"طوكر تغرق" بعيدًا عن الأضواء
8 September 2020
تمر مدينة طوكر أقصى جنوب شرق السودان في ولاية البحر الأحمر، بظروف أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها كارثية. فالمدينة البعيدة عن أضواء الإعلام المسلطة على العاصمة والمدن المركزية، تعاني من الفيضان الاستثنائي -حسب تعبير وزارة الري والموارد المائية- لنهر "بركة" الموسمي. و"بركة" كالنيل تمامًا؛ فهو مثلما يهب الحياة لتلك المناطق القاحلة، له القدرة أن يأخذها أيضًا.
تم إعلان حالة الطوارئ في طوكر قبل إعلانها في عموم البلاد نسبةً لحجم الدمار الكبير الذي تسبب به فيضان نهر "بركة" الموسمي
في طوكر كانت الكارثة كبيرة لحد أن اعتبرت حكومة الولاية المنطقة منطقة كوارث طبيعية وأعلنت حالة الطوارئ من قبل حتى أن يتم إعلانها في بقية مدن السودان، فهناك الكارثة كانت حاضرة وبقوة منذ بدايات آب/أغسطس المنصرم، حيث غمرت مياه النهر الموسمي البيوت والمزارع والأسواق في المدينة، وقطعت الطرقات المؤدية إليها.
اقرأ/ي أيضًا: "السودان فيضان 2020".. كارثة وطنية وشعب ألِف الصعاب
وزار والي البحر الأحمر المدينة في مطلع الشهر الحالي، حيث وقف على حجم الفيضان والخسائر البشرية والمادية في المدينة، ليصدر بعدها أمر الطوارئ القاضي بإعلان المدينة منطقة كوارث طبيعية، وناشد إعلام الشرطة في إعلانه أمر الطوارئ، المنظمات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني للإسراع بالقيام بواجبها الإنساني تجاه سكان المنطقة. كما أرسلت الحكومة المواد التموينية والمعينات، بالإضافة لوحدة من التأمين الصحي لتقديم الرعاية الصحية للمتضررين، حسب إفادة لـ"الترا سودان" من مبادرة طوارئ البحر الأحمر.
وسارع أبناء الولاية والمتعاطفين معهم من داخل وخارج الولاية، في الدعوة لجمع التبرعات لإغاثة المدينة التي انقطعت عنها جميع الخدمات وخسرت الكثير لغضبة نهر "بركة" الموسمية المدمرة. فأعادت "مبادرة طوارئ البحر الأحمر 2019" تفعيل نشاطها لإغاثة المتضررين والمحاصرين بالفيضان منذ تموز/يوليو المنصرم، حيث أفادت عضو المبادرة "حرم إدريس عبدالقادر" (32) عامًا في حديثها لـ"الترا سودان"، أن المبادرة الشبابية عاودت نشاطها لإغاثة المتضررين من فيضان بركة في طوكر والمناطق المجاورة مثل مرافيت ودولبياي. وأكدت حرم إنقطاع الطريق من وإلى المنطقة عدة مرات، حيث اضطرت الحكومة إيصال مساعداتها لمنطقة "مرافيت" المجاورة عبر البحر. وقالت حرم إن المياه قد غمرت المدينة بكاملها، بأسواقها ومزارعها وأحيائها، كما أكدت نزوح عدد كبير من السكان لسنكات وبورتسودان وغيرها من المناطق المجاورة.
وسارع الناشطون السودانيون والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي في تلقف المبادرات لتقديم الدعم ولفت الانتباه للوضع الكارثي الذي تمر به المدينة البعيدة المنسية، فكتب "توم منعم" مذيلًا منشوره بوسم "فيضان 2020": "الأوضاع كارثية والدمار كبير بمدينة طوكر بولاية البحر الأحمر بسبب فيضان خور بركة"، وتساءل "توم": "متى سيتحرك الجيش بآلياته وجنوده لإطلاق أكبر عملية إجلاء وإغاثة لسكان مدينة طوكر؟ الحكومة التنفيذية هل وصلكم نداء طوكر؟ الأحزاب والمتهافتين على المناصب أين أنتم من إنسان طوكر؟" وأضاف "توم": "شخصيات المجتمع السوداني؛ طوكر ضمن النطاق الجغرافي للسودان هل تعلمون؟".
من جانبه قدم الناشط "هشام علي" حصرًا سريعًا للأضرار في المدينة، حيث أفاد أنه قد تم رصد ثلاث حالات وفاة، وانهيار (850) منزلًا انهيارًا كليًا، بالإضافة لانهيار (7,415) منزلًا انهيارًا جزئيًا، إلى جانب متاجر مواطنين ومرافق حكومية. وهي الإحصائيات التي أكدتها عضو مبادرة طوارئ البحر الأحمر في حديثها مع "الترا سودان".
أما الناشط عبدالهادي محمود، فكتب محذرًا من موجة جديدة للنهر الموسمي العنيد، ووصف المعلومات القادمة من المنطقة بـ"المخيفة".
من جانبه أكد الناشط "سيد الطيب" أن عدد الأسر العالقة في المنطقة بلغ (5000) أسرة، وشارك عددًا من الصور التي توضح حجم الدمار والخراب بالمنطقة.
وأطلق الصحفي الأمين أوشيك تحذيرًا من أن الأوضاع في المنطقة تسير نحو الأسوأ، موضحًا انعدام المواد الغذائية والتموينية، قائلًا إن الكارثة أكبر بكثير من إمكانيات الولاية.
وحسب الإفادات من سكان المنطقة ومبادرة "طوارئ البحر الأحمر"، بالإضافة للتفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن طوكر المدينة الوادعة في جنوب شرق البلاد، والمناطق المحيطة بنهر بركة الموسمي، تمر بأزمة إنسانية حقيقية منذ أسابيع، مع انقطاع التيار الكهربائي وخدمات الإنترنت والطريق المؤدي للمدينة، والخراب الكبير الذي تسبب به فيضان "بركة".
اقرأ/ي أيضًا: "سلام السودان" على مواقع التواصل
وفي ظل شح الإمكانيات وحجم الكارثة الكبير مع غياب التغطية الإعلامية وقلة ما يمكن أن تقدمه حكومة الولاية بالنسبة لحجم الدمار الذي حل بالمنطقة البعيدة المعزولة، فإن الوضع لا يبشر بخير إطلاقًا.
تنتشر بالمنطقة الحميات الوبائية الموسمية، بالإضافة للأمراض التي سيجلبها الفيضان وتلوث المياه
كل ذلك بالإضافة للمخاوف من تبعات الفيضان البيئية والصحية، حيث تنتشر بالمنطقة الحميات الوبائية الموسمية، بالإضافة للأمراض التي سيجلبها الفيضان وتلوث المياه، مما سيضاعف من أثر الكارثة على إنسان المنطقة البسيط المغلوب على حاله من غضب الطبيعة الجبار في السودان لهذا العام.
اقرأ/ي أيضًا
الكلمات المفتاحية

السودان.. احتفالات واسعة باستعادة سيطرة الجيش على مدني
صخب كبير سيطر على معظم مدن السودان جراء تمكن الجيش السوداني والقوى المتحالفة معه، اليوم السبت، من بسط سيطرته على مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة

الفنان "آدم الشين".. ورحل صوت الفاشر العذب
نعى مستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي الفنان الشاب آدم عبدالله يحيى، الشهير بـ "آدم الشين"، الذي كان يتغنى بالتراث الدارفوري الأصيل

تريند السودان 2024.. ذاكرة المأساة على مواقع التواصل
عندما ابتلعت مياه الفيضان في طوكر معالم المدينة، ووصلت المياه إلى مستويات عالية لا تسمح للمارة بالسير، قطع الطبيب مدثر أحمد طريقه إلى المشفى سباحة

طقس السودان.. أسبوع مطير في معظم أنحاء البلاد
توقعت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، في نشرتها الأسبوعية، تفاوتًا في درجات الحرارة وتوزيع الأمطار خلال الفترة من 15 إلى 21 تموز/يوليو 2025

الأمم المتحدة تحذر: تصاعد القتال والأمطار الغزيرة يُفاقمان الأزمة الإنسانية في السودان
حذّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) من تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان نتيجة تصاعد العنف والنزوح المستمر، بالتزامن مع هطول أمطار غزيرة

منظمة: الحرب دمّرت مركز المايستوما في السودان
قالت منظمة صحية إن الحرب دمّرت البنية التحتية لمركز علاج الأورام الفطرية "المايستوما" في السودان، والذي كان يقدّم خدمات حيوية لآلاف الأشخاص في البلاد والعالم بأسره.

غرفة طوارئ بري تصدر توضيحًا حول شحنة مساعدات غذائية توزع في المنطقة
أصدرت غرفة طوارئ منطقة بري، شرقي العاصمة السودانية الخرطوم، توضيحًا بشأن شحنة المساعدات الغذائية التي يجري توزيعها حاليًا في منطقة البراري، مؤكدة أن مسؤولية الشحنة تعود إلى منظمة نداء الوطنية، وليست من اختصاص مناديب الأحياء.