بتاريخ 28 نيسان/أبريل الماضي أجاز مجلس الوزراء اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" مع التحفظ على ثلاث مواد.
ومن المقرر أن يشرع السودان في معالجة أشكال العنف ضد النسا، قبيل المصادقة النهائية على الاتفاقية، ومراجعة مواطن الخلل بالمؤسسات الحكومية.
وبحسب البند (12) من الاتفاقية الفقرة (1) تنص على أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية، من أجل أن تضمن لها أساس تساوي الرجل والمرأة في الحصول على الخدمات الصحية. بما في ذلك الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة".
كيف تعامل مؤسسات الرعاية الصحية بالسودان المرأة؟
فكيف تعامل مؤسسات الرعاية الصحية بالسودان المرأة؟ يجيب التقرير التالي على السؤال، ويكشف اشكالًا من العنف تتعرض له النساء بدور الرعاية الصحية، ويسلط الضوء على مواطن نقص الخدمات الصحية. ليضع بين أيدي المسؤولين حقائق تأتي على لسان ناشطات نسويات، بهدف معالجة المشكلة وتدارك مواطن الضرر والنقص.
أعمال عنف بالمؤسسات الصحية
وبحسب ما ورد بالبند (12) فإن الرعاية والصحة الإنجابية تأتي في أولويات حقوق المرأة. فما هي الشروط والمستلزمات الواجب توفرها بمؤسسات الرعاية الصحية، وتغيب بالسودان؟
اقرأ/ي أيضًا: اعتبره البعض تجاوزًا دستوريًا.. لماذا تُرفض ضمانة المرأة لدى الأجهزة الشُرطية؟
تكشف الناشطة النسوية هند جمعة، غياب وحدات المعالجة النفسية بمستشفيات النساء والولادة. وتقول لـ"الترا سودان"، إن كثيرًا من النساء يصبن بما يعرف باكتئاب ما بعد الولادة، ونسبةً لغياب المعالج النفسي فلا يلاحظ أطباء النساء أعراض المرض بوقتٍ مبكر والبدء بتقديم الرعاية الصحية المطلوبة.
وبحسب هند جمعة، فإن ظهور الأعراض لاحقًا على المرأة، تتعامل معه العائلة كـ"مس شيطاني"، مما يجعلها عرضة لتلقي أنواع أخرى من العلاج عند المعالجين التقليديين أو ما يعرف دارجيًا بـ"الشيوخ".
وتوضح الناشطة النسوية هند، أن كثيرًا من النساء يتعرضن للعنف أثناء الولادة. وبحسب ما تقول، فإن العنف يأتي من طاقم العمل الطبي، ويتراوح من الإساءة اللفظية على شاكلة وصف نوبات الألم بـ"الدلع"، إلى الضرب والاعتداء الجسدي.
وترى هند، إن العنف الممارس بالمؤسسات الصحية غير مُعرف بالمجتمع، وغالبًا ما يستصغر المجتمع القضية بوصف المرأة بالخوف من عملية الولادة. مع غياب ثقافة تقديم شكوى بحق المؤسسات، وغالبًا لا تضع المؤسسات قوانين صارمة للتعامل مع حالات العنف ضد النساء.
قضية الفوط الصحية
مؤخرًا حررت الحكومة الانتقالية سلعًا مختلفة، فيما يعرف بإلغاء سعر الدولار الجمركي. ومن ضمن السلع "الفوط الصحية"، فكيف تنظر مؤسسة مبادرة "عشانك" نضال أحمد للقضية، عقب إجازة السودان لاتفاقية "سيداو"؟
تضع الناشطة نضال أحمد الفوط الصحية بمنزلة الأكل والشرب من حيث الأهمية للنساء. وأبدت أسفها لغياب السؤال عنها عند رصد احتياجات النساء في مناطق الشدة. وتشير إلى تجربة مبادرة "نفير" حيث امتد عملها لمدة سبع سنوات بأزمنة الخريف، حيث غاب عن منظمي العمل رصد الفوط الصحية كحاجة أساسية للنساء.
اقرأ/ي أيضًا: نحب النساء نكره النسوية.. لماذا؟
وترى نضال، إن استخدام الأقمشة يفتح بابًا جديدًا من المشاكل الصحية. وقالت عقب رفع الحكومة الدعم عن الفوط الصحية، وقع على المرأة عبء اقتصادي جديد يرفع قيمتها بنسبة (100)%، ودعت نضال أحمد الجهات الحكومية للنظر إلى القضية كاحتياج أساسي، بعيدًا عن الرفاهية أو الكمال.
المرأة.. وحق إقرار العمليات الجراحية
وتنص الفقرة (2) من البند (12) "بالرغم من أحكام الفقرة (1) من هذه المادة، تكفل الدول الأطراف للمرأة الخدمات المناسبة فيما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة. وكذلك التغذية الكافية أثناء الحمل والرضاعة".
هند جمعة: من حقوق المرأة الصحية الغائبة بالسودان "حق الإقرار الجراحي"
وتعود الناشطة النسوية هند جمعة لتشرح قائلة، يجب على مراكز الرعاية الصحية تقديم الخدمات مجانًا قبل وبعد الولادة، وتتحمل الدولة مسؤولية عقم المرأة وتوفير العلاج مجانًا.
وبموجب الفقرة (2) تقول هند جمعة، إن من حقوق المرأة الصحية الغائبة بالسودان "حق الإقرار الجراحي". وتضيف: "في السودان يعطى لولي أمر المرأة حق الإقرار لعمليات تكون في الثدي، على سبيل المثال. ولا يحق للمرأة المطالبة بأدوات التنظيم إلا بعد موافقة الزوج". وتوضح قائلة إن قرارات الإنجاب "العملية القيصرية" وإزالة الرحم يكون الإمضاء من حق الزوج أو الأب.
وطالبت هند بتوفير المراكز الصحية وتدريب القابلات بجميع أرجاء البلاد. وقالت إن مقابل كل (1000) امرأة في سن الإنجاب بمنطقة جغرافية ما، يجب أن يتوفر مركز صحي، ومقابل (10) نساء قابلة قانونية واحدة.
أزمة نصوص قانونية
في سياق متصل، لا تتفق جميع آراء وتوجهات المجموعات النسوية مع اتفاقية "سيداو"، وطرحت المحررة النقاط المشار إليها بالتقرير، على الناشطة الإسلامية تسابيح آدم، وأوضحت إنها حقوق لا خلاف عليها. لكن تساءلت هل يعارض الدين الإسلامي هذه الحقوق؟ وبحسب تسابيح عندما تكون الإجابة بـ"لا" فإن الحل يكمن في الضغط لمعالجة القانون بحيث يضمن حقوق كاملةً للنساء، واختصرت المشكلة بوجود "أزمة نصوص قانونية".
وبالعودة إلى اتفاقية سيداو، تطرح تسابيح آدم عدة أسئلة بقولها، لبناء نقاش علينا طرح الأسئلة فهل تعالج سيداو مشكلة المرأة في السودان؟ وهل توجد أزمة نصوص قانونية مما يدفعنا للتحكيم لتشريعات سيداو؟
اقرأ/ي أيضًا: ساحة "أتني".. هل تُخمد مشاعل "المقاومة الثقافية" بأمر المُلاك؟
وترفض الناشطة النسوية تسابيح الطريقة التي أجيزت بها الاتفاقية وأن تكون ورقة ربح سياسي، وقالت إن إجازة اتفاقية مثل سيداو كان يتطلب الجلوس وفتح أبواب الحوار مع جميع التوجهات والمجموعات النسوية السودانية. وتضيف بالقول، إن ثمة بنود بالاتفاقية تتعارض مع الدين الإسلامي ومتأخرة عليه، وبنود أخرى فضفاضة تسمح بإخضاع دول، الأمر الذي دفع عدة بلدان للتحفظ على بعض البنود.
من المتوقع أن تحضر للسودان بالأشهر القليلة القادمة "لجنة تسيير اتفاقية سيداو" لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية
وأشارت تسابيح آدم للمادة الأولى المتعلقة بالتعريفات والتدابير، وتقول عنها إنها "قطب الرحى" الذي تدور حوله الاتفاقية من حيث الدعوة للمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، وتقول إن الدين الإسلامي يضمن المساواة العادلة بين الذكر والأنثى.
وأجاز مجلس الوزراء اتفاقية "سيداو"، ولا تزال الاتفاقية مثار جدل بين مكونات المجتمع المختلفة، بين مؤيدٍ ورافض. ومن المتوقع حسب مراقبين أن تحضر للسودان بالأشهر القليلة القادمة، "لجنة تسيير اتفاقية سيداو" لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاقية بالمؤسسات الحكومية.
اقرأ/ي أيضًا
إغلاق عنابر تنويم "مستشفى الذرّة" بالخرطوم يضاعف الطلب في القطاع الخاص
أقسام الطوارئ بالمستشفيات الحكومية.. انهيار كامل ومشكلات متراكمة