قبل أيام، صدم المتابعون على وسائل التواصل الاجتماعي؛ بتسجيلات صوتية مسربة يزعم ناشروها أنها لأحداث تعذيب وتصفية لأحد كوادر حركة جيش تحرير السودان جناح عبدالواحد نور، من قبل رفاقه في الحركة.
انتشرت تسجيلات مسربة زعم ناشروها أنها لأحداث تعذيب وتصفية كادر من كوادر الحركة
وزعم الناشرون أن الشخص الذي يتعرض للتعذيب في التسجيلات المسربة هو فيصل آدم علي، أحد كوادر حركة جيش تحرير السودان، درس بجامعة الخرطوم ونشط في الذراع الطلابي للحركة، بالإضافة لرابطة أبناء دارفور بالجامعات والمعاهد العليا، ثم التحق بجيش الحركة وتدرج فيها حتى صار من قيادييها.
اقرأ/ي أيضًا: "طوكر تغرق" بعيدًا عن الأضواء
وعقب انتشار التسجيلات الصوتية المسربة المروعة، انقسم الناس بين مصدق ومكذب، فالحركة التي اختارت الكفاح المسلح لصنع واقع جديد في السودان منافحة عن حقوق المهمشين والمقهورين والمغلوبين على أمرهم في كافة ربوع السودان، لا يمكن أن تقدم على اغتيال أحد كوادرها طالب جامعة الخرطوم الذي اختار ترك المستقبل الذي كان في انتظاره في الحياة المدنية للانضمام لجيش التحرير إيمانًا منه بالقضية.
ولكن، وحتى بعد انتشار التسجيلات، لم تقدم حركة جيش تحرير السودان في بيانها الذي نشرته بخصوص القضية؛ ردًا يعالج حيرة المتسائلين عن صحة التسجيلات المسربة، بل اكتفت بالنفي والتكذيب واصفة التسجيلات بالـ"مفبركة" ورامية ناشريها على وسائط التواصل بالـ"متساقطين"، في بيان مراوغ لم يخاطب السؤال الرئيس الذي يشغل الناس، هل حقًا الرفيق فيصل حي؟ أم تم تعذيبه وتصفيته حسب ما تدل على ذلك التسجيلات والأنباء المنتشرة على مواقع التواصل.
وسرعان ما طالب المتفاعلون على مواقع التواصل بأدلة مادية على عدم صحة التسجيلات المسربة، فطالبوا الحركة بدليل يكذب التسجيلات، صورة واحدة حديثة أو مكالمة مباشرة من الرفيق فيصل المشهور وسط أصدقائه ورفاقه بفيصل كونجو، ستكون كافية لنسف كافة الشائعات، فالنفي والتكذيب سهل، ولكن المحك الحقيقي يكمن في الإثبات.
ونشر الماحي شابو تحت وسم "وين فيصل" واصفًا ما أسماه بـ"التسرع في نفي التهمة" بأنه محاولة للتهرب من تحمل المسؤولية، ونصح حركة جيش تحرير السودان بأنه من الأفضل لها التحقيق في الانتهاكات بدلًا عن الإنكار.
أما "محمد صالح" فنشر تحت نفس الوسم مناديًا بالمشاركة في الحملة واصفًا أياها بالواجب، وأشار لإغفال بيان الحركة توضيح مصير فيصل، وأوضح أنه حاول التواصل مع رئيس الحركة المسلحة ولكن لم يتلق أي رد، وزاد بالقول: "إذا كان فيصل حي فالحل هو ظهوره للعلن، أما إذا صحت الجريمة فالمحاسبة الجنائية والأخلاقية لكل من اشترك".
وظهر الناطق العسكري باسم الحركة في لقاء مباشر على قناة الحوش، حيث نفى أنباء التعذيب والتصفيات بنفس أسلوب الإنكار الذي بادرت به الحركة في بيانها، ولكن عند سؤاله عن مصير فيصل، تحجج بسوء الاتصال وقال إنه لم يسمع السؤال، ولم تتحصل قناة الحوش على أي إجابة في هذا الصدد.
سلوك الناطق العسكري للحركة في مقابلته مع قناة الحوش دفع الناشط والكاتب الصحفي "أحمد الشريف" لتسميته بـ"الناكر الرسمي"، ثم وصف في منشور آخر الحملة المنادية بمعرفة مصير فيصل، هي في الحقيقة من معالم التغيير الكبير الحاصل بخصوص مسألة قيمة الدم السوداني وقيمة حياة الإنسان في السودان.
اقرأ/ي أيضًا: "السودان فيضان 2020".. كارثة وطنية وشعب ألِف الصعاب
هذه ليست أولى الاتهامات بحق حركة جيش تحرير السودان، فالسجل الحقوقي والإنساني للحركة مليء بالثقوب. فقد اتهمها تقرير الخبراء الأممي الصادر مطلع هذا العام، بالعديد من الانتهاكات الأكثر ترويعًا، كما لم يمض وقت طويل منذ أن أصدرت البعثة الأممية في دارفور "يوناميد"، بيانًا تتهم فيه قوات الحركة بارتكاب انتهاكات بحق الأبرياء، بل وحتى الانتهاكات الأكثر فداحة، الاغتصاب.
لا يزال مصير الشاب فيصل مجهولًا حتى هذه اللحظة، في ظل انكار من الحركة المسلحة بدون تقديم دليل على وجوده على قيد الحياة
لا يزال مصير الشاب فيصل مجهولًا حتى هذه اللحظة، أما التسجيلات الصوتية المسربة ذات المحتوى الصادم والتي يتداولها المهتمون وأصدقاء الشاب مجهول المصير، فستظل شاهدًا على وحشية الإنسان، تطرح أسئلة على الأحراش لا يجيب عليها إلا الصدى هذه المرة.
اقرأ/ي أيضًا