18-يونيو-2023
تصاعد الدخان في الخرطوم جراء الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع

تسببت الحرب في أوضاع كارثية في العاصمة والولايات (Getty)

يترقب المجتمع الدولي، خلال ساعات، انطلاق فعاليات مؤتمر المانحين لمعالجة الوضع الإنساني في السودان، والذي أعلنت الأمم المتحدة عقده في التاسع عشر من حزيران/يونيو الجاري، بمشاركة دولية واسعة، استجابة للوضع الكارثي الذي خلفته الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي دخلت قبل أيام شهرها الثالث وخلفت مئات القتلى وآلاف المصابين، وتسببت في نزوح أكثر من (2.2) مليون شخص إلى دول مجاورة.

مؤتمر المانحين الذي من المقرر أن تتشارك مصر مع السعودية وقطر رئاسته، ينعقد استجابة لوضع إنساني مفزع

المؤتمر الذي من المقرر أن تتشارك مصر مع السعودية وقطر رئاسته، ينعقد استجابة لوضع إنساني مفزع، وقد ذكرت وكالات الأمم المتحدة في جنيف، أمس، أن الوضع الإنساني في السودان أصبح "كارثيًا"، إذ أن نحو (25) مليون شخص بحاجة إلى مساعدة عاجلة، ونحو أربعة ملايين طفل وأمهات حوامل أو مرضعات يعانون من سوء تغذية حاد في خضم الصراع المسلح الجاري في البلاد من 15 نيسان/أبريل الماضي. ولقد تدهورت أوضاع المدنيين في السودان بشكل جد خطير في ظل انعدام فرص الحصول على السلع والأدوية والخدمات العلاجية، بينما يشهد السودان شُحًا في المواد الغذائية ويعيش غالب مواطنوه إفلاسًا اقتصاديًا.

ومن المتوقع أن يستعرض مؤتمر المانحين، الوضع الإنساني في السودان، وأن يناقش سُبل تخفيف الآثار المترتبة من الحرب على السودانيين، ويتضمن ذلك منهجيات وآليات توجيه الدعم للشرائح المستحقة له. ومن أكبر التحديات التي تواجه هذا الشأن، انعدام الإرادة السياسية لدى الفرقاء، الذين حاولت الوساطة الدولية في مرحلتها الأولى حثهم على وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية للمواطنين، إلا أن ذلك لم يتحقق عمليًا على الأرض وشابته خروق مستمرة. وبذلك ما تزال حركة منظمات المجتمع المدني والمجموعات الإغاثية ومن يعملون في الصفوف الأمامية، في خطر، مما يشكك في قدرة التنسيق لأي حل إنساني للأزمة السودانية على الأرض.

https://t.me/ultrasudan

إن إحداث أي اختراق في الوضع الإنساني الذي حذرت الأمم المتحدة من دخوله مرحلة "اللاعودة"، يتطلب المزيد من الضغط السياسي لإقناع الأطراف المتحاربة بوضع السلاح جانبًا والالتفات لأهمية إنقاذ الوضع الإنساني. بجانب حسم سؤال آليات توزيع هذا الدعم. وأن يتوافق المشاركون فيه على إستراتيجية تفتح الباب لأن يتحول هذا الاهتمام الدولي إلى واقع معاش يخفف من آثار الحرب الكارثية على المواطن السوداني، وأن يضعوا الضمانات لأن تصل هذه الإعانات لمستحقيها في المناطق المتأثرة وأن تتاح المساحة للمواطنين أنفسهم أن يتحركوا بأمان ويحظوا بالخدمات الإنسانية والصحية المطلوبة دون أن يتعرضوا للمخاطر.

من المهم كذلك، أن تتاح الفرصة للمجتمع المدني السودان أن يُعلي صوته ويقول كلمته، وأن يشارك مع المجتمع الدولي المُنحاز للشأن السوداني في التعبير عن حاجات أصحاب المصلحة، وتحديد الأولويات وآليات التدخل والضغط من أجل المزيد من الدعم للفئات الأكثر تضررًا، والتعبير عن هموم الأقليات. وعلى الرغم من أهمية دور المجتمع المدني في هذا الوضع الإنساني الخطير، فقد غابت المعلومات حول مستوى تمثيل المجتمع المدني السوداني في الحدث الدولي المهم.

إن طبيعة حرب السودان المتغيرة واستخدام أطرافها لتكتيكات غير تقليدية تزيد كل يوم من كُلفة النزاع على المواطن الأعزل

إن طبيعة حرب السودان المتغيرة واستخدام أطرافها لتكتيكات غير تقليدية تزيد كل يوم من كُلفة النزاع على المواطن الأعزل وتقود الوضع الإنساني إلى درجة الانفجار، وربما يرى البعض أنه ربما يتجاوز الانفجار إلى التشظي. ولذلك فإن الآمال معقودة على مؤتمر المانحين، الذي سينعقد صباح الغد، أن يوفر المساحة لتخفيف الآثار الحادة التي خلفتها الحرب، وأن يفتح المجال لحلول إنسانية عاجلة لإنقاذ ما تبقى من الدولة المنكوبة، ولن يتحقق ذلك دون بحث الحل الشامل الذي يُعرف الوضع الإنساني بوضوح، ويضع سُبل الحل على الطاولة بشكل أوضح.