الترا سودان- فريق التحرير
يصر جمال إبراهيم الذي اغتصب أفراد ميليشيا شقيقتيه أمامه في دارفور، على أن السبيل الوحيد للحصول على سلام في الإقليم المضطرب الواقع في غرب السودان، هو تسليم الرئيس المعزول عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية. إذ قال إبراهيم (34 عاما) لوكالة فرانس برس في مخيم "كلمة" الذي يقنطه عشرات الآلاف من الفارين من النزاع في الإقليم منذ سنوات "لبناء سلام في الإقليم لا بد أن يذهب البشير الذي ارتكب جرائم دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية".
جمال إبراهيم: اثنتان من أخواتي اغتصبتا أمام عيني عندما هاجمت الميليشيا قريتنا وأحرقت منازلنا
وأضاف الرجل الذي فر من قريته "مرشينغ" في منطقة جبل مرة أن "رجال الميليشيا هاجموا القرية في 2003" السنة التي اندلع فيها النزاع في الإقليم. وتابع أن "اثنتين من أخواتي اغتصبتا أمام عيني عندما هاجمت الميليشيا قريتنا وأحرقت منازلنا".
وكان النزاع في دارفور اندلع عندما تمرد مسلحون ينتمون إلى أقليات إفريقية على حكومة البشير، مدينة تهميش الإقليم اقتصاديًا وسياسيًا وممارسات عنصرية. وردًا على ذلك، أطلقت الخرطوم مجموعات الجنجويد التي ينتمي أغلبها إلى قبائل عربية ويعني اسمها "الرجل الذي يمتطي جوادًا ويحمل رشاشًا" وخرجت منها ميليشيا تستخدم الخيول والجمال في مهاجمة القرى التي تقطنها مجموعات إفريقية.
اقرأ/ي أيضًا: الجيش السوداني يتهم قوات عبد الواحد بخرق وقف إطلاق النار في دارفور
واتهمت هذه المجموعات باتباع سياسة الارض المحروقة ضد المجموعات الإثنية التي اتهمت بدعم المتمردين، من قتل واغتصاب ونهب وإحراق للقرى. ونتيجة لتلك الحملة أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق عمر البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية وجرائم تطهير عرقي.
وتفيد الأمم المتحدة أن النزاع أوقع 300 ألف قتيل وتسبب في نزوح 2,5 مليون شخص من منازلهم. بينما ينفي البشير الذي أطاحت به الثورة السودانية في نيسان/أبريل الماضي، التهم التي توجهها له المحكمة الجنائية الدولية. وتجري في الخرطوم حاليًا محاكمة الرئيس المخلوع بتهم فساد، لكن ضحايا النزاع في دارفور مثل جمال إبراهيم يريدون محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية. ولم تعلن السلطات الجديدة موقفًا واضحًا من هذه المسألة.
وأشار إبراهيم الى أن والده وعمه أيضًا قتلا عندما أطلق عليهما رجال ميليشيا يمتطون جمالا النار يوم هاجموا قريتهم. وقال لأحد صحافيي فرانس برس في مخيم كلمة "فررنا من قريتنا ... وجئنا إلى هذا المخيم ومنذ ذلك الوقت لم نعد اليها".
ومخيم "كلمة" الواقع بالقرب من مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور هو أكبر المخيمات التي تأوي الفارين من النزاع.
اقرأ/ي أيضًا: نقل رئيس المكتب التنفيذي للنائب العام السابق في ظروف غريبة
وتخترق المخيم طرق ترابية بين منازل طينية بما ذلك المراكز الطبية والمدارس والسوق الذي يباع فيه كل شيء من الملابس إلى الهواتف المحمولة. ويعيش في المخيمات مئات الآلاف من ضحايا نزاع دارفور معتمدين على المساعدات التي تقدمها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
وشاهد صحافي فرانس برس في مخيم كلمة مئات النساء والأطفال يقفون في طوابير يومية للحصول على حصتهم الشهرية من الغذاء. قالت أمينة إبراهيم وهي تتحدث بغضب "من وقت لآخر يطلب منا المسؤولون العودة إلى قرانا، لكن لا يمكننا فعل ذلك لأن آخرين يحتلون أرضنا"، في إشارة إلى الرعاة الذين استولوا على أراض يملكها مزارعون من المجموعات الإفريقية. وأضافت "لن نقبل بأي اتفاق سلام من دون أن تعود إلينا أرضنا، ولن نغادر هذا المخيم قبل أن يؤخذ الذين ارتكبوا الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية".
وأعلنت السلطة الانتقالية في السودان رغبتها في تحقيق السلام في دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ويعقد وفد سوداني بقيادة ضباط في الجيش ومسؤولون حكوميون مدنيون مفاوضات سلام في عاصمة جنوب السودان جوبا مع حركات كفاح مسلح ظلت تقاتل البشير لسنوات في المناطق الثلاث.
اقرأ/ي أيضًا: طلب لرفع الحصانة عن عسكريي السيادي يثير الجدل في السودان
وأعلن رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان الأربعاء الماضي "وقفًا دائمًا لإطلاق النار" لإظهار التزام الحكومة ببناء السلام.
أمينة إبراهيم: لن نقبل بأي اتفاق سلام من دون أن تعود إلينا أرضنا، ولن نغادر هذا المخيم قبل أن يؤخذ الذين ارتكبوا الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية
لكن سكان مخيم كلمة يقولون إنهم "غير مقتنعين" بذلك وقد خرج مئات منهم في تظاهرات ضد مفاوضات جوبا. ويؤكد موسى آدم (59 عامًا) الذي يعيش في منزل طيني في المخيم بعد أن فر من قريته دليج، أنه ليس في وضع يتيح له مسامحة البشير. وقال "سبعة من أفراد أسرتي قتلتهم المليشيات بإطلاق النار عليهم يوم هاجمت قريتنا في 2003". وأضاف "أعرف قادة هذه المليشيات.. وأنا على استعداد للذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية للشهادة ضدهم"، مؤكدا أنه "دون ذهاب هؤلاء المجرمين إلى المحكمة الجنائية الدولية لن يتحقق السلام في دارفور".
اقرأ/ي أيضًا:
النائب العام: سنحقق تطلعات الشعب ونحاسب قتلة الشهداء "قريبًا"