتدفق المال المكتسب من الذهب إلى شركات التعدين والشركة السودانية للموارد المعدنية وصعود سريع لثراء تجار الذهب؛ يخسر السكان في نهر النيل آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية في ظل تلوث محتمل للمياه الجوفية العذبة.

ويرى حامد عرابي أن التكاليف والمصروفات على استصلاح الأراضي ومصادر المياه التي دمرتها عمليات التعدين، قد تصل إلى ملايين الدولارات إذا ما قرر السودان مراجعة هذا النشاط يومًا ما.