01-أغسطس-2023
محمد حمدان دقلو حميدتي

قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (Getty)

الاهتمام بالأنباء التي تتحدث عن إصابة قائد الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي" يأخد حيزًا كبيرًا في الأوساط السودانية، خاصة مع استمرار المعارك العسكرية بين الجيش والدعم السريع، فالرهانات كانت على ما يبدو أن "مقتل حميدتي" قد يوقف الحرب في السودان بالحسم العسكري لصالح الجيش مع استسلام القوات، وهي نتيجة خاطئة جدًا وعواقبها خطيرة، فجنود الدعم السريع في حالة موت قائدهم لن يتوجهوا إلى مخازن الجيش لتسليم الأسلحة والعودة إلى المنازل.

خلال ثلاثة أشهر من الاختفاء تعمد الرجل أو معاونوه عدم البوح بأي معلومة عن مصيره وحياته حتى استسلم البعض لفرضية مفادها أن "حميدتي انتهى" في منتصف أيار/مايو الماضي ثم ما لبثوا ينشرون هذه الروايات المجهولة المصدر حتى جاءت تصريحاته لوكالة إيطالية متحدثًا عن شروطه لإيقاف الحرب.

إصابة حميدتي أو موته مسألة مرتبطة بتطور المعارك العسكرية في الخرطوم والولايات المنكوبة بالحرب

وما أن انتصفت المعارك العسكرية في توقيتها حتى تحدثت الأنباء عن اتصال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مع حميدتي حول مفاوضات جدة، تلك المحادثة التي تثبت أن الجنرال المختفي عن الأنظار ربما يستخدم تكتيك الإلهاء والإثارة صارفًا الأنظار عن المعركة الأساسية وهي الحرب التي تلتهم الأخضر واليابس.

لم يستسلم مصمموا الأنباء عن مقتل حميدتي في غارة عسكرية، لتظهر روايات جديدة عن نقله لكينيا طلبًا للعلاج من إصابة أثناء المعارك، وفي تلك الفترة لم يوضح الموقف الرسمي للجيش عن مصير الجنرال الذي يقاتل في الحرب بلا هوادة.

إصابة حميدتي أو موته مسألة مرتبطة بتطور المعارك العسكرية في الخرطوم والولايات المنكوبة بالحرب، وتحدد مصير الحرب نفسها، فلماذا أخفى الدعم السريع الرواية الحقيقية عن السودانيين؟

هناك معسكر يقف إلى جانب فرضية واحدة وهي إصابته بشكل بليغ فقد بسببها القدرة على الحركة والظهور التلفزيوني أو حتى مقاطع الفيديو، لكن هذه الرواية ضعيفة مقارنة مع وضع حميدتي منذ بداية الحرب، حيث تعمد الاختفاء الجسدي والظهور عبر الصوت فقط في القنوات التلفزيونية.

https://t.me/ultrasudan

فعل ذلك مع أكثر من أربع محطات فضائية، ولم يظهر الرجل سوى في مقطع فيديو في اليوم الثاني للحرب وهو في مقدمة مركبة عسكرية تعمد جندي تصويره عبر الهاتف النقال، حيث أشاح حميدتي بوجه عن الكاميرا بعيدًا مع صوت آخر يأمر الجندي بالتوقف عن التصوير. كانت الواقعة حسب الرصد الميداني للعديد من السودانيين على شبكات التواصل الاجتماعي في شارع النيل قريبًا من القصر الرئاسي وخلفه القيادة العامة إلى الشمال في العاصمة الخرطوم.

لا يخفى على أحد أن حميدتي يدير حربه ضد الجيش أو ضد "فلول البشير" كما يقول في خطاباته الإعلامية باستخدام أساليب البدو في الكر والفر، وربما خشي من تصفيته فلجأ إلى التخفي أو العزلة الجسدية عن المعارك مع إيكال العمليات العسكرية إلى شقيقه الجنرال عبدالرحيم وعشيرته المقربين والموثوق فيهم ممن يرون في حميدتي كاريزما لا يستهان بها.

اقرأ/ي أيضًا:
يوميات النازحين

كما أن حميدتي الذي جلس في القصر الرئاسي لأربعة أعوام في منصب الرجل الثاني لمجلس السيادة الرئاسي لا يمكنه الاعتماد على الخيارات المتاحة في حربه الأخيرة نحو تحقيق طموحه السياسي. أضف إلى ذلك تشابكات علاقاته الإقليمية. ومن الوارد أن بعض النصائح قد بذلت أو نقلت إلى الرجل بالاختفاء عن الأنظار مع التحكم في المعارك العسكرية عن بعد، لعل هذه الخطة تجعله متواجدًا في ساحة القتال بتأثيره على الجنود، ويحمي نفسه في ذات الوقت من الضربات العسكرية خاصة مع اعتماد الجيش على الطيران الحربي.

الإجابات على سؤال مصير حميدتي وهل يغير وجوده أو العكس من طبيعة الحرب في السودان، قد تكون متعددة ومفتوحة

في مقطع الفيديو الذي تحدث فيه نهاية الأسبوع الماضي مطالبًا بعزل قيادة الجيش كآخر ظهور له بعد ثلاثة أشهر، استخدم مكبر الصوت وهو يتحدث أمام جنوده على مسافة قريبة. الفرضية الأولى قد تقول إن خطابه لا يعني الجنود أكثر من رسالته إلى الرأي العام والجيش والمجتمع الدولي، لذلك تحدث عبر مكبر الصوت. أما فرضية الشكوك حول مقطع الفيديو التي ادعت استخدام تقنيات ومقطع قديم، فهي ضعيفة لأن المقطع يظهر حميدتي بشكل واضح ومصور في ضاحية من ضواحي العاصمة، إلى جانب الأجواء الصيفية المقترنة مع الخريف حيث تبدو سماء الخرطوم بشكل مغاير ما يعزز من صحة المقطع.

الإجابات على سؤال مصير حميدتي وهل يغير وجوده أو العكس من طبيعة الحرب في السودان، قد تكون متعددة ومفتوحة، وهي في كل الحالات تميل لسيناريوهات أكثر مأساوية، خاصة إذا كان من يدير خيوط اللعبة يتعامل معها مثل رقعة الشطرنج.